﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي

ثانياً: التواضع معه وعدم التكبر عليه:
فإن التواضع مع الخادم يؤنسه ويشعر معه بالطمأنينة وعدم الحرج من العسر والفقر، والتكبر عليه يوحشه ويشعر بسببه أنه محتقر لا قيمة له فيضطرب ويعيش كئيباً حزيناً. وقد ذم الله الكبر والمتكبرين، وأعد لهم عقاباً أليما، كما مدح التواضع والمتواضعين ووعدهم الجزاء الحسن. قال تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}. [الشعراء:215]. وقال في وصف المؤمنين: {..أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ..} . [المائدة: من الآية54]. وقال: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}. [القصص:83]. وعن عياض بن حمار رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد)). [1]. وفي حديث أنس رضي الله عنه قال: "إن كانت الأمة من إماء المدينة، لتأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم، تنطلق به حيث شاءت". [2]. وهنا سؤال وهو: كيف تأخذ الأمة بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم عندما بايع النساء لم تمس يده يد أحد منهن، وقد أقسمت على ذلك الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها. كما روى عنها عروة: إن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية بقول الله: ? يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ?. [الممتحنة: 12]. قال عروة قالت عائشة: فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات، قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قد بايعتك)) كلاماً ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة، ما يبايعهن إلا بقوله: ((قد بايعتك على ذلك)). [3]. ومعلوم أن حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم هو حكم أمته في الإسلام إلا ما دل الدليل على اختصاصه به. وقد بحثت في روايات الحديث السابق "حديث عائشة"، فوجدت النص الآتي: حديث "كان أعف الناس لم تمس يده قط يد امرأة لا يملك رقها أو عصمة نكاحها أو تكون ذات محرم له"... الشيخان من حديث عائشة "ما مست يد رسول الله يد امرأة إلا امرأة يملكها" المغني عن حمل الأسفار: (1/607) مكتبة طبرية لأبي الفضل العراقي؛ وهو كما ترى نسب اللفظ إلى البخاري، غير أني حاولت العثور على الألفاظ الزائدة عما رواه عروة عنها فلم أجده، فهل وجده أبو الفضل في بعض نسخ البخاري التي ليست بين أيدينا، أو كان سبق قلم منه؟ الله أعلم. كما وجدت تلك الألفاظ في كتاب "إحياء علوم الدين" للإمام الغزالي رحمه الله، وهذا نصه: "وأعف الناس لم تمس يده قط يد امرأة لا يملك رقها أو عصمة نكاحها أو تكون ذات محرم منه" حديث "كان أعف الناس لم تمس يده قط يد امرأة لا يملك رقها أو عصمة نكاحها أو تكون ذات محرم له" أخرجه الشيخان من حديث عائشة "ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة إلا امرأة يملكها". [4]. ومعلوم كذلك أن كلمة "الأمة" تشمل الكبيرة والصغيرة غير المشتهاة، فيجوز أن تكون الأمة التي قصدها أنس من الصغيرات، ولا يلزم من قوله: "إن كانت" تكرار ذلك، فيكفي أن يكون رأى ذلك مرة واحدة، وكان لا تقتضي التكرار في كل حال، وإن كان الغالب فيها ذلك. [5]. وكان صلى الله عليه وسلم، يشعر أصحابه رضي الله عنهم، بنفي ما قد يظهر لهم من شبهة قد تخالج نفوسهم مما يخالف ما هو مشروع في حقهم، كما في قصة مشيه مع زوجه صفية ليلاً. فقد ذكر علي بن الحسين أن صفية رضي الله عنهما أخبرته بأن كان النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد وعنده أزواجه فَرحْن، فقال لصفية بنت حيي: ((لا تعجلي حتى أنصرف معك)) وكان بيتها في دار أسامة، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم معها فلقيه رجلان من الأنصار فنظرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم أجازا، وقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: ((تعاليا إنها صفية بنت حيي)) قالا: سبحان الله يا رسول الله! قال: ((إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وإني خشيت أن يلقي في أنفسكما شيئاً)). [6]. ولا شك أننا في حاجة إلى تأويل حديث أنس بما ذكر من الروايات في كتاب المغني عن حمل الأسفار، وكتاب إحياء علوم الدين، وإن لم تصح تلك الروايات، حفاظاً على القاعدة العامة التي دلت عليها النصوص الأخرى من مساواة الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته، إلا ما دل عليه دليل واضح، كقصة الواهبة نفسها له كما في سورة الأحزاب آية: (50). ومما يرجح هذا التأويل لحديث أنس ما علم من أنه إذا وجد ما ظاهره التعارض بين حديثين، أحدهما في الصحيحين، والآخر في أحدهما رجح ما في الصحيحين. والله أعلم ومن الأحاديث الزاجرة عن الكبر وترك التواضع، حديث حارثة بن وهب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ألا أخبركم بأهل النار، كل عتل جواظ مستكبر)). [7].
1 - مسلم (4/2198)
2 - البخاري (7/90)
3 - صحيح البخاري (4/1856) دار ابن كثير اليمامة بيروت، وصحيح مسلم دار إحياء التراث العربي بيروت (3/1489)
4 - إحياء علوم الدين (2/359) دار المعرفة بيروت
5 - راجع شرح ابن دقيق العيد لحديث: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ غَسَلَ يَدَيْهِ..." في كتابه: إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام
6 - صحيح البخاري(2/717) و صحيح مسلم (4/1712)
7 - البخاري (6/72) ومسلم (4/2190)



السابق

الفهرس

التالي


Error In Connect