[
الصفحة الرئيسية
] [
حول الموقع
] [
تعريف بصاحب الموقع
]
﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب
::
66- سافر معي في المشارق والمغارب
::
(34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف.
::
(067) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(066) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
::
(065) سافر معي في المشارق والمغارب
::
(030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث
::
::
::
::
::
::
::
::
::
::
جملة البحث
جميع محتويات الموقع
المقالات العامة
مقالات الحدث
الجهاد في فلسطين
2 أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع المسلم
المقالات العامة
الإيمان هو الأساس
غيث الديمة الجزء الأول
غيث الديمة الجزء الثاني
حوارات مع أوربيين مسلمين
حوارات مع أوربيين غير مسلمين
الحدود و السلطان
حكم زواج المسلم بالكتابية
رحلة هونج كونج
جوهرة الإسلام
كتاب الجهاد
المسئولية في الإسلام
دور المسجد في التربية
كتاب سبب الجريمة
كتاب الشورى في الإسلام
كتاب السباق إلى العقول
الإيمان إصطلاحاً و أثره سلوكاً
كتاب طل الربوة
كتاب الوقاية من المسكرات
الكفاءة الإدارية
معارج الصعود إلى تفسير سورة هود
مقدمة سلسلة في المشارق و المغارب
المجلد الأول : رحلات الولايات المتحدة الأمريكية
المجلد الثاني : رحلات المملكة المتحدة (بريطانيا) و آيرلندا
المجلد الثالث : رحلات اليابان وكوريا وهونغ كونغ
المجلد الرابع:رحلات إندونيسيا الجزء الأول 1400هـ ـ 1980م
المجلد الخامس : الرحلة إلى إندونيسيا الجزء الثاني 1410هـ ـ 1990م
المجلد السادس : رحلات إندونيسيا الجزء الثالث 1419هـ ـ 1989م
المجلد السابع : رحلات أستراليا و نيوزيلاندا و سريلانكا
المجلد الثامن : رحلات كندا و إسبانيا
المجلد التاسع : رحلات سويسرا و ألمانيا و النمسا
المجلد العاشر : رحلات بلجيكا و هولندا و الدنمارك
المجلد الحادي عشر:رحلات السويد و فنلندا و النرويج
المجلد الثاني عشر : رحلات فرنسا و البرتغال و إيطاليا
المجلد الثالث عشر : رحلات سنغافورة و بروناي و تايوان
المجلد الرابع عشر : رحلات باكستان و الهند
المجلد الخامس عشر : رحلات تايلاند (بانكوك)
المجلد السادس عشر : الرحلة إلى ماليزيا
المجلد السابع عشر : رحلات الفلبين
المجلد الثامن عشر : رحلة كينيا
الفهرس
خلاصة رحلة الإنسان:
وقد أجمل الله تعالى خلاصة رحلة هذا الإنسان في كوكب الأرض، وما يستقبله بعد حياته في الآخرة، فقال جل من قائل:
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (16)}
.
[
1
]
وقال تعالى:
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ (54)}
.
[
2
]
والذي يعنينا من هذا الإجمال ثلاثة أمور: الأمر الأول: الجزء الذي يسبق مرحلة تكليف الإنسان من رحلته في الدنيا، وهو ما قبل بلوغه. الأمر الثاني: الجزء الذي يبدأ فيه تكليفه بعد بلوغه. الأمر الثالث : الجزء الذي يبدأ بنهاية حياته في الدنيا. فهو في الأمر الأول ـ مرحلة ما قبل التكليف ـ يتحمل ولي أمره من البالغين المسؤولية عنه، سواء كانت مادية أو معنوية، والمسؤولية المادية معروفة في الجملة، من إرضاعه وحفظه وحفظ ماله، وغير ذلك من الأحكام التي تكون له أو عليه، وكلها مفصلة في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله ‘، وفي كتب الأحكام، ولسنا بصدد بيانها هنا؛ لأن محلها كتب الفقه والأحكام. ويهمنا هنا الناحية المعنوية، وهي تعليمة وتزكيته وتمرينه وإعداده لمرحلة الجزء الثاني، وهي مرحلة التكليف التي يتلقى فيه أوامر الله ونواهيه، ويصبح مسؤولاً عن عمله مسؤولية كاملة، لا يتحمل وزره غيره. 1- تبدأ العناية به قبل وجوده في رحم أمه: بتحصينه من الشيطان بعد وجوده بلجوء والديه إلى الله تعالى بذكر اسم الله تعالى والاستعاذة من الشيطان، كما في حديث ابن عباس رضي الله عنه، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فقضي بينهما ولد لم يضره).
[
3
]
2- يتلو ذلك الأذان في أذنه عند ولادته: فالسنة أن يؤذن في آذانهم، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، مع ابن بنته الحسن بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، فقد روى أبو رافع رضي الله عنه، قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة".
[
4
]
وكون الطفل في هذه الفترة من عمره لا يفهم معاني الأذان ولا يعقلها، لا يمنع من أن يكون لله تعالى حكمة في فعل ذلك، فقد يودع الله تعالى في عقله وقلبه ما يختزن تلك المعاني حتى إذا كبر وعقل نبه الأذان الذي يسمعه في حال فهمه وعقله ما سبق أن أودعه الله تعالى فيه عند ولادته، وليس ذلك بغريب ولا عزيز على قدرة الله تعالى وحكمته، كما هو حال ما أودعه الله تعالى في فطر ذرية آدم عندما أخرجهم من ظهره قبل أن يخلقهم في أرحام أمهاتهم، فإذا خلقهم وأرسل إليهم رسله لإقامة الحجة عليهم حرك تلك الفطرة فيهم مُؤَكَّدة بما أقامه عليهم من حجة وحيه على رسله. كما قال تعالى:
{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}
.
[
5
]
3- متابعته في مرحلة طفولته التي يمكنه فيها فهم ما يوجهه به أولياء أمره: فيؤمر بأداء الصلاة ليتمرن عليها قبل أن يُكَلَّفَها تكليفاً يأثم بسببه إذا تركها، وكذلك يدرب في صغره على الصيام، مع ما يربى عليه من الأخلاق، كالصدق ونحوه. ومما يجب أن يعلمه أهل الطفل الصغير أو الشاب الناشئ، أن الله تعالى قد أمرهم أمر إيجاب رحمة منه بهم وبمن يكونون مسؤولين عنه، بأن يتخذوا الوسيلة التي تقيهم وتقيه نار جهنم، ولا طريق إلى ذلك إلا التعليم والتزكية اللتين هما من أهم وظائف الرسل عليهم الصلاة والسلام، وبخاصة نبينا صلى الله عليه وسلم. كما قال تعالى:
{كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}
.
[
6
]
ويدخل في ذلك جميع الأسرة والأقارب في هذا الأمر، كما قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}
.
[
7
]
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: "وقال قتادة: يأمرهم بطاعة الله وينهاهم عن معصية الله، وأن يقوم عليهم بأمر الله ويأمرهم به ويساعدهم عليه، فإذا رأيت لله معصية قدعتهم عنها وزجرتهم عنها..".
[
8
]
قلت: ويجب ألا يفهم من متابعة الإنسان في تعليمه وتزكيته، أن ذلك خاص بمتابعة الكبار للصغار والشباب فقط، بل المقصود متابعة الصالحين من الأهل والأقارب لكل من يرونه مقصراً في طاعة الله أو ترك معصيته، في أي مرحلة من مراحل عمر الْمُعلَّم والْمُعَلِّم، ويدخل في ذلك الأبوان والإخوان وجميع الأقارب من أصول وفروع وحواش، فيعلم الكبيرُ الذي عنده علم الصغيرَ، ويعلم الصغيرُ العاقل الذي عنده علم وتُقىً الكبيرَ، ولو كان أباه أو أمه أو جده أو غيرهم من كبار أقاربه، مع مراعاة الصغار الأدب مع الكبار؛ لأن المقصود هو تعليم وتزكية من يحتاج إلى تعليم وتزكية. ولا يختص التعليم والتزكية بالأهل والأقارب، بل يشمل كل قادر عليهما لكل من يحتاج إليهما حيث أمكن؛ لأن ثمرتهما تنال الأمة، وضرر تركهما ينالها كذلك. وذلك داخل كذلك في قاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي قاعدة معروفة، تكررت في الكتاب والسنة وفي كتب العلماء، وقد ذكرت شيئاً مما يتعلق بهما في كتابي "أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي". 4- تدريبه على صلته بربه في طفولته: ففي الصلاة ما روى عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (علموا الصبي الصلاة ابن سبع سنين، واضربوه عليها ابن عشر).
[
9
]
وفي الصيام ما في حديث الربيع بنت معوذ بن عفراء، قالت: "أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم،غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: (من كان أصبح صائماً فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطراً، فليتم بقية يومه). فكنا بعد ذلك نَصُومُ ونصوِّم صبياننا الصغار منهم إن شاء الله، ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناها إياه عند الإفطار" ـ وفي رواية ـ: "ونضع لهم اللعبة من العهن فنذهب به معنا، فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم".
[
10
]
ويجب مراعاة الأطفال في تدريبهم على الصيام؛ بحيث لا يحدث لهم ضرراً في أبدانهم، ولا يشعرون بأنه عقاب لهم، بل ينبغي أن يشعروا بأنهم إذا فعلوا ذلك أحبَّهم الله وأدخلهم الجنة. وهذه من أعظم التزكية والتربية والتعليم للطفل التي تبدأ معه من صغر سنه شيئاً فشيئاً ليكون عندما يُكَلِّفه الله تكليفاً مفروضاً عليه قد تمرن على القيام بذلك وألفه فلا ينفر من التكليف، ولا يتأخر عما أمره الله به، ولكن ينبغي في تربيتهم هذه ألا يكلفوا ما يشق عليهم أو يضرهم، لما في ذلك من عواقب سيئة عليهم، ومنها بغضهم للعبادة التي يُكرهون عليها مع مشقتها التي لا يقدرون على تحملها. 5- فإذا تابعه ولي أمره في صغره، شب على طاعة الله فلا يثقل عليه شيء منها بإذنه تعالى، بل يكون محباً لعبادة الله لا ينفك قلبه معلقاً ببيوت الله، فيكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ بعبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه).
[
11
]
وكلما تقدم من اهتم به ولي أمره في صغره بالتربية والتنشئة الصالحة، ازداد تقرباً إلى ربه وشكراً له وطلباً لرضاه، وألح على ربه أن يصلح له ذريته كما أصلحه قبلهم، فيدخل فيمن قال الله تعالى فيه:
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ (15) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)}
.
[
12
]
قال القرطبي رحمه الله: "ففي الأربعين تناهي العقل وما قبل ذلك وما بعده منتقص عنه والله أعلم، وقال مالك: أدركت أهل العلم ببلدنا وهم يطلبون الدنيا والعلم، ويخالطون الناس حتى يأتي لأحدهم أربعون سنة فإذا أتت عليهم اعتزلوا الناس واشتغلوا بالقيامة حتى يأتيهم الموت".
[
13
]
6- وكلما تقدم بالإنسان العمر قويت حجة الله عليه، وأصبحت مسؤوليته عما يزاوله أعظم؛ لأن الله تعالى أعطاه فسحة من العمر تمكنه من الرجوع إلى ربه والتوبة إليه مما قد يرتكبه من معاصيه، فلم يعد له عذر عند ربه. ولهذا عدَّ الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، الشيخ الزاني ممن لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم؛ لأن الغالب أن دواعي الزنا عند المتقدمين في العمر، تقل وتضعف، فتعاطيهم له دليل على تأصل حب الشر والمعصية، والبعد عن الخير والطاعة. كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ـ قال أبو معاوية ـ ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم؛ شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر).
[
14
]
قال تعالى عن الكفار الذين طلبوا منه إخراجهم من النار التي استحقوها بأعمالهم الخبيثة، ليعملوا أعمالاً صالحة غير تلك الأعمال القبيحة:
{وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (37)}
[
15
]
وكون الآية نازلة في شأن الكفار لا يمنع من الاستدلال بها على من فرَّط من المسلمين في عمره، فارتكب المعاصي وترك الطاعات؛ لأن كلاً من الكفار والمسلمين فرطوا في أعمارهم التي جعل الله تعالى لهم فيها فسحة، وكل منهم عصى ربه، وإن اختلفت مراتب المعصية. وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (إذا بلغ الرجل من أمتي ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر). وحديثه الآخر: قال: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك)..
[
16
]
7- ومما يدعو المسلم إلى الحرص على طاعة الله تعالى في كل مراحل عمره؛ أن حياته ومماته وكل حركة يتحركها أو سكنة يسكنها، مأمور أن يتوجه بها إلى طاعة ربه سبحانه وتعالى، فإذا ما انحرف عن التوجه إلى الله في أي لحظة من لحظاته خيف عليه من سوء العاقبة. قال تعالى:
{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (63)
[
17
]
ونهاه الله تعالى عن ترك اتخاذ الأسباب التي يعينه بها على الموت مسلماً، وتلك الأسباب هي طاعة الله وترك معصيته، وإلا فما الذي يجعله آمناً على الموت في حالة يكون الله فيها ساخطاً عليه؟ قال تعالى:
{وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمْ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
.
[
18
]
وأمره تعالى في جميع مراحل عمره أن يكون قائماً بعبادته حتى يأتيه الموت، قال تعالى:
{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}
.
[
19
]
8- جاء في الحديث الصحيح ما يوجب على الإنسان الحذر من سوء الخاتمة التي قد لا يكون متوقعاً حدوثها، فلا بد من الحذر منها ولا يركن إلى نفسه وإلى ما يقوم به من عمل الخير الظاهر، فإنه قد لا يكون هو خاتمة حياته، كما في حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، أن رسول الله قال: (إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة).
[صحيح البخاري 3/1061 وصحيح مسلم (1/106) وفي بعض روايات الحديث عند البخار (6/2436).زيادة في آخره: (الأعمال بالخواتيم) وفي لفظ عن عائشة رضي الله عنهـا أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (إنما الأعمال بالخواتيم).
[صحيح البخاري (1/380 وصحيح مسلم (4/2171).]
فالخاتمة هي المعتبرة، فيجب على كل مسلم الحرص على أن تكون خاتمته خاتمة خير يرضى الله تعالى عنه بها، ولا يغتربالسوابق فقد تهدمها اللواحق أدام الله لنا سوابق الخير وختم لنا بلواحقها، وأعاذنا الله وإياكم من سيئات الخواتيم ولواحقها الهدامة. وفي الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة: 9- وليعتبر الأستاذ بحرص الرسول صلى الله عليه وسلم، على الإكثار من الطاعات القولية والعملية المبنية على الأصل الثابت في القلب وهو الإيمان القوي، واليقين الجازم، اللذين تنبثق عنهما جميع الطاعات الظاهرة. فقد كان صلى الله عليه وسلم مع علمه بأن الله تعالى قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ينصب ويجتهد في عبادة ربه، فلا يفتر عنها، كما في حديث المغيرة رضي الله عنه، قال: "إن كان النبي صلى الله عليه وسلم، ليقوم ليصلي حتى ترم قدماه أو ساقاه فيقال له؟" فيقول: (أفلا أكون عبداً شكوراً).
[صحيح البخاري (1/380 وصحيح مسلم (4/2171).]
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة).
[صحيح البخاري (5/2324.]
وبذلك الاجتهاد والنصب في عبادة ربه زكى أصحابه وربَّاهم، فليكن قدوة للأستاذ وطلابه في التزكية والتربية. وفي تذكر الغربة قوة صلة بالله: ولتكن الغربة في الدنيا شعارنا، وهو ما وصى به الرسول صلى الله عليه وسلم، أمته، فلا نجعل الدنيا التي سننتقل منها حتماً، مهما طالت أعمارنا فيها، همنا وغايتنا، ولنعتبر بمن سبقنا في هذه الدنيا من الأمم والأفراد منذ بدأ الله الخلق إلى يومنا هذا هل بقي فيها أحد من المخلوقين مخلداً، من أناسي أو حيوانات؟ قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهـما: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمنكبي فقال: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك".
[صحيح البخاري (5/2358).]
نقل ابن حجر رحمه الله عن العلماء كلاماً في بيان معنى الغربة، تختلف ألفاظه وتتفق معانيه، ومنه قوله: "المراد أن ينزل المؤمن نفسه في الدنيا منزلة الغريب فلا يعلق قلبه بشيء من بلد الغربة، بل قلبه متعلق بوطنه الذي يرجع إليه، ويجعل إقامته في الدنيا ليقضي حاجته وجهازه للرجوع إلى وطنه، وهذا شأن الغريب أو يكون كالمسافر لا يستقر في مكان بعينه بل هو دائم السير إلى بلد الإقامة". انتهى وليس المراد من هذه الغربة أن يترك المسلم الأسباب المادية المشروعة التي تنفعه وتنفع غيره والإسهام في عمارة الدنيا بها، فكم من آخذ بالأسباب التي يصير بها غنياً وعامراً للدنيا، وهو غريب فيها، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف. وفي كل خير. احرص على ما ينفعك واستعن بالله، ولا تعجز).
[أخرجه مسلم.]
1
- المؤمنون
2
- الروم
3
- صحيح البخاري (1/65) وصحيح مسلم (2/1058).
4
- أبو داود (5/333) أحمد (6/9) والترمذي 4/97) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
5
- الأعراف 172
6
- البقرة 151
7
- التحريم 6
8
- (8/167) دار طيبة.
9
- الترمذي (2/259) وقال:… حديث حسن صحيح، وأبو داود (1/332ـ333) وقال المحشي عليه: "وفي المجموع النووي (3/10): حديث سبرة صحيح..".
10
- مسلم (2/798) والرواية الثانية تبين المعنى المراد من الأولى، أي أعطيناهم يلهون بها حتى يحين الإفطار.
11
- صحيح البخاري (1/234) وصحيح مسلم 2/ص715).
12
- الأحقاف
13
- تفسير القرطبي (14/353).
14
- صحيح مسلم (1/102).
15
- فاطر
16
- المستدرك على الصحيحين (2/463) وقال في الحديث الأول "صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه" وقال في الثاني: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" ورواه الإمام الترمذي رحمه الله في جامعه (5/553).
17
- الزمر
18
- القرة 132
19
- الحجر 99
20
- صحيح البخاري 3/1061 وصحيح مسلم (1/106) وفي بعض روايات الحديث عند البخار (6/2436).زيادة في آخره: (الأعمال بالخواتيم) وفي لفظ عن عائشة رضي الله عنهـا أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (إنما الأعمال بالخواتيم). [[صحيح البخاري (1/380 وصحيح مسلم (4/2171).
21
- صحيح البخاري (1/380 وصحيح مسلم (4/2171).]] فالخاتمة هي المعتبرة، فيجب على كل مسلم الحرص على أن تكون خاتمته خاتمة خير يرضى الله تعالى عنه بها، ولا يغتربالسوابق فقد تهدمها اللواحق أدام الله لنا سوابق الخير وختم لنا بلواحقها، وأعاذنا الله وإياكم من سيئات الخواتيم ولواحقها الهدامة. وفي الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة: 9- وليعتبر الأستاذ بحرص الرسول صلى الله عليه وسلم، على الإكثار من الطاعات القولية والعملية المبنية على الأصل الثابت في القلب وهو الإيمان القوي، واليقين الجازم، اللذين تنبثق عنهما جميع الطاعات الظاهرة. فقد كان صلى الله عليه وسلم مع علمه بأن الله تعالى قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ينصب ويجتهد في عبادة ربه، فلا يفتر عنها، كما في حديث المغيرة رضي الله عنه، قال: "إن كان النبي صلى الله عليه وسلم، ليقوم ليصلي حتى ترم قدماه أو ساقاه فيقال له؟" فيقول: (أفلا أكون عبداً شكوراً). [[صحيح البخاري (1/380 وصحيح مسلم (4/2171).
22
- صحيح البخاري (1/380 وصحيح مسلم (4/2171).]] وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة). [[صحيح البخاري (5/2324.
23
- صحيح البخاري (5/2324.]] وبذلك الاجتهاد والنصب في عبادة ربه زكى أصحابه وربَّاهم، فليكن قدوة للأستاذ وطلابه في التزكية والتربية. وفي تذكر الغربة قوة صلة بالله: ولتكن الغربة في الدنيا شعارنا، وهو ما وصى به الرسول صلى الله عليه وسلم، أمته، فلا نجعل الدنيا التي سننتقل منها حتماً، مهما طالت أعمارنا فيها، همنا وغايتنا، ولنعتبر بمن سبقنا في هذه الدنيا من الأمم والأفراد منذ بدأ الله الخلق إلى يومنا هذا هل بقي فيها أحد من المخلوقين مخلداً، من أناسي أو حيوانات؟ قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهـما: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمنكبي فقال: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء، وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك".[[صحيح البخاري (5/2358).
24
- صحيح البخاري (5/2358).]] نقل ابن حجر رحمه الله عن العلماء كلاماً في بيان معنى الغربة، تختلف ألفاظه وتتفق معانيه، ومنه قوله: "المراد أن ينزل المؤمن نفسه في الدنيا منزلة الغريب فلا يعلق قلبه بشيء من بلد الغربة، بل قلبه متعلق بوطنه الذي يرجع إليه، ويجعل إقامته في الدنيا ليقضي حاجته وجهازه للرجوع إلى وطنه، وهذا شأن الغريب أو يكون كالمسافر لا يستقر في مكان بعينه بل هو دائم السير إلى بلد الإقامة". انتهى وليس المراد من هذه الغربة أن يترك المسلم الأسباب المادية المشروعة التي تنفعه وتنفع غيره والإسهام في عمارة الدنيا بها، فكم من آخذ بالأسباب التي يصير بها غنياً وعامراً للدنيا، وهو غريب فيها، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف. وفي كل خير. احرص على ما ينفعك واستعن بالله، ولا تعجز).[[أخرجه مسلم.
25
-
الفهرس
Error In Connect