﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي

دعوى عدم الإجماع على قتل المرتد:
ومما حاول مانعو قتل أفراد المرتدين الاستدلال به نفي إجماع علماء الأمة على قتلهم، واستدلوا بما نقل عن اثنين من علماء المسلمين وهما إبراهيم النخعي والثوري رحمهما الله، حبث قالا: "يستتاب المرتد أبدا" وفسروا ذلك بأنه لا يقتل مطلقا، بل يطلب منه أن يتوب باستمرار ولو رفض التوبة حتى مات. والجواب على هذا من وجهين: الوجه الأول: أن الواجب الذي لا تجوز مخالفته، هو ما جاء في القرآن والسنة أو في أحدهما، ولو خالف ذلك من خالفه، لأن الله تعالى لم يتعبدنا بغيرهما، و آراء أهل العلم التي يستنبطونها إنما يؤخذ بها فيما لا يخالف كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أما ما خالفهما فهو مردود على صاحبه كائنا من كان، وهذا ما صار عليه أصحاب رسول الله ‘ ومن تبعهم بإحسان. فما كان خلفاؤه صلى الله عليه وسلم، يبحثون عما يحتاجونه من الأحكام إلا في القرآن أولا، ثم في السنة ثانيا ولا يعدونهما إلى غيرهما، فإذا أعياهم الأمر سألوا الناس عما يحفظون منهما نصا أو استنباطا، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وقد ورد من استشارة الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، أخبار كثيرة: منها مشاورة أبي بكر رضي الله عنه، في قتال أهل الردة، وقد أشار إليها المصنف، وأخرج البيهقي بسند صحيح عن ميمون بن مهران قال: «كان أبو بكر الصديق إذا ورد عليه أمر نظر في كتاب الله، فإن وجد فيه ما يقضي به قضى بينهم، وإن علمه من سنة رسول الله ‘ قضى به وإن لم يعلم خرج فسأل المسلمين عن السنة، فإن أعياه ذلك دعا رؤوس المسلمين وعلماءهم واستشارهم، وإن عمر بن الخطاب كان يفعل ذلك". [1] وهو الذي جرى عليه أئمة الإسلام من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم من أهل السنة، فلا يجوز أن يصد المسلمين عن تطبيق أحكام الله التي جاء بها القرآن، أو صحَّت بها السنة، مخالفة بعض العلماء الذين قد يكون لهم عذرهم، كما بين ذلك علماء أصول الفقه وغيرهم في كتبهم، ولشيخ الإسلام رحمه الله رسالة قيمة في هذا الباب، وهي: "رفع الملام عن الأئمة الأعلام". قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7)}.[2] وفي حديث عائشة رضي الله عنهـا، قالت: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (مَن أحدَثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ فيهِ فهوَ رَدّ).[3] فالواجب اتباع ما آتانا الرسول صلى الله عليه وسلم، ورد ما خالفه، والأدلة والنصوص على هذا المعنى من الكتاب والسنة كثيرة مشهورة، لا نحتاج إلى تسجيلها هنا، و لا يفت في ذلك عدم إجماع العلماء، ولو أنا اشترطنا في العمل بأحكام الله الإجماع، لما بقي لنا من تلك الأحكام إلا القليل من هذا الدين، يظهر ذلك لمن اطلع على آراء العلماء واختلافاتهم في المصادر الإسلامية في كتب التفسير والحديث والفقه، بل وفي بعض أبواب الإيمان. الوجه الثاني: أن ما نقل عن هذين العالمين الجليلين فهمه بعض الناس خطأ، فَهُمَا لا يريدان أن المرتد يستتاب أبداً، ولو أصرَّ على كفره حتى يموت، بل أرادا من ذلك أنه إذا كرر الردة والتوبة من ردته كل مرة قبلت منه التوبة، خلافاً لمن رأى أنه إذا تكررت منه الردة لا تقبل توبته. قال الحافظ رحمه الله: "واختلف القائلون بالاستتابة هل يكتفي بالمرة أو لا بد من ثلاث؟ وهل الثلاث في مجلس أو في يوم أو في ثلاثة أيام؟ وعن علي "يستتاب شهراً"، وعن النخعي "يستتاب أبداً" كذا نقل عنه مطلقاً، والتحقيق أنه في من تكررت منه الردة". [4] وقد فهم بعض العلماء من النقل المطلق عن النخعي أنه لا يرى قتله، و لكنهم ردوا هذا النقل المطلق بالسنة والإجماع الذي نقله علماء الأمة في كتبهم، قال ابن قدامة رحمه الله: "وقال النخعي: يستتاب أبداً وهذا يفضي إلى أن لا يقتل أبداً وهو مخالف للسنة والإجماع". [5] هكذا نقل ابن قدامة رحمه الله العبارة مطلقة، وبنى على إطلاقها نسبة عدم القتل مطلقاً إلى النخعي رحمه الله، ولكن ابن حجر قيد العبارة في كلامه السابق، فقال: "والتحقيق أنه في من تكررت منه الردة" بمعنى أنه إذا ارتد ثم تاب، ثم كرر الردة وتاب كل مرة، قبلت منه التوبة، خلافاً لمن قال من العلماء: إذا ارتد ثم تاب ثم كرر الردة، قتل ولم تقبل توبته. وقد وجدت الرواية مطلقة في مصنف الإمام الصنعاني عبد الرزاق، عن الثوري عن عمرو بن قيس عن إبراهيم قال في المرتد: يُستتاب أبداً. قال سفيان: هذا الذي نأخذ به.[6] وروى الإمام البيهقي في السنن الكبرى النص مقيداً، هكذا: "قال سفيانُ: وقالَ عمرُو بنُ قيسٍ عن رجلٍ عن إبراهيمَ أنهُ قالَ: المُرْتَدُ يُسْتَتَابُ أبداً، كُلَّمَا رَجَعَ".[7] وبهذا يُعلم أن الإجماع على قتل المرتد ثابت، فإذا وُجد قول شاذ مخالف لهذا الإجماع وللأدلة الصحيحة الصريحة في قتله في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي عهد خلفائه.ومن تلاهم، فلا عبرة به.
1 - فتح الباري (15/282) دار الفكر.
2 - الحشر
3 - البخاري (2/958) ومسلم (12/14) دار إحياء التراث العربي.
4 - فتح الباري14/267 دار الفكر.
5 - المغني على مختصر الخرقي 12/264
6 - (10/164) دار الفكر.
7 - (12/385)



السابق

الفهرس

التالي


Error In Connect