﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي

ثورات المسلمين ضد ظلم المانشو:
فلما شعر المسلمون بظلمهم في المناطق الصينية وباحتلال أرضهم في (تركستان الشرقية) قاموا بعدة ثورات في مناطق مختلفة من الصين: [1]. الثورة الأولى: وقعت في شمال غرب الصين في (لانتشو): وكان سبب قيام الحرب بين المسلمين وجيش الحكومة نزاع نشأ بين طائفتين، طائفة ترى الجهر بالقرآن الكريم، وأخرى ترى اعدم الجهر به، فاقتتلتا قتالاً سقط في قتلى وجرحى من الجانبين، [2]. وكان ذلك سنة 1781م واستدرج الحاكم الصيني أحد الزعيمين واغتاله، فهب أتباعه للثأر له، ويقال: إن المسلمين تحصنوا، وعندما رأوا الجيش الحكومي يهاجمهم ولا يدان لهم به، ألقوا بأنفسهم في النار. الثورة الثانية كانت في منطقة (شيفانباو): وهي امتداد لقضية (لانتشو) السابقة، ذلك أن المسؤولين في الدولة استمروا في التحقيق مع طائفة "الجهرية" وأذلوهم، فقام زعيم الطائفة الجديد بتدريب المسلمين على السلاح سنة 1783م، وشعر الحكام بذلك، فهاجموهم وحصلت بينهم جميعاً خسائر فادحة، فقام بعض زعماء المسلمين بجمع الجماهير الإسلامية وهجموا على القوات المنشورية، وسيطروا على بعض المدن، ولكن تعزيزات الجيش كانت قوية، لذلك مالوا على المسلمين واستأصلوهم، مخلفين وراءهم نحو خمسة آلاف من النساء والأطفال بلا عائل.! [3]. الثورة الثالثة: قام بها زعيم مسلم يدعى (جهانكير): في جنوب (تركستان) من سنة 1820 ـ 1827م انتهت بهزيمة المسلمين والقبض على زعيمهم، وإرساله إلى بكين العاصمة، حيث قضى بقية عمره في صمت مطبق،لم يجرؤ على كشف أعمالهم الوحشية التي ارتكبوها في حق المسلمين. [4]. الثورة الرابعة: كانت في منطقة (يونان) في أقصى جنوب الصين: وكانت ثورات، وليست ثورة واحدة، وقد استمرت ـ متقطعة ـ من سنة 1818م إلى سنة 1873م، وقد فتك المنشوريون في بعض المعارك بستمائة عائلة، وكان أشدها في سنة 1856م، حيث ذهب ضحيتها ما لا يقل عن مليون، وقد سماها بعض الكتاب الصينيين (يوم مجزرة المسلمين) وعنون لها بعد ذلك بقوله: (قامت القيامة الكبرى في الولاية). وهذه المنطقة هي التي عُيِّنَ فيها (السيد الأجل) ـ وهو من أهل البيت ـ حاكماً عاماً فيها في عهد أسرة (يوان)، ويكثر فيها عدد المسلمين، وكثير منهم من نسل العرب. [5]. الثورة الخامسة: كانت في (شانسي) و(قانصو): [6]. بدأت المعركة في شانسي، سنة 1862م، قام بالثورة مسلم يدعى (شنوو) يقال: إنه كان ممن اشترك في ثورة المسلمين في يونان سنة 1856م، فقد قاد آلافاً من أتباعه في شانسي ـ بعد أن قَتَلَ مندوبَ الحكومة ـ وطوق بهم عاصمة المنطقة (سيآن)، ولكن الدولة بعثت قائدين عاتيين من قوادها بجيش قوي، ودارت المعارك بينهم وبين المسلمين الذين يقل عددهم وتَشِح عُدَّتُهم، فقُتِل منهم عدد كبير، وطلبوا النجدة من إخوانهم في (قانصو) فأنجدوهم بمحاربين أسهموا في إنزال خسائر فادحة في المنشوريين، ولكن قوة الحكومة كانت فوق طاقتهم ففر من بقي منهم إلى (قانصو). وأخذت القوات المنشورية تهاجم المسلمين في مقاطعة (قانصو) التي كان يقود الدفاع عنها القائد المسلم (ماهوا لونج) وأبلى المسلمون في تلك المعارك بلاء حسناً، وقتل منهم عدد كبير، كما كَبَّدُوا الأعداء خسائر فادحة، ولكنهم خسروا المعركة في النهاية لتفوق العدو في العَدَد والعُدَد، واضطر البطل المسلم للاستسلام، محاولاً لدى قائد جيش الدولة الرأفة بالمسلمين، فقتله قائد الجيش، وكان ذلك في سنة 1870، وبذلك انتهت مقاومة المسلمين في شانسي وقانصو التي استمرت ثماني سنين. [7]. السبب الثامن: خذلان القوي من المسلمين الضعيف منهم، وإسلامه لعدوه وعدم نصرته: فقد كان المسلمون في (شانسي) و(قانصو) في أشد الحاجة إلى نجدة إخوانهم المسلمين في (تركستان) بعد انتصار (يعقوب بيك) واستقلال دولته مدة ثلاثة عشر عاماً، فلم ينفروا لمساعدتهم، فكانت النتيجة أن سحقتهم القوات المنشورية، ثم زحفت على تركستان فأنزلت بأهلها الويلات واستولت عليها. [8]. ولا زال المسلمون فيها يتجرعون غصص ذلك الاستيلاء البغيض إلى هذه الساعة. السبب التاسع: اختلاف المسلمين وتنازعهم الذي أدى إلى فشلهم: [9]. إن من شروط نصر المسلمين على عدوهم، اعتصامهم بحبل الله، أي اجتماع كلمتهم على الحق، وأن يكون جهادهم لرفع راية الإسلام، وأن يعدوا لجهاد عدوهم العدة المستطاعة، ولست هنا في مقام الحديث عن عوامل نصر الله لعباده المؤمنين على أعدائه الكافرين، وعوامل الهزيمة، فهذه لها بابها المناسب لها. [10]. وإنما أريد ـ هنا ـ التنبيه على أن من أهم أسباب هزائم المسلمين تنازعهم المؤدي إلى فشلهم، كما قال الله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }. [الأنفال: 46]. وقد كان هذا السبب من أهم الأسباب التي أنزلت الهزائم بالمسلمين في الصين في بعض معاركهم مع عدوهم، مع قلة عددهم وضعف استعدادهم. [11]. وقد استغل عدو المسلمين بعض ضعاف النفوس منهم، عن طريق الوظائف واستعان بهم على إخوانهم. [12]. وإن المتأمل في حياة المسلمين، لَيرى أن أعداءهم لم يذلوهم ويستعبدوهم، إلا بسبب تفرقهم وصراعهم فيما بينهم، الدال على الضعف الشديد في إيمانهم وقلة صلتهم بربهم، وفقد إحساسهم بحياة الذل والهوان، وحياتنا اليوم خير شاهد على هذا الخطب الجلل. كتبت هذه السطر في يوم الأحد بتاريخ 5/11/1416هـ ـ 24/31996م، ومئات المسلمين شباباً وشيباً، رجالاً ونساءً وأطفالاً يساقون إلى معتقلات اليهود وسجونهم ليعذبوا حتى يموت بعضهم تحت التعذيب، بتهم كاذبة على كثير منهم، أو لقرابتهم ممن يدافعون عن وطنهم وحرماتهم ومساجدهم وعلى رأسها بيت المقدس، أو لصلة بعضهم بأولئك المجاهدين، ولا ذنب لهم إلا أنهم آباء أو أمهات، أو إخوان أو أخوات، وهو نقيض ما تقضي به شرائع الله كلها، ونقيض القوانين البشرية وما يُدَّعَى أنه حقوق الإنسان في هذا العصر، ويُخْرِجُ اليهود الأسر من منازلهم ويجمعون جيران الأسر التي يخرجونها بقوة السلاح من بيوتهم ويَقِفونهم في مكان يشرف على تلك المنازل، ثم يهدمونها بالمتفجرات، ولا يقدر أحد يعارضهم إلا أطفال المسلمين الذين يضجون بالتكبير ويرمون أعداء الله بالحجارة. ومع إخراجهم من ديارهم وهدمها يُعِدُّ اليهود العدة لطردهم من بلادهم إلى خارجها ليزيدوا من عدد المشردين منهم في الأرض. وحكام الشعوب الإسلامية يتصارعون فيما بينهم ويهرولون إلى اليهود وأعوانهم من الصليبيين المعاصرين، ليمنحوهم الاعتراف الشرعي باغتصاب الأرض وتدنيس الأقصى. وطلاب الكراسي والجاه والعلو في الأرض على إخوانهم الفلسطينيين، مع الذل والاستخذاء لليهود ينفذون أوامر اليهود باعتقال المجاهدين وسجنهم وإفزاعهم في منازلهم هم وأسرهم في جوف الليل. تُرَى لو اجتمعت كلمة حكام المسلمين على الحق، واجتمعت كلمة الفلسطينيين على الحق، ووقفوا صفاً واحداً للدفاع عن حقهم، أيستطيع يهود ومن والاهم أن يعيثوا هذا الفساد في أرض الميعاد؟! وسيعيثون غداً فساداً في كل بلدان المسلمين..!!! ثم ها أنا أرتب هذه الرحلة في الكمبيوتر مرة أخرى وأصححها، في يوم الخميس الثالث من شهر شوال، لعام 1424هـ ـ 27 نوفمبر لعام 2003م، وقد اشتدت الحملة الصهيونية الصليبية على المسلمين في كل أنحاء العالم وقد احتلت أمريكا أفغانستان والعراق، وهي تحشد جيشها وأسلحتها ومخابراتها وعملاءها في كل الأقطار الإسلامية، آمرة ناهية تريد تغيير خارطة العالم سياسياً ودينياً وعسكرياً وإعلامياً واقتصادياً، بحجة أن ينعم العالم بجنة الحرية والديمقراطية، مع أن أمريكا تمارس استعباد العالم والسيطرة عليه بغير وجه حق... ومرة أخرى أقول: لو اجتمعت كلمة المسلمين على الحق لما أصيبوا بهذا الاستعباد والقهر...
1 - في تسمية بعض تلك الحروب التي حصلت بين المسلمين وجيش الدولة ثورات تجاوز، ومنها حادثة (لانتشو) كما هو واضح
2 - سيأتي التعريف بهاتين الطائفتين في الكلام على مذهب المسلمين في الصين وطرقهم الصوفية
3 - تاريخ المسلمين في الصين (ص: 65 ـ 68)
4 - تاريخ المسلمين في الصين في الماضي والحاضر (ص: 59 ـ 63)
5 - تاريخ المسلمين في الصين (ص: 88 ـ 95)
6 - تقع في وسط الصين، وهي إلى الشرق أقرب، وعاصمتها سيآن، عاصمة الصين القديمة، وقانصو تقع في شمال غرب الصين، إلى الشرق من ولاية تركستان الشرقية (سينكيانج)
7 - تاريخ المسلمين في الصين (ص: 68 ـ 72)، وراجع كتاب الشخصيات الإسلامية البارزة في الصين (107) وما بعدها، إعداد يوسف لي هوا سن ـ دار النشر باللغات الأجنبية ـ بكين، الطبعة الأولى سنة 1993م
8 - تركستان الصينية (ص: 48) ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت، محمود شاكر
9 - وهو من أهم أسباب هزائم المسلمين
10 - وقد فصلت القول فيها في كتابي: الجهاد في سبيل الله ـ حقيقته وغايته (2/ 96) وما بعدها
11 - تاريخ المسلمين في الصين (ص: 93)
12 - تاريخ المسلمين في الصين (ص: 59)، وحاضر العالم الإسلامي (2/ 228، 229، 253) لشكيب أرسلان ـ الطبعة الثالثة، 1391 هـ ـ 1971م ـ در الفكر. وحاضر العالم الإسلامي ومشكلاته المعاصرة (ص: 571) ـ جميل المصري



السابق

الفهرس

التالي


Error In Connect