محتويات هذا الموقع خلاصة لمسيرة لا تقل عن خمسين عاما، أهمها محطة طيبة
الطيبة مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، التي استغرقت اثنين و أربعين عاما
من حياته، من سنة 1382هـ إلى هذه السنة 1424هـ قضى مدة منها ليست
بالقليلة، في طلب العلم على أيدي علماء يندر اجتماعهم في مؤسسة واحدة.
وعاصر أحداثا خطيرة تحررت فيها شعوب إسلامية من احتلال دول أجنبية معتدية،
وتغيرت فيها دول بانقلابات متوالية، وتعاقب فيها حكام مستبدون على شعوب
مقهورة مسلوبة الإرادة، ونشأت فيها أحزاب متصارعة، وانتشرت فيها مذاهب ومبادئ
متباينة.
وتعرضت فيها بلدان إسلامية لعدوان جديد، فاحتل اليهود بدعم من الدول الغربية
الأرض المباركة وقتلوا كثيرا من أهلها وشردوا كثيرا، حتى أقاموا فيها دولة
طارئة في قلب الأمة الإسلامية في عام 1948م، وهزموا الجيوش العربية التي لم
تكن مؤهلة للقائهم، وتآمرت دول عربية على المتطوعين من شباب الجهاد الذين
نالوا من اليهود ما لم تنله تلك الجيوش الرسمية... فاعتقلوهم وزجوا بهم في
السجون، واغتالوا من اغتالوا وقتلوا من قتلوا من زعمائهم...
ثم هجم اليهود على البلدان العربية المجاورة، فهزموا جيوشها سنة 1967م و
احتلوا أراضي واسعة من مصر ولبنان وسوريا، كما احتلوا قطاع غزة والضفة
الغربية بما فيها القدس الشرقية، بعد أن طردوا الجيش المصري والجيش الأردني
منهما...
وقد اعترفت بعض الدول العربية بالدولة اليهودية اعترافا رسميا ظاهرا، واعترفت
دول أخرى بها اعترافا رسميا تحت مسميات أخرى، واستعدت بقيتها للاعتراف الرسمي
بشروط مرفوضة عمليا من قبل اليهود. والحالة العربية اليهودية غير خافية، فلا
حاجة لمزيد من شرحها.
وغزا الاتحاد السوفييتي الشعب الأفغاني، فقتل وأعاق وشرد الملايين منه، وأتى
فيه على الأخضر واليابس، ولكن رجال الجهاد الأفغان وغيرهم من شباب الإسلام
الذين تقاطروا من كل أقطار الأرض، استطاعوا أن يهزموا تلك الدولة الطاغية،
فخرجت تجر أذيال الهزيمة، ومزقها الله بذلك شر ممزق...
ثم كان ما كان من قلب أمريكا التي استفادت من هزيمة السوفييت ظهر المجن
لأولئك المجاهدين ترتب عليه ما ترتب من آثار سلبية.... وتبع ذلك احتلال
الأمريكان للشعب الأفغاني.
وتسببت أمريكا في ثلاثة حروب في منطقة الخليج، كان من نتائجها احتلال
الشعب العراقي المسلم الذي دمرته بالحصار عشر سنوات، ثم بآلتها العسكرية
اليوم، وأعظم أهداف هذا الاحتلال سيطرة اليهود التامة على المنطقة، بما فيها
نهب الخيرات وإكراه المسلمين على التخلي عن تطبيق ما بقي مطبقا من شريعة الله
في حياتهم.
ولقد نبهت تلك الأحداث العظام كلها بعض علماء الإسلام ودعاته، فشمروا عن ساعد
الجد محذرين ومنذرين أفرادا وجماعات، فأيقظوا بذلك جيل الصحوة الذي انعطف على
دينه كما تنعطف الأم على ولدها، بعد أن ابتعد غالبهم عنه بسبب الجهل
والانقياد لدعاة الإلحاد والفساد... فتفقهوا في دين الله وعملوا بما علموا...
فنفع الله بهذا الجيل الصالح المتفقه في دين الله العامل به هذه الأمة،
فانتشر الإسلام في كل أنحاء الأرض، دعوة وتعليما وتعاونا على البر والتقوى،
وإغاثة للفقراء والمحتاجين، من غذاء ودواء وكساء وغيرها، فكانت صحوة طيبة
مباركة ظهرت آثارها الحميدة في قارات الأرض كلها...
ولكن بعض الشباب غلبت على صحوته العاطفة، ولم ينل حظه الكافي من التفقه في
الدين، لعدم أخذهم العلم على أهله والاكتفاء بما وقع في أيديهم من كتب قديمة
أو حديثة، واعتمدوا على فهمهم الذي لم يبن على قواعد العلوم الإسلامية
وأصولها، ولم يطلعوا على تفاصيل الأحكام وحوارات العلماء وأوجه استدلالاتهم
... فكان لذلك آثاره السلبية على الإسلام والمسلمين....
ولهذا أُشَبِّه هذين الصنفين من شباب الصحوة، برجلين ناما على سطح منزل خلي
من حاجز على أطرافه، فرأى كل منهما أحلاما مخيفة وكوابيس مزعجة، فقام أحدهما
هاربا من شدة الرعب، فسقط من على السطح وأصيب بما أقعده من كسور في جسمه...
وقام الآخر فثبت جالسا، واستعاذ بالله من الشيطان وذكر ربه، وتفل عن يساره،
امتثالا لإرشاد الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم توضأ وصلى ما كتب له ورجع فنام
مطمئن البال ساكن القلب... ذلك من كانت صحوته عاطفية لم يرافقها فقه شرعي...
وهذا من كانت صحوته محكومة بالفقه في الدين:
(من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)
خلال هذه الأحداث، وهذه الأحوال كتب صاحب الموقع المادة التي حواها، من كتب
أو مقالات،
في أوقات متفرقة، قاصدا بها الإسهام في بيان ما اعتقد أنه حق، وأن كثيرا من
المسلمين، وبخاصة شبابهم وشاباتهم، في حاجة إلى الترشيد والتوجيه.
وقد جعل نصب عينيه وهو يكتب الأمن الشامل: أمن الفرد وأمن الأسرة، وأمن
الأمة: أمنها الداخلي وأمنها الخارجي، كما سيظهر للقارئ أو المتصفح...
وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
وسبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
تم إعلانه في يوم الخميس21/7/1424هـ - 1/9/2003م.