﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي

هل خَََلََت جميع العصور في الصين من رسالة سماوية قبل الإسلام؟
ليس عندنا ما نجزم به من أن رسولاً معيناً قد بعث في بلاد الصين وما جاورها من البلدان، ولكن عندنا ما نقطع به بأن كل الأمم في الأرض قد بعث الله إليها من يقيم عليها الحجة، إما بإرسال رسول مباشر إليها يدعوها إلى الاهتداء بهدى الله، وإما بإيصال ذلك الهدى إليها عن طريق بعض أتباع الرسل، فقد أخبرنا الله تعالى في كتابه الكريم بذلك في آيات كثيرة. قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ}. [النحل: 36]. وقال تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ}. [فاطر: 24]. وقال تعالى: { وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً (164) رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لأَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً }. [النساء: 164، 165]. وقال تعالى: { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً }. [الإسراء: 15]. ولعل الرجل الصالح ذا القرنين ممن أقام الله تعالى به الحجة على أهل الصين وغيرهم من أهل المشرق والمغرب، فإن الآيات التي نزلت في شأنه من سورة الكهف [الآيات: (83 ـ 98)]. تدل على أن الله تعالى مكنه بأسباب من عنده حتى جال في الأرض كلها، حتى وصل إلى أول قوم تطلع عليهم الشمس، وآخر قوم تغرب عنهم الشمس، وكان يصلح أحوال الناس ويعين المظلومين على الظالمين، بدليل قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْماً قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً (86) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُكْراً}. وقوله بعد ذلك: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْراً (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً (91) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً (92) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْماً لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً (94) قَالَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً (96) فَمَا اسْتَطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً (97) قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً}. [1]. ولا ينافي ذلك وجود فترة رسل في بعض نواحي الأرض مع بقاء بعض تعاليم الرسل السابقين المُتَوارثة، وبخاصة ما يتعلق بأصول الإيمان ـ ولو بصفة إجمالية ـ وأصول الحقوق ـ كحفظ النفوس وحفظ المال وحفظ العقل وحفظ النسل ـ وأصول الأخلاق ـ كالصدق والأمانة ونصرة المظلوم... ـ وتكون الحجة قائمة على الأمم بما تمكنوا من معرفة مصالحه ومفاسده، وما عدا ذلك فهم معذورون فيه، لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها. وما نراه من دعوة الحكماء والفلاسفة في العصور المختلفة، إلى الأخلاق الفاضلة، والتعاون على الخير، والرحمة بالمخلوقين، والأمر بالعدل والنهي عن الظلم، كل ذلك وغيره يدل على أنه من بقايا رسالات سماوية وصلت إلى أولئك الحكماء والفلاسفة ـ وإن كانت العقول تستحسن الخير وتستقبح الشر في الجملة ـ . وكثير من تعاليم كونفوشيوس وبوذا مما يحمل تلك المعاني ـ وبخاصة بعض المحرمات ـ يغلب على الظن أنها من بقايا تعاليم الرسل التي وصلت إليهم، مثل: تحريم قتل الإنسان والسرقة والزنا وشرب الخمر، وكذلك الدعوة إلى بعض أنواع الزهد. وإذا رجعنا إلى (2500) قبل الميلاد لدراسة بعض أفكار الحكيم الصيني (صون تزو) وجدناه يحرص الحرص الشديد على احترام المعابد وعقد قائد الحرب الشورى مع أركان جيشه فيها، كما يؤكد احترام قوانين السماء والالتزام بما تفرضه الشرائع من مقاصد القتال التي تزجر عن الإفساد والعبث والوحشية، حيث قال: (ليست صنعة الحرب أن تنسف قوانين السماء، أو تعيث في الأرض فساداً، أو تتحكم في رقاب العباد ـ من الجنود في القوات المسلحة الذين يتولى القائد إمرتهم، أو من السكان العزل من السلاح الذين يتولى الدفاع عنهم. [2]. حتى الحرب تضبطها أعراف وشرائع، فمقاصد القتال العسكري هي صيانة النظام والقانون لا الفتك بالشرائع. فالجيش الذي لا يتحلى قواده وجنده بالوازع الوجداني والإنساني وما تفرضه الشرائع والقوانين من حلال أو حرام، سيجلب على نفسه الهزيمة، عاجلاً أم آجلاً، وإن حقق لنفسه انتصاراً هنا أو انتصاراً هناك. فصنعة القتال العسكري ليست وحشية، لا تعرف سوى البطش والأذى، بل هي تضحية فردية وجماعية تتوخى صيانة الشرائع وضبط الأمن والقانون...). [3]. تُرى هل تصدر هذه الأفكار من رجل يُعِدُّ كتاباً في تدابير القتال وآدابه لملك من ملوك الصين، وهو ـ أي صاحب الكتاب ـ خالي الذهن من بقايا دين سماوي، مع العلم أن غالب الملوك الذين لا يلتزمون بشرائع إلهية، ولا يتورعون عن ظلم أعدائهم ـ بل ظلم رعاياهم ـ إلا إذا عجزوا عن ذلك الظلم؟!
1 - راجع قصته في كتب التفسير والتاريخ، ومن كتب التاريخ "البداية والنهاية " لإمام ابن كثير، ومن كتب التفسير كتاب"الجامع لأحكام القرآن" للإمام القرطبي رحمه الله
2 - راجع (ص: 5) من: مقدمة عمر حليق القصيرة لكتاب فن الحرب، لصون تزو
3 - فن الحرب (ص: 115). إعداد الدكتور عمر حليق



السابق

الفهرس

التالي


Error In Connect