﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(017)سافر معي في المشارق والمغارب

(017)سافر معي في المشارق والمغارب

حوار مع المسلم السويسري الأخ عثمان ماج في المركز الإسلامي بزيورخ:


المركز الإسلامي في زيورخ، الكاتب وعلى يمينه خلدون ضياء الدين السوري رئيس المركز، وأول شخص على اليمين عثمان ماج المسلم

والتقيت في المركز بالأخ المسلم السويسري عثمان ماج، الذي يبلغ من العمر 22 سنة، ويعمل في مكتب تجاري، ويسكن في مدينة خام، وهي تبعد عن زيورخ 35 كيلو متراً، مؤهله ثانوية تجارية.

صلته بالدين قبل إسلامه:

سألته عن دينه السابق؟ فقال: إنه كان نصرانياً اسماً لا اعتقاداً وفعلاً، وتربيته كانت حرة ليست دينية، ولم يتعلم في المدرسة شيئاً عن معرفة الله، ولم يكن مهتماً بذلك، والدروس التي تلقى عن الدين كانت تاريخية، ولم يكن يفكر وهو صغير أن هناك حاجة إلى الدين عندما كان عمره 14 سنة.

متى سمع عن الإسلام وما ذا سمع؟ ولم يكن يسمع شيئاً عن الإسلام أو عن محمد صلى الله عليه وسلم، ولا القرآن. وأول ما سمع عن الإسلام، كان عن طريق الأفلام والقصص عن إيران وغيرها، وكانت هذه المعلومات عابرة لم يرتسم منها في ذهنه شيئ.


المركز الإسلامي في زيورخ

وأول ما سمع سماعاً واعياً عن الإسلام عن طريق الجرائد والأخبار التي تتحدث عن العالم الإسلامي، وعمره 16 سنة ولكنه لم يكن يلقي لذلك بالاً. وأول من دفعه للتفكير في الإسلام، أخته التي تزوجت جزائرياً مسلماً ولم يكن ملتزماً بدينه، ذهبت مع زوجها إلى الجزائر وأسلمت هناك، وعندما عادت أخبرت أسرتها عن الإسلام في الجزائر وتحدثت عن القرآن. وبدأ الأخ عثمان أولاً يفكر في الابتعاد عن الإسلام، نتيجة للتساؤلات التي خطرت على باله، لماذا تلبس أخته الحجاب ولماذا يحرم أكل لحم الخنزير؟

أهم الأسباب التي دفعته إلى الإسلام:

ثم سنحت له فرصة للذهاب إلى الجزائر لمدة ثلاثة شهور، فعاش طبيعة الحياة هناك، ورأى طريقة تعامل المسلمين فيما بينهم، وأكثر ما أثر فيه العلاقة العاطفية بين الناس.

وحصل له في الجزائر ما جعله يعرف أن الله موجود، وكان ذلك قبل سنتين من الآن وعمره عشرون سنة.
كان قريباً من جبال سلسلة الأطلس في الجزائر، وقرر في صباح أحد الأيام الصعود إلى أعلى الجبل، والتقى رجلين من سكان المنطقة، فدلوه على مكان يشرب منه لأنه عطش، واستضافه قروي وأعطاه حلوى وقهوة، وصعد معه إلى أعلى الجبل وذهب.

وبقي عثمان بمفرده، وكان المنظر من حوله جميلاً يأخذ بالألباب، فأثر فيه هذا المنظر وجعله يفكر، ويقارن بين ثقافته وما رآه في الجزائر من ثقافة وعادات، وكان يشعر أنه عمل أشياء كثيرة غير سليمة في حياته ويحس بالذنب.

وكانت نتيجة تفكيره في ذلك أن قال داعياً: يا رب إن كنت موجوداً فأثبت لي وجودك، ثم خلع حذاءه وسجد على الأرض عن شعور، وكانت عنده حيرة بسبب عدم معرفته ماذا يجب أن يعمل. ثم عاد إلى نفسه، وبدأ يعود نازلاً من الجبل وكان الجو جميلاً والأزهار من حوله والشمس ساطعة وإذا غيمة تظله وتمطر عليه، قال: كلما تذكرت هذه القصة أشعر بقشعريرة في بدني.

وشعرت عندئذ بارتياح نفسي عميق وسعادة، قال: وهذه المشاعر تأتيني عندما أكون مع الطبيعة الكونية وبالذات الجبال التي توحي لي بقوة الله وعظمته. وكان ذلك عطاءً من الله، ونطق بالشهادة في الجزائر وحده، ثم عاد إلى سويسرا عن طريق مرسيليا وعندما نطق بالشهادة في الجزائر بينه وبين ربه، قال في نفسه: إذا عدت إلى سويسرا فسأكون مسلماً علناً.

قال: وعندما عدت إلى سويسرا عدت إلى البرودة الخارجية والداخلية ـ يعني برودة الجو وبرودة الروح ـ وكانت أمي على فراش الموت مريضة، ورجعت من أجلها ولأول مرة شعرت ببرودة الناس ـ يعني فقدهم للعواطف الطيبة فيما بينهم ـ وأن كل واحد يهتم بنفسه فقط مقارنة لما وجدته في الجزائر.

وقال: إنه خلال الفترة القصيرة التي قضاها في الجزائر أصبحت الثقافة الإسلامية في صدره، وعندما رجع حاول أن يمارس معنى هذه الثقافة واقعاً في جوّه ومحيطه. ونتيجة لتلك الممارسة قال له أحد أصدقائه: إن هذا الذي حصل لك مجرد أفكار ستدعها وتعود إلى ما كنت عليه، وكان ذلك يشعره بالإحباط والتثبيط.

وحصل ذلك فعلاً، فعاد لشرب الخمر وتعاطي المخدرات وهوى من القمة، وبعد عودته من الجزائر بستة أشهر، فقد كل سعادته وأصبح يحس بالمرارة، قال: ولا يمكن أن تتصوروا هذه الحياة! فالإنسان يعمل ليكسب مالاً يصرفه كل مساء على مائدة الخمور لينسى كل ما حوله، ولا يلتفت إلا لنفسه!. أثر ذلك على عمله وأصبح عنده مشكلات في العمل ومشكلات مالية.

عاش حادثة ثانية وهو في هذه الحالة: سكر سكراً فاحشاً فسمع صوت نفسه يقول له: إن هذه آخر فرصة لك لترجع عما أنت فيه، فإما أن تستفيد منها أو تفقدها، ومن هذا الوقت ترك المنزل والعمل، وأخذ يتدرب على حياة الصبر والتقشف ليعرف المدة التي يستطيع أن يصبر فيها عن شرب الخمر وأراد أن يغادر الجو الذي كان فيه.

وفي بداية هذا العام 1987م أصبح يهتم بأشياء أهم من المطاعم والملذات المادية، وهي التي يهتم بها الناس هنا، فكان اهتمامه منصباً على البحث عن معنى الحياة وقيمتها!. وبدأ يعمل في مدينة: زوغ (ZUG ) وتعرف هناك على عمر هوبر ولد أحمد هوبر، وخلال أسبوعين أو ثلاثة كان عندهما وقت طويل للتحدث عن الأمور الإسلامية بكل تفاصيلها، وفي هذه الفترة أصبح فعلاً يطبق الإسلام ولا زال.

وسألت الأخ عثمان ـ الذي كان يتحدث بعاطفة جياشة ـ بماذا تشبه نفسك قبل الإسلام وبعده؟
فقال: كنت قبل الإسلام على عيني عصابة، وبعده أزيحت عني تلك العصابة فأبصرت. قلت: صدق الله القائل في أمثال هذا الأخ الذي أبصر بعد العمى، وفي غيره من الذين لم يستجيبوا لهدى الله: {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ(19)}[الرعد]. والقائل: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ(201)}[الأعراف]

وقال: إني بعد الإسلام باستخدام حواسي أرى نتيجة أعمالي وأحس بها وأشعر بالنجاح، وكان الأمر عكس ذلك قبل الإسلام. وقال: إني لا أستطيع أن أعبر عن مشاعري، وأرى أن ذلك صعب، ولكني أستخدم حواسي كما أمر الله لمرضاة الله.

قلت له: لو أن العالم كله أسلم كما أسلمت أنت فكيف ستكون حياته في نظرك؟ فقال: الأمر واضح جداً، ستكون الحياة كلها سعيدة وتتحقق الحياة فعلاً، وأهم شيء أنه سوف لا يكون هناك كلام فارغ وإنما أعمال مفيدة.

وسألته عن موقف أسرته من إسلامه؟ فقال: إنهم قبلوا منه ذلك وتسامحوا معه، وإن أمه على وشك أن تسلم. وأما أصدقاؤه فإنهم أصبحوا يبتعدون عنه، وهو يتصل ببعضهم ويستضيفهم عنده ويكلمهم عما يعتقده، ولكنهم لا يفكرون بعمق، لأنهم مشغولون بذواتهم والأغطية لا زالت على عيونهم. قلت: صدق الله القائل:{خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ (7)} [البقرة].

قلت له: هل يسهل على المسلم أن يلتقي غير المسلم ويتذاكر معه أمور الإسلام؟ فقال: نعم ذلك سهل وليس بصعب. وسألته هل يرغب في حضور دورة يتمكن فيها لفترة محددة من تعلم مبادئ الإسلام؟
فقال: إنه يحب ذلك، ولكنه صعب عليه من الناحية المالية، وإذا أخبر بذلك بفترة طويلة قبل انعقاد الدورة فسيحاول.

قلت: وهل عندك استعداد لتواصل الدراسة في جامعة إسلامية؟ فقال: إن هذه أمنية غالية، وهو مستعد أن يقدم استقالته فوراً ويذهب لذلك. قلت له: ولو كان الجو يختلف عن جو بلادك؟ قال: مهما كان.

تنبيه على بعض العبر من قصة إسلام الأخ عثمان:

إن قصة إسلام الأخ عثمان يؤخذ منها أمور وعبر:

أولاً: إن سماعه عن الإسلام كان عن طريق الأفلام الغربية وماذا عسى أن تتحدث الأفلام الغربية عن الإسلام إلا بما ينفر عنه، ثم إنه لم يكن يعي ولا يفكر في الدين من حيث هو.

ثانياً: نفر من الإسلام عندما رأى أخته المسلمة تحتجب. والسبب في ذلك غربة أخلاق الإسلام في بلده، وقد يكون علق بذهنه الهجوم على الإسلام عن طريق بعض الموضوعات ومنها موقف الإسلام من المرأة.

ثالثاً: إن الطبيعة الكونية البعيدة عن المألوف للإنسان في بلاده، تؤثر في مشاعره أكثر من الطبيعة المألوفة، وإن كانت هذه قد تكون أكثر جمالاً من الأولى، ولهذا فإن الضرب في الأرض والسفر يحدث في الإنسان مشاعر قد لا يجدها في بلاده.

رابعاً: إن اطلاع غير المسلم على تصرفات المسلمين الطيبة، يجعله يفكر في دينهم وقد يهتدي بسبب ذلك.

خامساً: الفطرة الكامنة عندما تجد ما يحركها، تدفع صاحبها إلى الاعتراف بعظمة الخالق والخضوع له.
سادساً: الفرق بين بلاد الإسلام ـ مهما ابتعد أهلها عن الإسلام ـ و بلاد الكفر، فقد كان عثمان عنده عاطفة حارة في الجزائر، فلما رجع شعر ببرودة العاطفة كشعوره ببرودة الجو في بلاده، وهبط من القمة إلى الحضيض.

سابعاً: إذا أراد الله هداية الإنسان، جعل فطرته تناديه إلى الله.

ثامناً: إن أصدقاء السوء يثبطون مريد الخير عن الخير.

تاسعاً: المسلم الجديد في بلاده الغرب، في حاجة إلى عناية ورعاية، ولهذا عندما التقى عثمان عمر هوبر ثبت إيمانه.

عاشراً: الكفر فعلاً هو الغطاء المظلم الذي يجعل على العينين الغشاوة، والإيمان هو النور الذي فيه يبصر الإنسان ويذهب عماه.








السابق

الفهرس

التالي


15397096

عداد الصفحات العام

320

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م