﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي

المحاضرة التاسعة عشرة في: 24/10/1385هـ
والمراد بقوله تعالى: ((أذن الله أن ترفع)) الإذن المنافي للتحريم، فهو يشمل الواجب والمندوب والمباح، وكثيراً ما يطلق ويراد به الأمر. قوله تعالى: ((لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله..)). الجملة نعت لرجال، لأنه نكرة، والنكرات تنعت بالجمل،كما عقد ذلك ابن مالك بقوله:

أي لا تشغلهم التجارة والبيع عن طاعة الله. والفرق بين التجارة والبيع أن التاجر من يجعل البيع والشراء حرفة له، يستفيد منهما، وأن البائع قد يبيع السلعة مرة واحدة لحاجة ولا يريد من البيع التجارة. وذِكر الله تعالى شامل لكل العبادات، أو المراد ذكره بأسمائه، والشمول أولى. قوله تعالى: ((وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة)). هذا من عطف الخاص على العام، لأنه داخل في الذكر، وقد بين الله تعالى في موضع آخر أن ما عنده خير وأبقى، ومن أعظم ذلك الثواب على ذكره.. كما قال تعالى: ((فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون * وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)) [الجمعة: 10-11]. وفي قوله تعالى: ((والله خير الرازقين)) تنبيه على أن طاعته تعالى لا تفوت على العبد شيئاً من الدنيا، لاًن الله هو الرزاق. قوله تعالى: ((يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار)). وصف الله أولئك الرجال الذين لا تشغلهم الدنيا عن طاعته، وإقامتهم الصلاة وإيتائهم الزكاة بأنهم يخشون يوماً عظيم الهول، و ((يوماً)) مفعول به وليس مفعولاً فيه، وهو من الظروف التى تخرج عن الظرفية، كما هنا، وإلى مثله يشير ابن مالك رحمه الله في قوله:

وعبر تعالى باليوم وأراد ما فيه على عادة العرب في ذلك كما قال الشاعر:

[أدركت مع فضيلة الشيخ الشطر الأخير من البيت الذي هو محل الشاهد، ونسبه في اللسان إلى عدي بن زيد، ولكنها بلفظ:"وهم سلكوك في أمر عصيب"بدل"يوم". ترتيب لسان العرب (3/188)]. وقال تعالى: ((فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً)) [المزمل:17]. فيوماً مفعول به لقوله: ((تتقون)). وقوله: ((تتقلب)) التقلب التحول من جنب إلى جنب والمراد: أن القلوب تنخلع من الصدور وترتفع إلى الحناجر من الخوف الشديد.. كما قال تعالى: ((قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ)) [النازعـات:8]. والأبصار تزيغ من شدة الخوف يميناً ويساراً. وقد دل القرآن على أن الخائف يزيغ بصره.. كما قال تعالى: ((فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ)) [الأحزاب: من الآية19]. سماه في الدنيا دورانا، وسماه في الآخرة تقلباً. قوله تعالى: ((لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)). اللام في قوله: ((ليجزيهم)) لام التعليل متعلقة بمحذوف أي إنهم فعلوا ما فعلوا من الأعمال الصالحة لأجل الجزاء، أي لأجل أن يجزيهم الله. وفي هذه الآية رد على من يزعم من أنه لا ينبغي أن يعمل الإنسان لأجل الجزاء الذي يناله من الله، لأنه يكون في زعمهم من باب المتاجرة، بل يجب أن يعمل العمل تعظيماً وإجلالاً لله. فهذا يخالف ثناء الله تعالى ومدحه لمن عمل لأجل نيل جزاء الله. وهنا قد يرد سؤال، وهو: كيف عبر بأحسن الذي هو أفعل تفضيل عن حسن؟ والجواب: أن الذي لم ينه الله عنه الإنسان من الأعمال يكون مباحاً وواجباً ومندوباً، والواجب والمندوب حسنان بلا خلاف، والمباح فيه خلاف، هل هو من الحسن أو ليس منه؟ فمن رأى أنه من الحسن استدل بأنه من المأذون فيه شرعاً. ومن رأى أنه ليس من قسم الحسن، قال: الحسن هو ما طلبه الله شرعاً. وهذه الآية تدل على أنه حسن، أي أن أعمال الإنسان منها الحسن، وهو المباح، وهذا لا يجازى عليه، ومنها الأحسن، وهو المندوب، والواجب، وهما المراد بقوله: ((أحسن ما عملوا)). [قلت: لكن المباح إذا فعله المسلم، أو تركه، قاصدا وجه الله، فإنه يثاب عليه، وأذكر أن اشيخ ذكر هذا المعنى في مكان آخرِ، من دروسه] قوله تعالى: ((ويزيدهم من فضله)). الفضل في اللغة الزيادة، وكل ما يحصل عليه الإنسان بدون مقابل يسمى فضلاً. واختلف في المراد بالفضل هنا: فقال جماعة: المراد ما زاد على ثواب الحسنة من العشر الحسنات وهي الحسنات التسع التي يتفضل الله بها على من عمل حسنة، فقد حصل في مقابل الحسنة التى عملها على حسنة مثلها، وزاده الله فضلاً منه تسع حسنات. وقيل المراد بها المضاعفة التي لا يعلمها إلا الله كما قال تعالى: ((مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)) [البقرة:245]. وقال تعالى: ((مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)) [البقرة:261]. وقال جماعة: المراد النظر إلى وجه الله في الجنة.. كما قال تعالى: ((لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ)) [يونس: من الآية26]. وقد فسرت السنة هذه الزيادة بأنها النظر إلى وجه الله الكريم. [راجع صحيح مسلم (4/163)] قوله تعالى: ((والله يرزق من يشاء بغير حساب)). فيه قرينة دالة على عدم الحصر والتحديد. وقوله: ((بغير حساب)) فيه وجهان: الوجه الاول: أن المراد به ما جرت به عادة العرب من التعبير عن الكثرة، ومنه قوله تعالى: ((إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)) [الزمر: من الآية10]. الوجه الثاني: ما قاله بعضهم من أن الله تعالى قد يرزق بعض عباده، ولا يحاسبهم في الآخرة، ويستدلون لهذا بقوله تعالى في حق نبيه سليمان عليه السلام: ((هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)) [صّ:39]. (4) صفة مايعمله الكفار تقربا إلى الله.. قوله تعالى: ((وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ)). بعد أن مثل الله سبحانه وتعالى الأعمال الصالحة التي يعملها المؤمنون بالنور وضرب لها المثل الكامل، وقال في ذلك: ((وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاس)) [ابراهيم: من الآية25]. قابل ذلك بضرب المثل لأعمال الكفار، وذكر لذلك مثالين: الأول: ضرب لاضمحلال أعمالهم، وهو قوله تعالى: ((أعمالهم كسراب بقيعة)). والثاني: ضرب لبيان صفة تلك الأعمال، وهو قوله تعالى: ((أو كظلمات في بحر لجي ...)). وبعد ذكر مثَل أعمال المؤمنين قال: ((نور على نور)). وبعد أن ذكر- هنا - مثل أعمال الكافرين، قال: ((ظلمات بعضها فوق بعض)). والأعمال التي شبهها بالسراب المراد بها الأعمال التي تقع من الكفار على وجه من شأنه أن يكون عملاً صالحاً، لأن الكفار قد يبرون الوالدين ويقرون الضيف، ويتصدقون تقرباً إلى الله تعالى. ومن ذلك ما وقع في حلف الفضول الذى قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (لو دعيت به في الاسلام لأجبت). [السيرة النبوية لابن هشام (1/134) ونصه: (لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفاً ما أحب أن لى به حمر النعم، ولو أدعى به فى الإسلام لأجبت) وهو في المسند عن عبد الرحمن بن عوف، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (شهدت حلف المطيبين مع عمومتي وأنا غلام، فما أحب أن لي حمر النعم وأني أنكثه)… المسند (1/ 190). قال ابن الأثير في النهاية (3/149) فى معنى المطيبين: اجتمع بنو هاشم وبنو زهرة وتيم في دار ابن جدعان في الجاهلية، وجعلوا طيباً في جفنة، وغمسوا أيدهم وتحالفوا على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم، فسموا المطيبين]. وكان من قول المشركين:"لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك". [مجموع الفتاوى (1/156)]. فالمانع من قبول أعمالهم التي يتقربون بها إلى الله هو كفرهم لأن من شرط قبول الأعمال المتقرب بها إلى الله الإيمان.. كما قال تعالى: ((وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً)) [النساء:124]. وقد وردت نصوص تدل على أن الكافر يجازى بأعماله التي قصد بها التقرب إلى الله في الدنيا، والحديث في صحيح مسلم واضح في ذلك. [ونصه في صحيح مسلم (4/2162) عن أنس بن مالك، رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة، يعطى بها في الدنيا، ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة، لم تكن حسنة يجزى بها - ومن الأحاديث الصريحة في عدم نفع الكافر عمله في الآخرة حديث عائشة في صحيح مسلم (1/196) قالت: قلت: يا رسول الله ابن جدعان، كان في الجاهلية يصل الرحم ويرحم المسكين، فهل ذاك نافعة؟ قال: (لا ينفعه، إنه لم يقل يوماً، ((رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين))]. ولكن ذلك مقيد بمشيئة الله وإن أطلق في بعض النصوص، كما قال تعالى: ((مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً)) [الاسراء:18]. ومعنى قوله تعالى: ((أعمالهم كسراب بقيعة)). أى صفتها في الاضمحلال، والسراب هو ما يلمح في أعين الناس عند اشتداد الحر في القيعة، فيراه الناظر فيظنه ماء وليس بماء، ومن أسماء السراب: الآل [ومن شواهد استعمال الآل بمعنى السراب قول عمر بن أحمر الباهلى:

[انظر شرح ابن عقيل بتعليق محمد محي الدين (2/53)]. والعساقيل. [ومن شواهده قول كعب بن زهير كما في

]. والقيعة: قيل جمع قاع، وقيل مفرد كالقاع، وهو المكان المطمئن من الأرض المنبسطة. مثل الله تعالى الكفار الذين يعملون بعض الأعمال التى يرجون نفعها عند الله، فلم يجدوا ثواب ما عملوا عنده في الآخرة، مع شدة طمعهم في ذلك، بعطشان اشتد عطشه يرى السراب من بعيد فيظنه ماء فيطمع فيه، فإذا وصل عنده لم يجده شيئاً. قوله تعالى: ((حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب)). أي لم يزل حسبانه ممتداً إلى أن جاء إلى محل ذلك السراب. وهنا سؤال، وهو: أن الضمير في ((جاءه)) يدل على أن هناك شيئاً وقع عليه المجيء، مع أنه قال: لم يجده شيئاً"وقد يفهم منه التعارض". والجواب من وجهين: الاول: أن المراد جاء موضعه الذي كان يظن أنه موجود فيه. الوجه الثاني: أن المراد جاء الشيء الذي تخيل أنه ماء. وهذا يدل على أن السراب معدوم وأن المعدوم ليسى شيئاً، وأن الجبال يوم القيامة تصير إلى لا شيء، لأن الله تعالى قال في شأنها: ((وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً)) [النبأ:20]. ووجه ضرب المثل كما مر أن كلا منهما - العطشان الذي يرى السراب فيظنه ماءً، والكافر الذي يعمل العمل قاصداً به التقرب إلى الله ـ كلاهما محتاج إلى ما ظن وجوده، فإذا جاء العطشان ما كان يظنه ماءً فلم يجده اشتد عطشه وخابت آماله، وإذا جاء الكافر يوم القيامة، مؤملاً أن يجازى خيراً على ما عمل، لم يجد ذلك، بل يجد أن الله له بالمرصاد، فيجازيه على عمله السيء، فتزداد حسرته، ولهذا قال: ((فوجد الله عنده فوفاه حسابه)) والمراد أدخله جهنم يوم القيامة، وقيل: جزاء عمله في الدنيا، والظاهر أن صاحب الجلالين اقتصر على هذا، وهو خطأ. وقوله تعالى: ((والله سريع الحساب)). فيه قرينة دالة أن المراد الحساب الأخروي. وإنما كان سريع الحساب، لأنه قد أحاط بكل شئ علماً، ومن ذلك أعمال الناس التي لا تخفى عليه، وهي مكتوبة عنده. قوله تعالى: ((أو كظلمات في بحر لجي...)). اختلف في ((أو)) هذه: فقال بعضهم: هي تخييرية، أي إن شئت فشبه اضمحلال أعمالهم بالسراب وإن شئت فشبهها بالظلمة. وقال بعضهم: هي نوعية، أي من أعمالهم ما هو كهذا ومنها ما هو كهذا.. وقيل: إنها بمعنى الواو، ومجيء أو بمعنى الواو معروف، وقد عقده ابن مالك في الخلاصة بقوله:

ومن أمثلة مجيء أو في القرآن بمعنى الواو، قوله تعالى: ((فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً)) [الإنسان: 24]. وقوله تعالى: ((عُذْراً أَوْ نُذْراً)). [المرسلات: 6]. أي إعذاراً وإنذاراً.. ومن الشواهد العربية قول الشاعر:

وقول الآخر:

وهي بمعنى الواو هنا بدليل:

ومنه قول الآخر: لنفسي تقاها أو عليها فجورها



السابق

الفهرس

التالي


Error In Connect