﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي

المحاضرة الحادية عشرة في 12/9/1385هـ
قوله تعالى : ((الخبيثاث للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات)) الآية. في هذه الآية الكريمة للمفسرين وجهان صحيحان لا يكذب أحدهما الآخر، والقاعدة في مثل هذا حمل الآية على كل الأوجه الواردة عن السلف إذا كانت الآية تحتملها. الوجه الأول: أن المراد بالخبيثات الكلمات حذف الموصوف على حد قول ابن مالك: وما من المنعوت والنعت عقل ،، يجوز حذفه، وفي النعت يقل وكذلك الطيبات نعت لمحذوف، وهو الكلمات أيضاً. أما الخبيثون والطيبون فليس كل منهما موضع خلاف لأنه جمع مذكر سالم، المراد به الخبيثون من الناس والطيبون منهم، وتقرير المعنى على هذا: الكلمات الخبيثات للخبيثين من الناس، والخبيثون من الناس للخبيثات من الكلمات، والطيبات من الكلام للطبين من الناس، والطيبون من الناس للطيبات من الكلمات. فكأن الله عز وجل يقول للذين اختلقوا الإفك: إن أم المؤمنين من الطيبين من الناس يليق بها الطيب من الكلام لا ما ألصقتم بها من الكلام الخبيث الذي أنتم أولى به. في هذا غاية المدافعة عن العرض. والمراد بقوله: ((الطيبون)) العفيفون. الوجه الثاني: أن المنعوت المحذوف هو النساء والرجال، أي النساء الخبيثات للرجال الخبيثين، والرجال الخبيثون للنساء الخبيثات، والنساء الطيبات للرجال الطيبين، والرجال الطيبون للنساء الطيبات. أي فعائشة زوجة أطيب الناس، فهي طيبة. فظهر أن سبب الاختلاف هو تقدير المنعوت المحذوف. واختار القول الثاني زيد بن أسلم. وعليه يرد إشكال، وهو أن الله تعالى قد يقيض الخبيثة من النساء لأطيب الناس، كامرأت نوح ولوط اللتين ذكر الله عنهما أنهما خانتاهما، كما قد يقيض الخبيث من الرجال للطيبة من النساء، كما في امرأة فرعون التى طلبت من الله أن يبنى لها بيتاً في الجنة. [يشير شيخنا المفسر رحمه الله إلى الآيتين الواردتين في هذا المعنى وهما قوله تعالى: ((ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ * وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)) التحريم: 10-11]. والجواب: أن الغالب إلتئام الطيبة مع الطيب، والخبيثة مع الخبيث، والآية من العام المخصوص، وقد يخرم الله هذه القاعدة لحكم عظيمة، فيضربها أمثالاً للناس، كما ضرب لهم بامرأتى نوح ولوط، وامرأة فرعون، وكما ضرب مثلاً لابن نوح معه، وأبي إبراهيم مع إبراهيم، والحكمة في ذلك التفكر والاتعاظ، وعدم ركون الإنسان على قريبه التقى.. قال تعالى: ((وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ)) [العنكبوت:43]. وقال تعالى: ((وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)). [الحشر: 21]. فإذا علم أن أعظم مداخلة بين الناس هي الزوجية، ومع ذلك فصلة امرأتي نوح ولوط بهما وهما نبيان لم تنفعهما، كما قال تعالى: ((فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ)). وقال تعالى: ((لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً)). [النساء: 123]. إذا علم الإنسان ذلك وأن قرابة الصالح لا تنفع العاصي، كان ذلك باعثاً على العمل والاتصاف بالصلاح. والمعروف أن الله تعالى نهى عن مقاربة أهل السوء والاختلاط بهم، وقال فيمن يجالسهم أنهم يكونودن مثلهم، كما قال تعالى: ((وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً)). [النساء: 140]. ولكن الصالحين قد يلجأون إلى مخالطه الفاسدين، فلا يضرهم ذلك في حدود الضرورة الملجئة. قوله تعالى: ((أولئك مبرؤون مما يقولون)). اسم الإشارة يعود إلى الذين رماهم أهل الإفك، وكذلك الضمير المستتر في قوله: ((مبرؤون)) والضمير المرفوع في قوله: ((يقولون)) يعود للرامين. وهنا قد يرد سؤال، وهو أن الرمي وقع على اثنين، فكيف يعبر عنهما بصيغة الجمع؟ والجواب من وجهين: الوجه الأول: أن هذا مما استدل به بعض العلماء على ما رآه الإمام مالك من أقل الجمع اثنان، كما عقده في مراقي السعود بقوله: أقل معنى الجمع في المشتهر ،،، الاثنان في رأي الامام الحميري ومثل هذا قوله تعالى: ((فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ)) [النساء:11] فإنه يصدق على اثنين عند غير ابن عباس، وقوله تعالى: ((وَأَطْرَافَ النَّهَارِ)) [طه:130]. أي طرفاه، وقوله تعالى: ((فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا)) [التحريم:4] أي قلباكما. الوجه الثاني: أن المراد بالجمع التعظيم. وهناك وجه ثالث: وهو أن مرجع الضمير هو عائشة وصفوان وأبو بكر والرسول صلى الله عليه وسلم، فالآية تدل على بعضهم، وهما عائشة وصفوان بالمطابقة، وعلى بعضهم، وهما الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر باللزوم. قوله: ((مما يقولون)) أي من الأفك. وقوله: ((لهم مغفرة ورزق كريم)) المراد بالرزق الجنة.. خامساً: آداب اجتماعية.. ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ * قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ)) [الآيات من 27 إلى 34]. في هذه الآيات بعض الآداب الاجتماعية السماوية، وقد بين الله تعالى كل ما يحتاج إليه البشر، وبين نماذج من ذلك في هذه السورة. (1) استئذان المؤمنين في دخول بيوت غيرهم.. قوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها، ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون)). ناداهم باسم الإيمان ليكون أدعى للقبول. والبيوت جمع بيت، وهو معروف، وفي ((بيوت)) قراءتان: الأولى: بضم الباء والياء، والثانية بكسر الباء، وكلاهما سبعية. وقوله تعالى: ((غير بيوتكم)) يفهم منه أنه لو كان الدخول في بيوت الداخلين لا يحتاج إلى الاستئذان، وقد جعل الله تعالى لهذا النهي غاية، وهي الإذن. وقوله تعالى: ((حتى تستانسوا وتسلموا)) عطف بالواو، وهي لا تقتضي الترتيب وقد بينت السنة أن البدء يكون بالسلام، وصفة ذلك أن يقول: السلام عليكم ءأدخل؟ وأنه يكون ثلاثاً، والحكمة في ذلك أن صاحب البيت قد لا يسمع في الأولى فيسمع في الثانية أو الثالثة، وورد كذلك قرع الباب، ولكن لا يجوز أن يكون مزعجاً. [أشار فضيلة شيخنا المفسر إلى أبع سنن في الاستئذان: الأولى: البدء بالسلام، والثانية: صفة الاستئذان، والثالثة: عدد مرات الاستئذان، الرابعة قرع الباب بدون إزعاج، وينوب عن قرع الأجراس، والحكم واحد في عدم الإزعاج] أما البدء بالسلام وصفة الاستئذان فمما ورد فيهما حديث كلدة بن حنبل أن صفوان بن أمية بعثه بلبن وضغابيس (حشيش يؤكل) الى النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى الوادي، قال: فدخلت عليه و لم أسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ارجع فقل: السلام عليكم أأدخل؟) رواه الترمذى5/64-65 وأبو داود 5/368-369. أما كون ذلك ثلاثاً فمن ما ورد فيه حديث أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم سلم ثلاثاً، وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً، رواه البخارى (7/ 130). ومن ذلك حديث أبي موسى قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: كنا في مجلس عند أبي بن كعب، فأتى أبو موسى الأشعري مغضباً، حتى وقف، فقال: أنشدكم الله، هل سمع أحد منكم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الاستئذان ثلاث، فإن أذن لك وإلا فارجع؟ قال أبي: وما ذلك؟ قال: استأذنت على عمر بن الخطاب أمس ثلاث مرات، لم يؤذن لي فرجعت، ثم جئته اليوم فدخلت عليه فأخبرته أني جئت أمس فسلمت ثلالاً ثم انصرفت، قال: قد سمعناك ونحن حينئذ على شغل، فلو ما استأذنت حتى يؤذن لك، قال: استأذنت كما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: فوالله لأوجعن ظهرك وبطنك أو لتأتين بمن يشهد لك على هذا. فقال أبي بن كعب: فوالله لا يقوم معك إلا أحدثنا سناً، قم يا أبا سعيد فقمت حتى أتيت عمر، ففلت: قد سمعت رسوا الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا. (البخارى (7/ 130) ومسلم (3/1694) واللفظ له. وأما قرع الباب فراجع فيه الجامع لأحكام القرآن [(12/216- 217)]. وقد تهجم بعض الناس على كتاب الله، فقالوا: إن ذكر الاستئذان لا يناسب، وهذا تلاعب بشرع الله، فقد نص عليه القرآن وحفظه الصحابة وتواتر عند الأمة. وأصل الاستئناس: تطلب الإحساس، ويسمى الأسد المستأنس، وكذا الحمار الوحشي، لأن الأسد يتشمم، ليعلم بوجود الصيد، وكذا حمار الوحش يتحسس الصياد، ومنه قوله تعالى: ((فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَاراً...)). [القصص:29]. فالاستئناس: استخبار وتحسس للإذن، وهذا أحسن الوجوه في معناه. وتفسيره بالاستئذان ليس بالمطابقة. والعلة في الاستئذان بينها الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الاستئذان من أجل البصر). [مسلم (3/1698) بلفظ:"إنما جعل الإذن من أجل البصر"]. وقد أهدر الشرع فقأ عين من نظر إلى بيوت الناس بغير إذن وتأويل كثير من العلماء ذلك بعيد، فإن الحديث صحيح صريح في ذلك، ولا يضر كون العين يباح فقأها بسبب النظر إلى بيوت الناس بدون إذن، فإن اليد تقطع إذا سرقت ثلاثة دراهم مع أن ديتها خمسمائة درهم، والعين الخبيثة التي تتطلع إلى عورات الناس لا حرمة لها، كاليد السارقة. قوله تعالى: ((فإن لم تجدوا فيها أحداً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم)). أى إذا لم يجبكم أحد فلا تدخلوا. وقد يستشكل بعض الناس كونهم لم يجدوا فيها أحداً، ومع ذلك يقول: ((حتى يؤذن لكم)). والجواب أن أهل البيوت قد يكونون غائبين عن بيوتهم، فإذا رجعوا وأذنوا فلا مانع من الدخول.



السابق

الفهرس

التالي


Error In Connect