﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي

المبحث الأول: صرف الشباب إلى ميادين التزكية .
المراد بالتزكية تطهير النفس من الآثام والمعاصي، وإلزامها بطاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم. ولتحقيق هذا الأمر بعث الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم، إلى الناس وأنزل كتابه، والذي يتزكى يكون مهتدياً صالحاً، والذي لا يتزكى يكون ضالاً شقياً. فإذا أريد لأي مجتمع أن يكون مجتمعاً صالحاً تظهر فيه الفضيلة وتختفي فيه الرذيلة، فعلى ولاة أمور هذا المجتمع أن يقوموا بتزكيته وتطهيره، ويصرفوا شبابه إلى كل ميدان يحقق فيهم تلك التزكية، التي لا يفلح إلا مَنْ مَنَّ الله بها عليه، قال تعالى: { كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ }. [البقرة: 151]. وكان بعثُ اللهِ تعالى رسولَه صلى الله عليه وسلم إلى هذه الأمة، استجابة لدعاء إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام ربهما، أن يبعث فيها هذا الرسول ليعلمهم ويزكيهم، كما قال تعالى عنهما: { رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }. [البقرة: 129]. وأكد سبحانه وتعالى امتنانه على المؤمنين، ببعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم لتعليمهم وتزكيتهم، فقال: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ}. [آل عمران: 164]. وقال تعالى: { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ }. [الجمعة: 2]. وقال تعالى: { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا }. [الشمس: 9]. وقال تعالى: { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى }. [الأعلى: 14-15]. وقال تعالى: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }. [التوبة: 103]. ظاهر من هذه الآيات القرآنية أن الله تعالى بعث رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بهذا القرآن، ليتلوه على الناس، ويعلمهم هذا الدين ويزكيهم ويطهرهم به، وأن من تزكى أفلح، ومن لم يتزكَّ ضل وخاب وخسر. وبناءً على ذلك، فإن من أراد أن يُقِرَّ في الأرض الخيرَ والصلاحَ، ويحارب الشرَّ والفساد، فلا بد أن يقوم بتعليم الناس دينهم بالكتاب والسنة، وأن يجتهد في تزكيتهم بتوجيههم إلى الأعمال الصالحة. وإذا لم يفعل ذلك، فترك الناس يرتكسون في حمأة المعاصي والشهوات، ويبتعدون عن التزكية والتطهير اللذين يغيران النفوس ويقودانها إلى الطاعة، فلا ينتظر من الناس أن ينقادوا له إذا طلب منهم الابتعاد عن بعض المنكرات التي يرتكبونها، مثل الابتعاد عن المسكرات والمخدرات. فهو قد ترك لهم الحبل على الغارب، في الابتعاد عن طاعة الله والوقوع في معاصيه، وكثير من حكام الشعوب الإسلامية يبيحون الخمر، فتباع وتشترى في بلادهم، بل إنها تتعاطى على مرأى ومسمع منهم، وقد يتناولها بعض كبار رجال الدولة، ثم يطلبون من أفراد شعبهم أن يجتنبوا المخدرات، وهذا موقف غريب ومنطق معكوس، فالخمر أم الخبائث، كما سماها بذلك سلفنا الصالح وعلى رأسهم عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقد نهى الله تعالى عنها في كتابه وحرمها، كما نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم وحرمها، وعاقب عليها، ولعن كل من اشترك في تحضيرها وشربها، ومع ذلك يبيحها قانون بعض البلدان الإسلامية وتوضع للتجارة فيها لوائح وأنظمة، وتجبى منها الضرائب. فعلى ولاة الأمور أن يزكوا أنفسهم أولاً من إباحة ما حرم الله، وعليهم أن يوجدوا الأسباب التي تزكي شعوبهم، حتى يتركوا ما حرم الله بدافع إيماني، وإلا فليتحملوا مسؤولية تقصيرهم، بل يتحملوا تعمدهم اتخاذ أسباب ابتعاد كثير من شعوبهم، عن تزكية نفوسهم وتطهيرها.



السابق

الفهرس

التالي


Error In Connect