الإِعْسَارُ بِالدَّيْنِ وَالنَّفَقَةِ: إذَا عَجَزَ الزَّوْجُ عَنْ الإِنْفَاقِ عَلَى زوجه لإِعْسَارِهِ, وَطَلَبَتْ التَّفْرِيقَ بِنَاءً عَلَى عَجْزِهِ عَمَّا وَجَبَ لَهَا وَلَوْ بِمَا تَنْدَفِعُ بِهِ الضَّرُورَةُ, فَهَلْ يُعْتَبَرُ الإِعْسَارُ بِالدَّيْنِ وَالنَّفَقَةِ عُذْرًا لِعَدَمِ تَلْبِيَةِ طَلَبِهَا؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ:
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، إلَيَّ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ لإِعْسَارِ الزَّوْجِ وَعَجْزِهِ عَنْ النَّفَقَةِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّ الإِعْسَارَ بِالدَّيْنِ وَالنَّفَقَةِ لَيْسَ عُذْرًا, فَلا يَجُوزُ لِلْقَاضِي التَّفْرِيقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ إذَا عَجَزَ الزَّوْجُ عَنْ النَّفَقَةِ, وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَابْنِ شُبْرُمَةَ وَابْنِ يَسَارٍ, وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ, وَالثَّوْرِيِّ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى, وَحَمَّادِ بْنِ سُلَيْمَانَ, وَالْمُزَنِيِّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ; لأَنَّ الْعُسْرَ عَرَضٌ لا يَدُومُ, وَالْمَالُ غَادٍ وَرَائِحٌ; وَلأَنَّ التَّفْرِيقَ ضَرَرٌ بِالزَّوْجِ لا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ, أَمَّا عَدَمُ الإِنْفَاقِ فَهُوَ ضَرَرٌ بِالزوج يُمْكِنُ عِلاجُهُ بِالاسْتِدَانَةِ عَلَى الزَّوْجِ , فَيُرْتَكَبُ أَخَفُّ الضَّرَرَيْنِ.
والذي يظهر من أصول الشريعة أن لها الحق في مفارقته، إذا لم يستطع الإنفاق عليها دفعاً للضرر عنها.
وقد روى ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض)). [1].
ومعلوم أن حرمة الآدمي أعظم من حرمة الحيوان. وقد ورد في السنة ما يدل على ذلك. [2].
|
|