[
الصفحة الرئيسية
] [
حول الموقع
] [
تعريف بصاحب الموقع
]
﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب
::
66- سافر معي في المشارق والمغارب
::
(34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف.
::
(067) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(066) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(065) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث
::
::
::
::
::
::
::
::
::
::
جملة البحث
جميع محتويات الموقع
المقالات العامة
مقالات الحدث
الجهاد في فلسطين
2 أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع المسلم
المقالات العامة
الإيمان هو الأساس
غيث الديمة الجزء الأول
غيث الديمة الجزء الثاني
حوارات مع أوربيين مسلمين
حوارات مع أوربيين غير مسلمين
الحدود و السلطان
حكم زواج المسلم بالكتابية
رحلة هونج كونج
جوهرة الإسلام
كتاب الجهاد
المسئولية في الإسلام
دور المسجد في التربية
كتاب سبب الجريمة
كتاب الشورى في الإسلام
كتاب السباق إلى العقول
الإيمان إصطلاحاً و أثره سلوكاً
كتاب طل الربوة
كتاب الوقاية من المسكرات
الكفاءة الإدارية
معارج الصعود إلى تفسير سورة هود
مقدمة سلسلة في المشارق و المغارب
المجلد الأول : رحلات الولايات المتحدة الأمريكية
المجلد الثاني : رحلات المملكة المتحدة (بريطانيا) و آيرلندا
المجلد الثالث : رحلات اليابان وكوريا وهونغ كونغ
المجلد الرابع:رحلات إندونيسيا الجزء الأول 1400هـ ـ 1980م
المجلد الخامس : الرحلة إلى إندونيسيا الجزء الثاني 1410هـ ـ 1990م
المجلد السادس : رحلات إندونيسيا الجزء الثالث 1419هـ ـ 1989م
المجلد السابع : رحلات أستراليا و نيوزيلاندا و سريلانكا
المجلد الثامن : رحلات كندا و إسبانيا
المجلد التاسع : رحلات سويسرا و ألمانيا و النمسا
المجلد العاشر : رحلات بلجيكا و هولندا و الدنمارك
المجلد الحادي عشر:رحلات السويد و فنلندا و النرويج
المجلد الثاني عشر : رحلات فرنسا و البرتغال و إيطاليا
المجلد الثالث عشر : رحلات سنغافورة و بروناي و تايوان
المجلد الرابع عشر : رحلات باكستان و الهند
المجلد الخامس عشر : رحلات تايلاند (بانكوك)
المجلد السادس عشر : الرحلة إلى ماليزيا
المجلد السابع عشر : رحلات الفلبين
المجلد الثامن عشر : رحلة كينيا
الفهرس
(2) حكم حجاب القواعد من النساء.. المحاضرة الخامسة و العشرون ، في: 22/12/1385هـ
قوله تعالى: ((
وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
)). لما ذكر الله تعالى بعض الآداب الاجتماعية، ومنها أمر النساء بالتستر وعدم إبداء الزينة لغير محارمهن، وكان ذلك شاملاً للشابات وغيرهن من العجائز، استثنى هنا العجائز الكبيرات في السن اللاتي قعدن عن الحيض والولد والنكاح، وأنهن يجوز لهن ما لا يجوز للشابات، وبين مع ذلك أن الأفضل لهن أن لا يتزين بزي الشابات خشية أن يوجد من يميل إليهن، فإن لكل ساقطة لاقطة، كما قال بعض العلماء.. والقواعد ورد في القرآن لمعنيين: الأول: جمع قاعد بلا تاء، بمعنى المرأة التي قعدت عن الحيض والولد والنكاح للكبر، والقعود عن الشيء معناه القصور عنه. الثاني: القواعد بمعنى الأسس التي يوضع عليها السقف، منها قوله تعالى: ((
وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
)). [البقرة:127]. قوله تعالى: ((
لا يرجون نكاحاً
)) أي لا يطمعن فيه. وحمل بعض العلماء معنى القاعد منها على التي قعدت عن الولد، ولكن هذا غير سديد، فإنا نرى كثيراً من النساء يقعدن عن الولد في سن مبكرة مع أنهن جميلات وفيهن مستمتع، ولا عبرة بكون بعض العجائز قد يبدو منهن ميل إلى الرجال وهي في غاية من الكبر الذي لا يلتفت معه إليها أحد، كما قال الشاعر: عجوز تمنت أن تكون صبية....وقد قوس العينان واحدودب الظهر تروح إلى العطار تبغي شبابها......ولن يصلح العطار ما أفسد الدهـر فالمراد بقوله تعالى: ((
لا يرجون نكاحاً
)) لا تعلق لطمعهن في النكاح لبلوغهن سناً لا يطمع معه فيهن أحد.. وقوله: ((
نكاحاً
)) نكرة في سياق النفي تفيد العموم، وهي قرينة على أن المراد بلوغهن سناً كبيراً، والمراد بالنكاح العقد.. قوله تعالى: ((
فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن
)) .. الضمائر عائدة إلى القواعد، والفاء دخلت لتضمن الموصول "أل" (في القواعد) معنى الشرط.. والجناح: الحرج.. واختلف في المراد بالثياب التي لا جناح عليهن في وضعها: فقيل: الجلباب الذي فوق الخمار، فالشابة تلبس الدرع والخمار والجلباب، والعجوز لها وضع الجلباب، وليس لها أن تكشف شعرها على هذا الرأي أمام الأجانب، ووجه جمع الثياب هو بالنظر إلى كثرة الجلاليب، لتعدد العجائز. وقيل: الخمار والجلباب، فيجوز لها كشف رأسها على هذا الرأي أمام الأجانب.. قوله تعالى: ((
غير متبرجات بزينة
)).. هذا هو محل الترخيص على كلا المعنيين، فالترخيص مقيد بعدم القصد السيء من وضع الثياب.. والتبرج: الظهور والاتضاح، ومنه قيل للقصر الكبير: برج كما قال تعالى: ((
أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ
)) [النساء:78]. ومنه: سفينة بارجة، ويقال للشمس والقمر البروج ويطلق ذلك على منازلهما، تشبيهاً بالقصور الشاهقة.. والمعنى: غير ظاهرات أمام الناس بزينة.. قوله تعالى: ((
وأن يستعففن خيرٌ لهن
)).. أي تعففهن وتكرمهن عن وضع شيء من ثيابهن، مع جواز ذلك لهن خير لهن، لأنه أحوط وأبعد عن الريبة، والمصدر في محل رفع مبتدأ خبره خير.. قوله تعالى: ((
والله سميع عليم
)).. هذا هو الواعظ الأكبر والزاجر الأعظم.. (3) اجتماع الأقارب والمسافرين على طعامهم مجتمعين أو فرادى.. قوله تعالى: ((
لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
)).. الآية.. اختلف في هذه الآية على قولين: القول الأول: أنها في نسق واحد، وهو نفي الحرج عمن ذكر في الأكل بخصوصه وسيأتي بيان الأوجه التي ذكرت في هذا المعنى.. القول الثاني: أن الآية وردت في نفيين: فأول الآية في نفي الحرج عن الأعمى والأعرج والمريض عامة في كل تكليف يمنع منه شيء مما ذكر من العاهات، والدليل على ذلك مجيئه في مواضع أخرى مطلقاً في القرآن الكريم، لا يقصد منه خصوص الأكل.. فقوله تعالى: ((
ولا على أنفسكم
)) على هذا مسوق لرفع حرج خاص بعد رفع حرج عام عمن ذكر، واختار هذا ابن عطية وغير واحد من المفسرين.. وكونها في نسق واحد، معناه: لا حرج عليهم أن يأكلوا مع الناس وفي المراد بذلك أقوال: القول الأول: ما روي عن الصحابة والتابعين أن المسلمين كانوا إذا غزوا يخلفون الزمنى في البيوت، ويوكلونهم على أموالهم من بعدهم، ويسلمونهم المفاتيح، ويأذنون لهم أن يأكلوا في بيوتهم، وكانوا يتحرجون مع ذلك، فنزلت الآية.. القول الثاني: أن هؤلاء المرضى كانوا يتحرجون من الأكل مع الأصحاء لئلا يتأذوا منهم، فنزلت الآية.. القول الثالث: أن الأصحاء كانوا يتحرجون من الأكل مع هؤلاء الزمنى خشية أن يظلموهم، فنزلت الآية في نفي الحرج.. وهذا القول بعيد عن ظاهر القرآن، فإن نفي الحرج صريح عن الزمنى أنفسهم، لا الأصحاء.. وفي الآية أقوال أخرى لا داعي لذكرها.. قوله تعالى: ((
ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم..
)).. اختلف في البيوت المرادة هنا: فقيل: بيوت الأولاد.. وقيل: بيت الإنسان نفسه.. لأنه قد يكون فيه أزواجه وأولاده، ولهم أموال غير ماله.. وظاهر القرآن أن ذلك جائز من غير إذن.. وبعضهم يقيده بالإذن وهذه المسألة ذات طرفين وواسطة: الطرف الأول: أن يعلم أنهم راضون بالأكل، وهذا لا كلام في جوازه.. الطرف الثاني: أن يعلم عدم الرضا، وهذا لا يجوز معه الأكل بدون إذن، والآية خرجت مخرج الغالب، فإن الغالب في الأقارب والأصدقاء الرضا والسماح.. والواسطة: أن يجهل حال القريب أو الصديق من جهة الرضا وعدمه والأظهر الجواز، لإطلاق الآية، ولأن العادة جرت بالتسامح في مثل ذلك.. قوله تعالى: ((
أو ما ملكتم مفاتحه..
)). مفاتح جمع مفتح.. وقوله: ((
ملكتم
)) مبني للمعلوم في قراءة السبعة، وفي قراءة شاذة لبعض الصحابة: ((
ملكتم
)) مبني للمجهول.. والمراد: ما كانت مفاتيحه بأيديكم، أي ملكتموها ملك تصرف كالخازن والمودع إذا أعطاهم رب المال المفاتيح.. وقال بعضهم: يجوز ذلك ما لم يكن للخازن أجرة على رب المال.. قوله تعالى: ((
أو صديقكم
)).. فعيل من الصداقة، وذلك بأن يود كل من الشخصين الآخر، وبعضهم يفسر الصداقة بقول الشاعر:
وإنما أفرد: صديق، لأنه اسم جنس مفرد، واسم الجنس المفرد يطلق ويراد به الجمع وهو كثير، وإن زعم الاستاذ سيبويه أنه قليل"وذكر الشيخ أمثلة كثيرة من القرآن وأشعار العرب، وقد سبق شيء من ذلك عند تفسير قوله تعالى: ((
أو الطفل
)) من الآية الواحدة والثلاثين من هذه السورة، كما سبق منه شيء في تفسير سورة هود والتي تم طبعها في هذا العام 1408هـ بعنوان معارج الصعود إلى تفسير سورة هود". قوله تعالى: ((
ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً
)).. الجناح: الإثم، أي ليس عليكم إثم.. كان بعض العرب لا يأكل وحده، ويظنون أن ذلك ـ أي عدم الأكل بانفراد ـ من سنة إبراهيم عليه السلام. ومن ذلك قول حاتم الطائي:
فنزل القرآن يبين جواز أكل الإنسان منفرداً، وإن كان الأكل مع الضيف من المكارم.. وقوله تعالى: ((
أن تأكلوا
)) في موضع نصب، وقيل في موضع الخفض بحرف الجر المحذوف، وجوز سيبويه الوجهين.. قوله: ((
جميعاً
)) منصوب على الحال، وهو في المعنى توكيد.. وقوله: ((
أشتاتاً
)) جمع شتت، وهو مصدر نعت به [ليس المراد أنه نعت هنا حسب اصطلاح النحويين، وإنما هو معطوف على الحال فهو حال والحال وصف كما قال ابن مالك: الحال وصف فضلة منتصب..]. كما قال ابن مالك:
وقد أخذ بعض العلماء من قوله تعالى: ((
ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتاً
)) جواز النهد، وهو أن يتناهد المسافرون، فيخرج كل واحد منهم زاده ثم يخلطونه فيأكلون منه سواء، وإن تفاوت أكلهم، لأن قوله: ((
جميعاً
)) صادق بما إذا كان الطعام لواحد، وبما إذا كان الجماعة، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن أن يأكل بعضهم تمرتين وصاحبه يأكل تمرة واحدة. [البخاري (6/212) من حديث ابن عمر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن القران، وفي رواية نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرن الرجل بين التمرتين، حتى يستأذن أصحابه، والرواية الأخيرة لمسلم (3/1617)]. وقد بينت ذلك في أضواء البيان في تفسير سورة الكهف، عند قوله تعالى: ((
فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً
)). [الكهف:19، راجع أضواء البيان (4/69-71)]. والأحاديث الدالة على جواز النهد كثيرة وصحيحة.. قوله تعالى: ((
فإذا دخلتم بيوتاً
)).. الفاء سببية، والدخول مسبب على الأكل، لأنه يستلزم الإذن بالدخول.. واختلف في المراد بالبيوت: فقال جماعة: المراد بها المساجد.. وقال آخرون: المراد بها البيوت غير المسكونة، والداخل فيها على هذا يقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.. وقال جماعة: هي عامة في كل البيوت.. والمراد بقوله: ((
فسلموا على أنفسكم
)) أي على إخوانكم، وكثيراً ما تطلق النفس مراداً بها الأخ، وفي ذلك استعطاف المسلم على أخيه، وليس في هذا تكرار مع قوله تعالى: ((
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
)) لأنه في هذه الآية نهى عن الدخول بغير إذن، وفي الآية المذكورة هنا أمر بالتحية.. وقوله: ((
تحية
)) هو مما ناب عن المفعول المطلق، أي سلموا سلاماً وحقيقة السلام أجود من حقيقة التحية، لأن المراد بالتحية الدعاء بطول الحياة، والمراد بالسلام الدعاء بالسلامة من الآفات، وهو أكمل بلا شك لأن بعض الحياة يكون الموت خيراً منها.. قوله تعالى: ((
من عند الله
)).. أي مبدأها من عنده، لأنه هو الآمر بها.. وقوله: ((
مباركة
)) أي كثيرة البركة.. لأن الله تعالى جعلها طريقاً للتحابب والتآلف.. [يشير إلى حديث أبي هريرة: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا.. ولا تؤمنوا حتى تحابوا.. أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم، مسلم (1/74)]. وقوله: ((
طيبة
)) أي يستطيبها المسلم عليه، فهي جامعة بين البركة والطيب.. قوله: ((
كذلك يبين لكم الآيات
)).. أي مثل ذلك البيان الواضح، ((
يبين الله لكم
)) أي يوضح.. قوله: ((
لعلكم تعقلون
)) أي لأجل أن تعقلوا.. أو رجاء أن تعقلوا حسب ما يظهر للناس، وأما الله فهو بكل شيء عليم.. ثامناً: التأدب مع الرسول وعدم الخروج عن طاعته قال تعالى: ((
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (62) لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
)).. قوله تعالى: ((
إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله..
)) الآية.. أراد الله تعالى بيان صفة المؤمنين، والتعريض بصفات المنافقين وقد تقدم قوله تعالى في أول السورة: ((
سورة أنزلناها وفرضناها
)) فذكر هذه الآيات في آخرها، تنبيهاً على أنه ينبغي طاعة من أنزلت عليه تلك السورة العظيمة.. والمراد بقوله: ((
إنما المؤمنون
)) أي الكاملون في إيمانهم.. (1) وجوب الاستئذان وقت الاجتماع لأمر مهم قوله تعالى: ((
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوه
)).. قوله: ((
آمنوا
)) أي صدقوا تصديقاً قلبياً تظهر آثاره على الجوارح والمراد بالأمر الجامع الأمر المهم الذي يستدعي الاجتماع، ولا خلاف في أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا دعا الناس لأمر عام، كالجهاد ونحوه أنه تجب إجابته.. وبعض العلماء يدخل في ذلك الجمعة، فلا يخرج الناس يوم الجمعة إلا بإذن من الإمام، وكان بعض السلف يفعله، ولكن هذا غير لازم وإنما المراد إمام المسلمين الذي يقوم مقام النبي صلى الله عليه وسلم في مصالح الناس.. قوله: ((
حتى يستأذنوه
)) أي حتى يطلبوا منه الإذن فيأذن.. ثم أكد تعالى أن المؤمنين الحقيقيين هم الذين يفعلون ذلك، فقال: ((
إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسله
)) أي لا غيرهم.. قوله تعالى: ((
فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم
)).. أي إذا طلب منك بعض المؤمنين الإذن لقضاء بعض أمورهم التي تستدعي استئذانهم، ((
فأذن لمن شئت منهم
)) وكل الله المشيئة إليه صلى الله عليه وسلم، لعلمه تعالى أنه مجبول على العطف والرحمة بقومه.. قيل: هذه الآية نزلت في عمر رضي الله عنه، كان في اجتماع مع النبي صلى الله عليه وسلم، فاستأذن ليذهب للعمرة، والتحقيق أنها تعريض بالمنافقين وبيان لصفات المؤمنين.. قوله تعالى: ((
واستغفر لهم الله
)).. لما كان بعضهم قد يستأن لغير حاجة ضرورية أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستغفر لهم في ذلك، وهذا، وإن كان السبب خاصاً، فالمراد به العموم كما قال تعالى: ((
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ
)). [محمد:19]. قوله: ((
والله غفور رحيم
)).. أي كثير المغفرة والرحمة.. (2) وجوب احترام الرسول وتوقيره والتأدب معه قوله تعالى: ((
لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً
)).. في هذه الآية أوجه، أساسها أن المصدر،"دعاء" هل أضيف إلى الفاعل أو إلى المفعول؟ فأكثر المفسرين على أنه أضيف إلى المفعول، فهو صلى الله عليه وسلم المدعو، أي إذا دعوتموه فلا يكن دعاؤكم مجرداً عن الاحترام والتوقير، كما يفعل بعضكم مع بعض، فلا تقولوا: يا محمد، ولكن قولوا: يا رسول الله ولا ترفعوا أصواتكم عنده، بل اخفضوها.. وقد دلَّ على هذا قوله تعالى: ((
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3) إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (4) وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
)). الآيات.. [الحجرات 2-5]. فالمقصود أن الله تعالى لما ذكر هذه السورة العظيمة وما فيها من الآداب السامية ختمها بأدب اجتماعي لائق برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو احترامه في الخطاب.. وقال بعضهم: إن المصدر أضيف إلى الفاعل، وفيه وجهان: الوجه الأول: لا تفعلوا ما يغضبه صلى الله عليه وسلم، ودعاؤه مستجاب، ليس كمثل دعاء بعضكم على بعض.. الوجه الثاني: المراد إذا دعاكم إلى أمر فأجيبوا، وإذا دخلتم فلا تخرجوا بدون إذن منه، كما قد يفعل بعضكم مع بعض، ولعل مما يؤيد هذا قوله تعالى: ((
قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً ..
)).. و((
قد
)) للتحقيق، والتسلل الخروج في خفية، و((
لواذا
)) مصدر بمعنى الحال، يقال: لاذوا لواذا، أي متلاوذين، يلوذ بعضهم ببعض.. وقيل: ناب عن المفعول المطلق.. والفرق بين اللياذ والعياذ.. أن اللياذ يكون في إرادة منفعة، والعياذ يكون في دفع مضرة.. قوله تعالى: ((
فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ..
)). معنى قوله: ((
يخالفون
)) يصدون ويعرضون، بدليل دخول عن على قوله: ((
أمره
)).. والفتنة تطلق على الاختبار، وليست مرادة هنا، وتطلق على نتيجة الاختبار إذا كانت سيئة، والمراد بها هنا العقاب كالزلازل والولاة الجائرين أو الإضلال، وهو أن يختم الله على قلوبهم، وهذا أقرب، لأن الله تعالى كثيراً ما يهدد المخالفين به، كما قال تعالى: ((
فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم
)).. قوله تعالى: ((
أو يصيبهم عذاب أليم
)) أي في الآخرة.. وقد أخذ الأصوليون من هذه الآية قاعدة أصولية.. وهي أن الأمر للوجوب بدليل أن الله تعالى توعد من خالفه، ولا يتوعد إلى على واجب.. قوله تعالى: ((
أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
)).. ((
ألا
)) استفتاحية للتنبيه، وأكدت الجملة بأن، لأن الكفار عاملوا الله معاملة من لا يملك السموات والأرض، فكأنهم منكرون، ولهذا نزلوا منزلة المنكر، كما قيل: كقولنا لمسلم وقد فسق .... يا أيها المسلم إن الموت حق وإنما غلب غير العقلاء على العقلاء، فقال: ((
ما في السموات والأرض
)) لأن المقام مقام الملك والعظمة.. والعاقل وغيره في ذلك سواء.. وقوله: ((
قد يعلم ما أنتم عليه
)) أي من خير وشر وطاعة ومعصية.. قوله تعالى: ((
ويوم يرجعون إليه
)).. الصحيح أن كلمة"يوم" معطوفة على"ما" في قوله: ((
يعلم ما أنتم عليه
)).. فهو مفعول به، لا مفعول فيه، أي هو عالم بحالكم اليوم وما ستلاقون في يوم الجزاء الذي ترجعون فيه إليه.. قوله: ((
فينبئهم بما عملوا
)).. أي يخبرهم به، وليس المراد مجرد الإخبار، بل هو إخبار معه جزاء.. قوله: ((
والله بكل شيء عليم
)).. لا يخفى عليه تعالى شيء.. وقد ختمت هذه السورة العظيمة بالواعظ الأكبر والزاجر الأعظم.. للدلالة على أنه تعالى رقيب على عباده مجازٍ من أطاعه في أمره وعمل بتلك الآداب، خيراً، ومن عصاه وخالف أمره جزاء ما عمل.. والله تعالى أعلم. [كان فراغ فضيلة شيخنا المفسر من تفسير هذه السورة الكريمة في الساعة الخامسة صباحاً (بالتوقيت الغروبي) من يوم السبت الموافق 26/12/1385هـ. وقد فرغت من ترتيبها على هذه الصورة في الساعة الواحدة إلا ربعاً بعد منتصف الليل من ليلة الثامن والعشرين من شهر رمضان المبارك سنة 1408هـ، أي بعد انتهاء المفسر منها بثلاث وعشرين سنة إلا ثلاثة أشهر تقريباً والحمد لله رب العالمين]. وقد عدت لتصحيحها ووضع بعض العناوين التي لم تكن موجودة في طبعتها الأولى، بتاريخ: 2/2/1426هـ 12/3/2005م في منزلي بالمدينة المنورة، والحمد لله رب العالمين.
الفهرس
Error In Connect