﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي

المبحث الثالث: التزام السعي المشروع في طلب المال وكسبه :
وفي هذا المبحث فرعان: الفرع الأول: كسب الرجل بعمله المباح: ما أكثر توجيهات القرآن الكريم والسنة النبوية إلى وسائل تملك المال والإرشاد إليها، وأساسها العمل الذي يقوم به الإنسان فينال مقابله ما يَسَّر الله له من رزقه، وهو يشمل كل نشاط مباح يقوم به. قال تعالى: ?الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الربَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الربَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرمَ الربَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ ربِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ?. [البقرة: 275]. فالبيع والشراء من أهم مصادر الرِّزق، وفيهما بركة عظيمة كما سيأتي، ويدخل في ذلك كل أنواع التجارات. كما قال تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ولا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ ربَّهُ ولا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رجُلَيْنِ فَرجُلٌ وَامْرأَتَانِ مِمَّنْ تَرضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّر إِحْدَاهُمَا الأُخْرى ولا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ولا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى ألا تَرتَابُوا إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارةً حَاضِرةً تُدِيرونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ألا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ ولا يُضَار كَاتِبٌ ولا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ?. [البقرة: 282]. وأَمَر الله سبحانه وتعالى المؤمنين الذين تجب عليهم الجمعة بترك البيع والتجارة في وقت أداء العبادة المفروضة عليهم، وذمَّ من يشتغل بهما في ذلك الوقت، وأذن لهم بعد أداء عبادتهم ـ في وقت قصير ـ بالانتشار لطلب الرزق الذي هو من فضل الله سبحانه وتعالى، فوقت البيع والشراء متسع قبل العبادة وبعدها.. قال تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْر اللَّهِ وَذَروا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْر لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصّلاةُ فَانْتَشِروا فِي الأَرضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُروا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رأَوْا تِجَارةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَركُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارةِ وَاللَّهُ خَيْر الرازِقِينَ?. [الجمعة: 9-11]. قال القرطبي، رحمه الله: "قوله تعالى: ?وَذَروا الْبَيْعَ? منع الله عز وجل منه عند صلاة الجمعة، وحرَّمه في وقتها على من كان مخاطباً بفرضها. وخصَّ البيع لأنه أكثر ما يشتغل به أصحاب الأسواق، ومن لا يجب عليه حضور الجمعة فلا ينهى عن البيع والشراء". [1]. وقال عند تفسير قوله: ?فَإِذَا قُضِيَتِ الصّلاةُ فَانْتَشِروا فِي الأَرضِ?: هذا أمر إباحة، كقوله تعالى: ? وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ?. [المائدة: 2]. يقول: إذا فرغتم من الصلاة فانتشروا في الأرض للتجارة والتعرف على حوائجكم. ?وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ? أي من رزقه وكان عراك بن مالك إذا صلى الجمعة، انصرف فوقف على باب المسجد فقال: اللهم إني أجبت دعوتك وصليت فريضتك، وانتشرت كما أمرتني، فارزقني من فضلك، وأنت خير الرازقين". [2]. وقال سبحانه وتعالى: ? وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ? فيه إباحة الصيد لمن أراده، وهو يشمل كل حيوان مباح. وقال سبحانه: ?أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْر وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارةِ وَحُرمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَر مَا دُمْتُمْ حُرمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرونَ?. [المائدة: 96]. وإذا كان الصيد في الماضي غير مربح كثيراً، فإن وسائل الصيد التي استحدثت في البر والبحر، جعلته اليوم من أهم التجارات العالمية كما هو معروف. ومن أهم المكاسب الصناعة بجميع أنواعها المباحة. والصناعة ذات خطر عظيم تتقدم به الأمم التي تهتم بها وتزاولها، وتسيطر بها على سواها من الأمم الخاملة التي يستولي عليها الكسل. وقد نعى القرطبي رحمه الله على من يدعو إلى الخمول وترك اتخاذ الأسباب، فقال في تفسير قوله تعالى عن داود عليه السلام: ?وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرونَ?. [الأنبياء: 80]. "هذه الآية أصل في اتخاذ الصنائع والأسباب، وهو قول أهل العقول والألباب، لا قول الجهلة الأغبياء، القائلين بأن ذلك إنما شُرع للضعفاء، فالسبب سنة الله في خلقه، فمن طعن في ذلك فقد طعن في الكتاب والسنة، ونسب من ذكرنا إلى الضعف وعدم المنة. وقد أخبر الله تعالى عن نبيه داود عليه السلام أنه كان يصنع الدروع، وكان أيضاً يصنع الخوص، وكان يأكل من عمل يده، وكان آدم حراثاً، ونوح نجاراً، ولقمان خياطاً، وطالوت دباغاً، وقيل سقَّاء. فالصنعة يكف بها الإنسان نفسه عن الناس، ويدفع بها عن نفسه الضرر والبأس". [3]. واللبوس آلات الحرب، والمراد به هنا الدروع. وقال تعالى: ?وَمَا أَرسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرسَلِينَ إِلا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرونَ وَكَانَ ربُّكَ بَصِيراً?. [الفرقان: 20]. قال القرطبي، رحمه الله: "هذه الآية أصل في تناول الأسباب وطلب المعاش بالتجارة والصناعة وغير ذلك". ثم شنَّ الحملة على بعض مشايخ زمانه، والظاهر أنه يقصد بهم بعض الصوفية المتواكلين الذين يربون الناس على ترك الأسباب زعماً منهم أنهم متوكلون. ونجد غالبهم يتناولون لقمة عيشهم ممن يتصدق عليهم. وساق رحمه الله الأدلة على مباشرة الأنبياء الأسباب والحرف، فراجعه إن شئت. [4].
1 - الجامع لأحكام القرآن (18/107)
2 - الجامع لأحكام القرآن (18/108-109)
3 - الجامع لأحكام القرآن (11/320-321)
4 - الجامع لأحكام القرآن (13/14-16) وأشار إلى عنوان كتاب له في هذا الباب: "قمع الحرص بالزهد والقناعة، ورد ذل السؤال بالكسب والصناعة"



السابق

الفهرس

التالي


Error In Connect