﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي

المبحث الثاني: تعاون الزوجين على تربية الأولاد.
من سنن اللّه الكونية أن يتناسل الخلق، ليبقي الجنس والنوع على وجه الأرض ولا ينقرضا، ومع كون ذلك من سنن اللّه الكونية، فهو مطلوب شرعاً من الإنسان، الذي كلَّفه اللّه تعالى عمارة الأرض، ومن هنا كان حفظ النسل من الضرورات التي لا حياة مستقرة بدونها للبشر. وقد شرع اللّه تعالى الترغيب في النكاح، وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم به أمراً حمله بعض العلماء على الوجوب بالنسبة للقادر كما في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم شباباً لا نجد شيئاً فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)). [1]. وحذَّر صلى الله عليه وسلم من رغب عن النكاح تحذيراً شديداً، وجعل ذلك رغبةً عن سنته، وأن الراغب عن سنته ليس ممن سلك نهجه واتبع سنته واقتدى به، كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، يقول جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أُخبروا كأنهم تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟! أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)). [2]. ورغَّب في كثرة الذرية وأمر بتزوج المرأة التي يكثر منها النسل فقال صلى الله عليه وسلم: ((تزوَّجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم)). [3]. وأنكر اللّه تعالى أشد النكير على من يقتل الأولاد خشية الفقر أو خشية العار، كما قال تعالى: {ولا تقْتُلُوا أولادَكُمْ مِنْ إمْلاقٍ نحْنُ نرْزُقكُمْ وَإياهُمْ}. [الأنعام: 151]. وإذا كان حفظ النسل ضرورة من الضرورات البشرية، والشرعية لتحقيق عمارة الأرض مادياً ومعنوياً كما أراد اللّه تعالى، فإن عمارتها التي أرادها اللّه، لا تكون إلا من ذوي الصلاح والهُدى الذين يصلحون في الأرض ولا يفسدون، فقد وجب على الزوجين الصالحين أن يقوما بتربية أبنائهما تربية إسلامية تجعلهم من أهل الصراط المستقيم، بكل الوسائل التي توصل إلى ذلك، تربية الجسم بالغذاء والتنظيف والحفظ، وتربية العقل بالفكر والتعليم، وتربية الروح بالطاعة والعبادة، تلقينا وقدوة. والقدوة في تربية الصغار أهم من غيرها بكثير، فإن القدوة التي ينشأ فيها الطفل، هي التي تحدد نشاطه وتصرفاته واتجاهاته في مستقبل حياته في الأعم الأغلب، بإذن اللّه؛ لأن ما يثبت في نفسه في صغره، وينمو معه في منزل أبويه يُصبح عادة متمكنة فيه، يصعب تغييرها، لذلك كان الواجب على الوالدين أن تكون تصرفاتهما كلها قدوة حسنة لأولادهما، مع التوجيه النظري والتعليم، وإذا ساءت القدوة لم ينفع التعليم، فإن الفعل يتمكن في النفس أكثر من التعليم، وبخاصة نفس الصغير الذي وُلد على الفطرة، فإنه يعتاد على ما يشاهد من الأفعال، وما يسمع من الأقوال، لا سيما إذا كثرت أمامه حتى أصبحت عادة. ولهذا ذكَّر اللّه المسلمين بأهمية القدوة الحسنة في رسولهم صلى الله عليه وسلم، وبيَّن لهم ما يعينهم على الاقتداء به، فقال: {لَقَد كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّه أسْوَةٌ حَسنَة لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللّه وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ الّله كَثيرا}. [الأحزاب: 21]. وكان صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه بالقول والفعل، الذي يعتبر المظهر الأول للقدوة، فقال في الاقتداء به في الصلاة: ((صَلّوا كما رأيتموني أصلي)). [4]. وقال في الاقتداء به في الحج: ((خذوا عني مناسككم)). [5]. قال الأستاذ محمد قطب: "ومرة واحدة من القدوة السيئة تكفي، مرة واحدة يجد أمه تكذب على أبيه، أو أباه يكذب على أمه، أو أحدهما يكذب على الجيران، مرة واحدة، كفيلة بأن تدمر قيمة الصدق في نفسه، ولو أخذا كل يوم وساعة، يرددان على سمعه النصائح والمواعظ والتوصيات بالصدق، مرة واحدة كفيلة بأن تدمر قيمة الاستقامة في نفسه، ولو انهالت إلى سمعه التعليمات، مرة واحدة يجد في هؤلاء المقربين إليه نموذجاً من السرقة، كفيل بأن تدمر في نفسه قيمة الأمانة.. وهكذا في كل القيم والمباديء التي تقوم عليها الحياة الإنسانية السوية". [6].
1 - الحديث في الصحيحين وغيرهما، وراجع المحلى، لابن حزم (9/440)
2 - الحديث في الصحيحين
3 - أبو داود، وهو في جامع الأصول (11/428)
4 - متفق عليه وهو في جامع الأصول (5/576)
5 - مسلم وأبو داود، وهو في جامع الأصول (3/285)
6 - انظر منهج التربية الإسلامية (2/118) مع تصرف يسير



السابق

الفهرس

التالي


Error In Connect