﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي

الأسرة في أول البعثة النبوية:
عندما نزل القرآن الكريم على رسوله صلى الله عليه وسلم بهذا الدين، كان للناس الذين بعث فيهم عادات ومعاملات يتعاطونها فيما بينهم، وكان المسلمون مرتبطين بالمجتمع الجاهلي ارتباطاً أسرياً واجتماعياً واقتصادياً، وكان من الصعوبة بمكان أن يطلب منهم فك ذلك الارتباط جملة واحدة. والله تعالى يعلم ما جبلت عليه النفوس، من حب العوائد والتمسك بها والدفاع عنها، ويعلم تعالى أن التكليف بالأحكام الشرعية التي لم يألفها الناس، يحتاج إلى تدرج، وأن السبيل إلى قبولهم ذلك التكليف ـ سواء كان فعلاً لم يألفوه، أو ترك فعل قد ألفوه ـ إنما يكون بغرس الإيمان الصادق القوي بالله في قلوبهم، والإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم وطاعته، والإيمان باليوم الآخر، وبالتدرج في التشريع، فإذا ما ثبت ذلك في نفوسهم أذعنوا لأمر الله ونهيه وانقادوا، فأطاعوا الأمر، وتركوا النهي، طمعاً في رضا الله تعالى. ولهذا بدأ الإسلام بهذا الأساس، فنزل القرآن يدعو الناس إلى الإيمان بالغيب الذي يشمل الإيمان بالله تعالى وعبادته، والإيمان برسوله وطاعته، وعدم طاعة كل من خالفه، والإيمان بالوحي المنزل من عند الله الذي هو منهج حياة البشر، والإيمان باليوم الآخر الذي فيه البعث والعرض والجزاء والحساب والثواب والعقاب، ودخول الجنة أو النار. واستمر الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو إلى هذا الأساس، وترك كل ما يخالفه ثلاثة عشر عاماً، ولم يكن يدعو إلى أحكام شرعية أخرى إلا القليل منها، مما يعتبر أصولاً عامة للأحكام التفصيلية الكثيرة التي شُرِعت فيما بعد، ومن الآداب والأخلاق العامة التي اتفقت على حسنها الأمم، كالصدق والأمانة وصلة الأرحام. لذلك كان الناس يتعاملون فيما بينهم بما ألفوا واعتادوا من عادات اجتماعية واقتصادية وغيرها. ومن ذلك الزواج، فكان المسلم يتزوج الكافرة والمشركة، والكافر يتزوج المسلمة الطاهرة، وكانوا يشربون الخمر، ويأكلون لحم الميتة، ويتعاملون بالربا، ويتعاطون الميسر، وبقي كثير من تلك العادات والمعاملات على حالها، ولم تبطل إلا بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، بل بقي بعضها معمولاً به في المدينة، مثل التبني الذي لم يبطل إلا في سنة خمس من الهجرة، ومثل التزاوج بين المسلمين والمشركين الذي لم ينزل تحريمه إلا بعد صلح الحديبية كما سيأتي. وقد ذكر العلماء أن ذلك من حكمة الله تعالى في إنزاله القرآن منجماً على رسوله صلى الله عليه وسلم، ولم ينزله دفعة واحدة، كما قال تعالى: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً}. [1]. وقد أشارت عائشة رضي الله عنها إلى هذه الحكمة، فقالت: "إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل، فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيء: لا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبداً، ولو نزل: لا تزنوا لقالوا: لا ندع الزنا أبداً، لقد نزل بمكة على محمد صلى الله عليه وسلم، وإني لجارية ألعب: {بَلْ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} وما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده". [2]. وهنا في المدينة النبوية، صار للمسلمين أرض يعيشون عليها أعزة، جمع الله فيها كتيبتي الإسلام من المهاجرين والأنصار، فأصبحوا قوة تتولى شؤون الدولة الإسلامية الناشئة، ينفذون أمر الله. وبدأ القرآن الكريم ينزل على الرسول صلى الله عليه وسلم بالأحكام الشرعية في تدرج إلى أن أكمل الله دينه الذي ارتضاه لنا.
1 - يراجع كتاب تاريخ التشريع، لشيخنا مناع بن خليل القطان، رحمه الله، من صفحة 52إلى صفحة 57 الطبعة العاشرة، والآية من سورة الإسراء: 106
2 - البخاري، رقم 4707



السابق

الفهرس

التالي


Error In Connect