﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي

الدليل الأول: من القرآن الكريم:
وفيه آيتان صريحتان في النهي عن زواج المسلم المشركات ـ والكتابيات مشركات ـ والنهي عن إمساك المسلمين نساءهم الكوافر، وقد كان هذا مسكوتاً عنه في أول الإسلام. الآية الأولى: آية البقرة، وهي قوله تعالى: {وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}. [البقرة 221]. وجه الدلالة من الآية أن الله تعالى نهى عن نكاح كل امرأة مشركة، وجعل غاية النهي عن ذلك إيمانهن، والإيمان إذا أطلق في القرآن والسنة، هو الإيمان الشرعي، الذي نزل به القرآن، ووردت به السنة، ولا إيمان شرعياً بغير الإسلام بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، فكل مشركة داخلة في هذا العموم، والكتابيات مشركات، بدليل وصف الله تعالى أهل الكتاب بالشرك. كما في قوله تعالى: {وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}. [1]. فقد وصف اليهود والنصارى بأنهم يشركون به تعالى. وعلى هذا القول تعتبر آية البقرة ناسخة لآية المائدة على عكس ما ذهب إليه أهل المذهب الأول. وقد ذكر ابن حيان قولاً لابن عباس: "أن آية البقرة هذه عامة في الوثنيات والمجوسيات والكتابيات، وكل من على غير دين الإسلام، ونكاحهن حرام، والآية محكمة على هذا ناسخة لآية المائدة، وآية المائدة متقدمة في النزول على هذه الآية في سورة البقرة، وإن كانت متأخرة في التلاوة، ويؤيدها قول ابن عمر في الموطأ: ولا أعلم شركاً أعظم من أن تقول المرأة: ربها عيسى..". [2]. ومعنى هذا أن سورة المائدة، وإن كانت من آخر سور القرآن نزولاً، فلا يمنع ذلك من أن تكون بعض آياتها متقدمة على بعض آيات سورٍ نزلت قبلها، ومنها سورة البقرة، إلا أنه يشكل على ذلك عمل عامة الصحابة والتابعين بعدهم بحكم آية المائدة، إذ لو كانت منسوخة لكان عمل عامة المسلمين على خلافها، وهذا بعيد. ولهذا قال ابن حيان ـ بعد ذكره ما تقدم ـ: "ويجوز نكاح الكتابيات، قاله جمهور الصحابة والتابعين: عمر وعثمان وجابر وطلحة وحذيفة، وعطاء وابن المسيب والحسن وطاووس وابن جبير والزهري، وبه قال الشافعي، وعامة أهل المدينة والكوفة. قيل: أجمع علماء الأمصار على جواز تزويج الكتابيات، غير أن مالكاً وابن حنبل كرها ذلك مع وجود المسلمات والقدرة على نكاحهن…". وأجيب عن دعوى نسخ الآية بآية البقرة بأمرين: الأمر الأول: عدم وجود دليل على تأخر آية البقرة على آية المائدة، ودعوى نسخ آية البقرة بأية المائدة أولى؛ لأن سورة المائدة متأخرة عن سورة البقرة باتفاق بين العلماء. [3]. وعلى فرض عدم تأخر آية المائدة على آية البقرة، فإن الأولى المصير إلى الأمر الثاني الآتي. الأمر الثاني: أن الجمع بين النصين ـ إذا أمكن ـ أولى من إعمال أحدهما وإهمال الأخر، والجمع هنا ممكن، وهو ما ذهب إليه الجمهور من اعتبار آية البقرة عامة تشمل جميع المشركات، بما فيهن الكتابيات، وآية المائدة خاصة استثنت الكتابيات من النهي فبقين على الجواز. الآية الثانية، وهي قوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}. [الممتحنة 10] لفظها عام يتناول كل كافرة، فلا تحل كافرة بوجه من الوجوه، ولا عبرة بخصوص سبب نزولها في مشركات مكة، بل العبرة بعموم لفظها. وأجيب عنها بما أجيب به عن آية سورة البقرة، بأن الكتابيات مستثنيات بأية المائدة، ودل على ذلك عمل الصحابة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، والتابعين. [4].
1 - التوبة: 30، 31 وراجع كتاب أضواء البيان (1/204-205) لشيخنا العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله
2 - التفسير الكبير (2/164) وراجع فتح الباري (9/416-417)
3 - راجع مجموع الفتاوى (32/178) وما بعدها، لابن تيمية رحمه الله
4 - راجع الجامع لأحكام القرآن (18/65) للإمام القرطبي رحمه الله



السابق

الفهرس

التالي


Error In Connect