﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي

الدليل الخامس:
من أدلة المانعين من قتل المرتد: حديث عتبان بن مالك الذي رواه عنه محمود بن الربيع الأنصاري، قال فيه: إن عتبان بن مالك وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ممن شهد بدراً من الأنصار، أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله قد أنكرت بصري وأنا أصلي لقومي، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم، ووددت يا رسول الله أنك تأتيني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى. قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سأفعل إن شاء الله). قال عتبان: فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر حين ارتفع النهار، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذنت له، فلم يجلس حتى دخل البيت، ثم قال: (أين تحب أن أصلي من بيتك؟). قال: فأشرت له إلى ناحية من البيت، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر، فقمنا فصففنا فصلى ركعتين ثم سلم. قال وحبسناه على خزيرة صنعناها له، قال فثاب في البيت رجال من أهل الدار ذوو عدد فاجتمعوا، فقال قائل منهم: أين مالك بن الدخيشن أو ابن الدخشن؟ فقال بعضهم: ذلك منافق لا يحب الله ورسوله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقل ذلك، ألا تراه قد قال لا إله إلا الله يريد بذلك وجه الله؟). قال: الله ورسوله أعلم، قال: فإنا نرى وجهه ونصيحته إلى المنافقين. قال رسول الله ‘: (فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله).[1] وليس في هذا الحديث دليل لهم أصلاً؛ لأن الصحابي الذي وصف الرجل بالنفاق ظن أنه كان منافقاً نفاقاً اعتقادياً، اعتماداً منه على بعض تصرفاته العملية التي يميل بها إلى المنافقين، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم، عن وصفه بالنفاق العقدي، وشهد له بأنه من الموحدين الذي ينطقون كلمة التوحيد مخلصين فيها لله تعالى فقال: (لا تقل ذلك، ألا تراه قد قال لا إله إلا الله يريد بذلك وجه الله؟) ثم أكد إسلامه بقوله: (فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله). ومعلوم أن بعض المسلمين قد تبدر منه بعض التصرفات العملية التي لا تليق بالمسلم، بل تكون من صفات المنافقين العملية، فيظن من رأى ذلك منهم أنهم منافقون نفاقاً اعتقادياً فيحكم عليهم بذلك، كتكرر الكذب والفجور في المخاصمة ومخالطة المنافقين، ويكون الأمر بخلاف ذلك، أي لا يكون نفاقهم اعتقادياً، بل هو نفاق عملي، والنفاق العملي لا يخرج صاحبه من الملة. كما في حديث: عبد الله بن عمرو رضي الله عنهم، قال قَال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خلة منهن، كانت فيه خلة من نفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر)، غير أن في حديث سفيان: (وإن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق). [2] فقد حمل علماء السنة هذا الحديث على النفاق العملي الذي لا يخرج صاحبه من الملة، كما قال النووي رحمه الله: "هذا الحديث مما عده جماعة من العلماء مشكلاً، من حيث إن هذه الخصال توجد في المسلم المصدق الذي ليس فيه شك، وقد أجمع العلماء على أن من كان مصدقاً بقلبه ولسانه وفعل هذه الخصال، لا يحكم عليه بكفر ولا هو منافق يخلد في النار، فان إخوة يوسف ‘ جمعوا هذه الخصال، وكذا وجد لبعض السلف والعلماء بعض هذا أو كله. وهذا الحديث ليس فيه بحمد الله تعالى إشكال، ولكن اختلف العلماء في معناه: فالذي قاله المحققون والأكثرون، وهو الصحيح المختار: أن معناه أن هذه الخصال خصال نفاق، وصاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال ومتخلق بأخلاقهم، فان النفاق هو إظهار ما يبطن خلافه، وهذا المعنى موجود في صاحب هذه الخصال، ويكون نفاقه في حق من حدثه ووعده وائتمنه وخاصمه وعاهده من الناس، لا أنه منافق في الإسلام فيظهره وهو يبطن الكفر، ولم يرد النبي ‘ بهذا أنه منافق نفاق الكفار المخلدين في الدرك الأسفل من النار. وقوله صلى الله عليه وسلم: (كان منافقاً خالصاً) معناه شديد الشبه بالمنافقين بسبب هذه الخصال. قال بعض العلماء: وهذا فيمن كانت هذه الخصال غالبة عليه. فأما من يندر ذلك منه فليس داخلاً فيه، فهذا هو المختار في معنى الحديث. وقد نقل الإمام أبو عيسى الترمذي رضي الله عنه معناه عن العلماء مطلقاً، فقال: إنما معنى هذا عند أهل العلم نفاق العمل. وقال جماعة من العلماء المراد به المنافقون الذين كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثوا بأيمانهم وكذبوا، واؤتمنوا على دينهم فخانوا، ووعدوا في أمر الدين ونصره فأخلفوا، وفجروا في خصوماتهم. وهذا قول سعيد بن جبير وعطاء بن أبى رباح، ورجع إليه الحسن البصري رحمه الله بعد أن كان على خلافه. وهو مروى عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنه، وروياه أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال القاضي عياض رحمه الله واليه مال كثير من أئمتنا، وحكى الخطابي رحمه الله قولاً آخر: أن معناه التحذير للمسلم أن يعتاد هذه الخصال التي يخاف عليه أن تفضي به إلى حقيقة النفاق، وحكى الخطابي رحمه الله أيضاً عن بعضهم: أن الحديث ورد في رجل بعينه منافق وكان النبي ‘ لا يواجههم بصريح القول فيقول: فلان منافق وإنما كان يشير إشارة، كقوله ‘: >ما بال أقوام< يفعلون كذا والله أعلم". [3] وبهذا يعلم أنه لا حجة لمن نفى قتل المرتد في حديث عتبان بن مالك؛ لأنه لا يكون كل من قيل عنه: إنه منافق، يكون من المنافقين الذين يخرجهم نفاقهم من الإسلام إلى الكفر، بل قد يكون نفاقهم عملياً خالياً من النفاق الاعتقادي.
1 - صحيح البخاري (1/164) صحيح مسلم (1/455).
2 - صحيح البخاري (2/868) و صحيح مسلم (1/78).
3 - شرح النووي على صحيح مسلم (2/46 – 48).



السابق

الفهرس

التالي


Error In Connect