[
الصفحة الرئيسية
] [
حول الموقع
] [
تعريف بصاحب الموقع
]
﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب
::
66- سافر معي في المشارق والمغارب
::
(34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف.
::
(067) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(066) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(065) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث
::
::
::
::
::
::
::
::
::
::
جملة البحث
جميع محتويات الموقع
المقالات العامة
مقالات الحدث
الجهاد في فلسطين
2 أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع المسلم
المقالات العامة
الإيمان هو الأساس
غيث الديمة الجزء الأول
غيث الديمة الجزء الثاني
حوارات مع أوربيين مسلمين
حوارات مع أوربيين غير مسلمين
الحدود و السلطان
حكم زواج المسلم بالكتابية
رحلة هونج كونج
جوهرة الإسلام
كتاب الجهاد
المسئولية في الإسلام
دور المسجد في التربية
كتاب سبب الجريمة
كتاب الشورى في الإسلام
كتاب السباق إلى العقول
الإيمان إصطلاحاً و أثره سلوكاً
كتاب طل الربوة
كتاب الوقاية من المسكرات
الكفاءة الإدارية
معارج الصعود إلى تفسير سورة هود
مقدمة سلسلة في المشارق و المغارب
المجلد الأول : رحلات الولايات المتحدة الأمريكية
المجلد الثاني : رحلات المملكة المتحدة (بريطانيا) و آيرلندا
المجلد الثالث : رحلات اليابان وكوريا وهونغ كونغ
المجلد الرابع:رحلات إندونيسيا الجزء الأول 1400هـ ـ 1980م
المجلد الخامس : الرحلة إلى إندونيسيا الجزء الثاني 1410هـ ـ 1990م
المجلد السادس : رحلات إندونيسيا الجزء الثالث 1419هـ ـ 1989م
المجلد السابع : رحلات أستراليا و نيوزيلاندا و سريلانكا
المجلد الثامن : رحلات كندا و إسبانيا
المجلد التاسع : رحلات سويسرا و ألمانيا و النمسا
المجلد العاشر : رحلات بلجيكا و هولندا و الدنمارك
المجلد الحادي عشر:رحلات السويد و فنلندا و النرويج
المجلد الثاني عشر : رحلات فرنسا و البرتغال و إيطاليا
المجلد الثالث عشر : رحلات سنغافورة و بروناي و تايوان
المجلد الرابع عشر : رحلات باكستان و الهند
المجلد الخامس عشر : رحلات تايلاند (بانكوك)
المجلد السادس عشر : الرحلة إلى ماليزيا
المجلد السابع عشر : رحلات الفلبين
المجلد الثامن عشر : رحلة كينيا
الفهرس
(5) مكاتبة العبيد إذا علم أن فيهم خير.. المحاضرة السادسة عشرة في 17/10/1385هـ
قوله تعالى: ((
وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً...
)). الصحيح أن الذين مبتدأ، كما يدل عليه ظاهر استقراء القرآن ومنه قوله تعالى: ((
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
)). [الآية الثانية من هذه السورة]. وقوله تعالى: ((
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا
)). [المائدة:38]. وهو يدل على خلاف ما ذهب إليه الأستاذ سيبويه من أن المختار في الاسم المشتغل عنه في الطلب النصب، وهو ما عقده ابن مالك بقوله: واختير نصب قبل فعل ذي طلب ودخول الفاء في قوله: ((
فكاتبوهم
)) التي هي جملة الخبر لتضمن الموصول معنى الشرط. ومعنى: ((
يبتغون
)) يطلبون. والمراد بالكتاب: المكاتبة، وقياس مصدر فاعل الفعال والمفاعلة كقاتل قتالاً ومقاتلة، وجادل جدالاً ومجادلة وخاصم خصاماً ومخاصمة، وقد عقده ابن مالك بقوله: لفاعل الفعال والمفاعلة.. وقيل المراد به الصك المكتوب فيه، لأن المكاتبة بين السيد والعبيد تكون عادة في صك. قال بعض العلماء: نزلت في غلام حاطب، وقيل في غيره وعلى كل حال فالعبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب. والإماء في ذلك كالعبيد باطباق المفسرين. والمكاتبة عقد عتاقة على مال، ولابد أن يكون منجماً عند أكثر العلماء. قال الشافعي: أقلها ثلالة أنجم، لأن الكتابة رخصة جاء بها الشرع والمعروف أن الأصول تدل على منعها، لأن الانسان لا يشتري ماله بماله، والعبد وماله للسيد، ولم تكن الكتابة في عهد النبى صلى الله عليه وسلم إلا منجمة. وذهب مالك وعامة أصحابه إلى أن التنجيم ليس شرطاً في المكاتبة، لأنه إنما شرع لمصلحة العبد، فإنه في الغالب لا يجد مالاً يدفعه في آن واحد، وقول مالك أقيس، فانه إذا جاز ذلك منجماً، فأي مانع منه دفعة واحدة. وتسمى المقاطعة إذا دفعت جملة، عندهم. وأكثر العلماء على أن العبد لا يعتق ما دام عليه درهم واحد. وقال بعضهم: إذا أدى نصف ما عليه عتق وصار مديناً بالباقي. وقال آخرون: إذا دفع أول نجم عتق وصار مديناً بالباقي. وقال آخرون: يعتق منه بقدر ما يدفع، فإذا دفع الثلث عتق منه الثلث - مثلاً- فيكون مبعضاً. والأمر في قوله تعالى: ((
فكاتبوهم
)) فيه قولان: القول الأول: أنه للوجوب، لأن المعروف أن صيغة الأمر المجردة عن القرائن تكون للوجوب، وهو ظاهر مذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لأن سيرين عبد أنس، رضي الله عنه كان حسن التصرف، وطلب من أنس المكاتبة فأبى، فرفع أمره إلى عمر، رضي الله عنه، فرفع عمر على أنس الدرة ليضربه، وقال: الله يقول: ((
فكاتبوهم
)) وأنت تقول: لا؟! . [صحيح البخارى (3/ 126) وهذا نصه: أن سيرين سأل أنساً المكاتبة، وكان كثير المال، فأبى، فا نطلق إلى عمر رضي الله عنه، فقال: كاتبه فأبى فضربه بالدرة، ويتلو عمر: ((
فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً
)). وراجع تفسير القرآن العظيم لابن كثير (3/287) وفي هذه القصة بيان ما كان عليه رعاة المسلمين من الصرامة في أحكام الله على القوي والضعيف، وإنصاف الضعفاء من الأقوياء، ومشروعية الأسر في تحرير العبيد، وهل الأسر المشروع في الإسلام مع ما ضمنه للأسرى من الكرامة خير للأسرى؟! أو ما يجده اليوم الأحرار إذا كانوا ضعفاء من الظلم والعدوان من دعاة حقوق الإنسان، في أغلب بلدان العالم، وبخاصة المسلمين؟!]. وذهب جمهور العلماء إلى أن الأمر للندب، ولإرشاد- وهذا هو القول الثاني - قالوا: ولا نسلم أن القرينة الصارفة منتفية هنا، بل القرينة دالة على أنه للندب من وجهين: الوجه الأول: معنوي، وهو أن حقيقة الكتابة لا تتعدى العتق أو البيع، لأنها من حيث إخراج الرقبة عن الرق عتق، ومن حيث أخذ العوض بيع، وقد دل الكتاب والسنة والاجماع على أن الرجل لا يقهر على أن يبيع، ولا على أن يعتق، وهذا دليل على أن الأمر إنما هو للإرشاد والاستحباب، وليس للوجوب. الوجه الثاني: لفظي، وهو قوله تعالى: ((
إن علمتم فيهم خيراً
)) فلما وكل العلم إلى السادة، فكأنه وكل الأمر كله إليهم، فقد يقولون: علمنا فيهم خيراً، وقد يقولون: ما علمنا فيهم خيراً. وقوله تعالى: ((
إن علمتم فيهم خيراً
)) شرط تخصيص الأمر بالكتابة أي مفهومه أنكم إن لم تعلموا فيهم خيراً فلستم مأمورين بالكتابة وهو يصدق بالجواز أو الكراهة. وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله، أو هو الجواب على رأي الكوفيين. والخير اسم جامع لكل الفضائل الدينية والدنيوية. قال بعضهم: المراد به هنا الدين والصلاح، لأن من كان ذا دين تحصل له فوائد من عتقه، لإقامة دينه ومحافظته على الأوامر الشرعية، بخلاف الرق، فإنه مشغلة. وقال آخرون: المراد القدرة على أداء المال، وذلك أنه إذا قدر على أداء المال عرف أنه قادر على الكسب والحصول على ما يغنيه، فلا يكون عالة على المجتمع. والقاعدة: أن النص إذا احتمل معاني حمل عليها كلها، فإذا لم يكن صالحاً في الدين وخلصه سيده من الرق فكأنه أعانه على فساده.. والله تعالى يقول: ((
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ
)) [المائدة: من الآية2]. والذي لا يقدر على الاكتساب يكون عالة على الناس، فتحصل منه أذية لهم. وإذا كانت الكتابة على نجوم معينة وأراد العبد أن يعجز نفسه، فهل يجوز ذلك؟ والجواب: أن الصحيح أن العبد له حالتان: حالة يوافق فيها على تعجيز نفسه، وهي ما إذا لم يكن له مال ظاهر. وحالة لا يوافق فيها على تعجيز نفسه، وهي ما إذا كان له مال ظاهر فيحض على الحرية، لأن الشرع يتشوق للحرية، ولا يشجع على الرق. وقوله تعالى: ((
وآتوهم من مال الله الذي آتاكم
)). قال بعضهم: الخطاب للسادة المكاتِبين، أمروا بإعانة المكاتبين وبهذا قال مالك وأصحابه. وقال بعضهم: بل المراد به الأئمة، والمراد إيتاؤهم من الزكاة وهم المراد بقوله تعالى: ((
وفي الرقاب
)) [التوبة:60] والأمر هنا يكون للوجوب. وقال بعض العلماء: القرينة تدل على أنه ليس المراد هذا الوجه، لأن الولاة ليسوا مالكين للزكاة، حتى يلزموا بإيتاء العبيد منها والإنسان إنما يلزم بما هو في ملكه. وقال بعضهم: الآية عامة، أي أن الأمر موجه إلى عموم المؤمنين وهذا هو ظاهر القرآن. فإذا عجز العبد ومال الناس الذي أعطوه موجود.. فقال بعضهم: لهم الحق أن يأخذوه ويرجعوا فيه، لأنهم أعطوه لغرض، فكأنه أعطى بشرط لم يتحقق.. وقال آخرون: لا حق لهم في الرجوع. (6) تحريم إكراه السيد إماءه على الزنى.. قوله تعالى: ((
وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ
)). أجمع العلماء أن هذه الآية نزلت في جواري عبد الله بن أبي كن يبغضن الزنى، وهو يكرههن عليه، لينال بذلك ما كان يعتاد أهل الجاهلية من المكاسب الخبيثة، وكانوا إذا حملت الأمة لسيد من سادات العرب بالزنى، ثم ولدت يسأل عنه حتى يجده فيفيده بالأموال الطائلة. فشكت الجواري إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية. المراد بالبغاء الزنى، وقد يطلق على الطلب، ولكنه في الزنى أكثر. وهو المراد هنا إجماعاً. والفتيات يطلق على الشابات، يقال للشاب: فتى، وللشابة: فتاة، ولكن استعماله بمعنى الأمة أكثر، وهو المراد هنا، ومنه الحديث: (لا يقل أحدكم عبدي وأمتي وليقل فتاي وفتاتي). [البخاري (3/123) ومسلم (4/1764) من حديث أبي هريرة]. وقوله تعالى: ((
إن أردن تحصناً
)) لا مفهوم مخالفة له، أي فلا يفهم أنهن إذا لم يردن التحصن يجوز إكراههن، بالاجماع، فإن النص نزل مشخصاً لهذه الصورة الواقعية، والنص إذا جاء مشخصاً لمسألة من المسائل، لا يؤخذ بالمفهوم المخالف فيه، أي إن المفهوم لا يراد إخراجه عن حكم المنطوق.. ومن هذا قوله تعالى: ((
وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ
)) [المؤمنون:117]. فلا يفهم أن هناك إلهاً آخر عليه برهان. وكذلك قوله تعالى: ((
لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ
)) [آل عمران: من الآية28]. فلا يفهم منه أنهم لو اتخذوا الكفار أولياء مع المؤمنين جاز ذلك. والمراد بالتحصن التعفف عن الرذيلة، ومن إطلاق الإحصان على العفة قول الشاعر:
قوله تعالى: ((
لتبتغوا عرض الحياة الدنيا
)). أي أن هذا هو موجب الإكراه وهو مهر الزنى وفداء أولاد الزنى. وإنما أطلق عليها عرض، لأنها شىء عارض، وهذا أيضاً لا مفهوم له، لأن النص جاء مخصصاً المسألة بعينها، وهو أنهم يكرهونهن على الزنى لينالوا ما ذكر. قوله: ((
ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم
)) أي غفور رحيم لهن، وليس المراد أنه غفور رحيم للذين أكرهوهن، لأن الغفران والرحمة يناسبان المقهور المكرَه، لا المجرم المكرِه. وفي هذه الآية دليل على أن المسلم إذا وقع في ذنب وهو مكره مقهور، لا يؤخذ به.. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه). [الحديث في سنن ابن ماجة (1/659) من حديث أبي ذر الغفاري، ولفظه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) وذكره الشيخ الألباني في صحيح سنن ابن ماجة (1/347) وقال: صحيح وأشار إلى رقمه في المشكاة بتخريجه: 6284، ورقمه في إرواء الغليل 82 وذكر ابن ماجه شاهدين للحديث أحدهما عن أبي هريرة، والثاني عن ابن عباس]. وهذا الحديث، وإن أعله الامام أحمد وابن حزم فقد تلقته الأمة بالقبول. والقرآن الكريم قد دل على أن المكره لا يؤاخذ بما أكره عليه، كما قال تعالى: ((
مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
)) [النحل:106]. قوله تعالى: ((
وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ
)) قوله: ((
مبينات
)) فيه قراءتان: الأولى: باسم الفاعل.. والثانية: باسم المفعول. ومعناه على الأولى: إما بمعنى اللازم، أي واضحات ظاهرات لا خفاء فيها، وإما من المتعدي، أي موضحات ومظهرات للأحكام الشرعية. ومعناه على القراءة الثانية: موضحات، وضحها الله تعالى وأظهرها أتم توضيح وأظهره. ومجيء: بيَّن غير متعد لغة فصيحة مشهورة عند العرب ومما أثر عنهم: بيَّن الصبح لذى عينين، أي ظهر، وقول الشاعر:
أي تظهر به، وروي بنصب شحوب، ولا شاهد على هذه الرواية في البيت. ومنه قول الشاعر:
وقوله: ((
ومثلاً
)) أي صفة مشابهة لصفات من خلوا من قبلكم، لأن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، رميت بالفرية والإفك، وبعد أن خاض الناس في ذلك برأها الله تعالى مما رميت به، فقال تعالى: ((
أولئك مبرؤون مما يقولون
)). وقد مضى مثل ذلك لمريم بنت عمران، حين رماها قومها بعيسى حينما جاءت تحمله بأنه ابن زنى.. كما قال تعالى: ((
يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً
)) [مريم:28]. وقال تعالى: ((
وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً
)) [النساء:156]. وقد برأها الله تعالى على لسان ابنها، وهو صغير، كما قال تعالى: ((
فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّا
)) [مريم:29-30]. ويوسف عليه السلام رمته امرأة العزيز أنه أرادها على نفسها كما قال تعالى: ((
وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
)) [يوسف:25]. فوقع ما وقع عليه من السجن، ثم برأه الله تعالى على ألسنة النساء اللاتي ساعدن امرأة العزيز، وعلى لسان امرأة العزيز نفسها، كما قال تعالى: ((
قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ
)) [يوسف:51]. وقوله: ((
وموعظة للمتقين
)). إنما خصهم بالموعظة، لأنهم هم المنتفعون بها، وكثيراً ما يخص الله المنتفع، مع أن المراد العموم، كما قال تعالى: ((
فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ
)) [قّ: من الآية45]. والموعظة الكلام الذي تلين به القلوب، والعامة لا يفهمون من الموعظة والوعظ إلا الكلام الذي فيه ترغيب، وترهيب، بذكر الجنة ونعيمها، وذكر النار وعذابها، ولكن الله تعالى كثيراً ما يطلق في كتابه العزيز الموعظة على الأوامر والنواهي. ولا شك أنها من أعظم المواعظ، ووجه كون الأوامر والنواهي مواعظ أن المسلم العارف أعظم ما يلين قلبه أوامر الله تعالى ونواهيه عندما يسمعها، لعلمه بأن الله يثيبه إذا امتثل الأمر، ويعاقبه إذا ارتكب النهي، فيكون بين الخوف والطمع، وهذا معروف مشاهد في المخلوقين، فإنت ترى الناس يسارعون في تنفيذ رغبات الملوك ويبتعدون كل الابتعاد عما يسخطهم خوفاً من بطشهم وطمعاً في القرب منهم، مع أنهم بشر، فكيف بخالق السماوات والأرض وله المثل الأعلى؟! وإطلاق الوعظ بهذا المعنى كثير في القرآن، ومنه ما في هذه الآية، وما مضى في قوله تعالى: ((
يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
)).. [الآية: 17 من هذه السورة]. وكذلك لما ذكر الله تعالى أحكاماً كثيرة في سورة البقرة في الطلاق والرجعة والنكاح، قال تعالى: ((
ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ
)) [البقرة: من الآية232]. سادساً: المستضيؤون بنور الله والمحرومون منه.. قال تعالى: ((
اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ * أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ * أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ * وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ * أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ * يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ * وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ * وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ
)).
الفهرس
Error In Connect