﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي

الأمر الثالث: أن يكفوا عن ذكر معايبه:
في المجتمعات والأندية، والأسواق والمساجد ونحوها، وينتهروا من يفعل شيئاً من ذلك، ويمسكوا عن حضّ الناس على القيام ضده لخلعه ونبذ طاعته، ما دام قائماً بأحكام الإسلام معترفاً بأنها حق، غير جاحد ولا مستهزئ؛ لأن اغتياب الإمام كغيره من المسلمين محرم كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ}. [الحجرات: 12]. بل حقه على رعيته عظيم، ولا يجوز الخروج عليه ولا تعاطي الأسباب المؤدية إلى ذلك، لما في الخروج عليه من الخطر الشامل للأمة، من إثارة الفتن والقلاقل التي لا يستطاع ردها ولا دفعها، كما أن ذلك ليس من سيرة علماء المسلمين. ولهذا بالغ النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن الخروج على الأئمة أو ارتكاب الأسباب المؤدية إلى ذلك. روى مسلم في صحيحه من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم ـ أي تدعون لهم ويدعون لكم ـ وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم)).. قال: قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم؟ قال: ((لا.. ما أقاموا فيكم الصلاة، لا.. ما أقاموا فيكم الصلاة)). [مسلم (3/1481)]. فقد نهى في هذا الحديث عن منابذة أئمة هم شرار أئمة المسلمين ما داموا يصلون، وفي بعض الروايات: ((إلا أن تروا كفراً بواحاً، عندكم فيه من الله برهان)). [1]. والحكمة في النهي عن الخروج عن الأئمة، والأمر بالصبر على ظلمهم وفسقهم واضحة جداً، فإن المصائب والمفاسد الحاصلة بسبب الخروج عليهم من سفك للدماء ونهب للأموال واستباحة للأعراض، أعظم من ظلمهم، وما على المرء إلا أن يستعرض صفحات التاريخ قديماً وحديثاً ليري صدق ذلك. ولا أريد من هذا إدخال الحكام المفضلين لقوانين البشر، على شريعة الله والزاعمين بأن أحكام الإسلام لا تصلح لهذا العصر الراقي في زعمهم، أقول لا أريد إدخال هؤلاء في عداد الأئمة الجائرين مع قيامهم بأحكام الإسلام واعترافهم بها. فإن الذين ينكرون وجوب تحكيم الله في شرعه، كفار صرحاء لا لبس في كفرهم، يجب على الأمة الإسلامية إذا استطاعت أن تنابذهم وتجتثهم من أصولهم، لتضع مكانهم من يقوم بشرع الله الذي شرعه لعباده. عملاً بقوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ}. [آل عمران:110]. وعملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده)). الحديث.. [2]. وقد جعل الله تعالى الشرك في حكمه كالشرك في عبادته، حيث عبر عنهما بعبارة مماثلة في سورة واحدة، كما قال تعالى: {مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً}. [الكهف: 26]. وقال: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً}. [الكهف: 110]. وما يطلقه بعض العلماء من حمل قول الله تعالى: { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ } على كفر دون كفر، غير مسلم في كل الأحوال، بل فيه تفصيل محقق عند العلماء، لخصه ابن القيم رحمه الله في قوله: "والصحيح أن الحكم بغير ما أنزل الله يتناول الكفرين، الأصغر والأكبر بحسب حال الحاكم، فإنه إن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة، وعدل عنه عصياناً، مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة، فهذا كفر أصغر، وإن اعتقد إنه غير واجب وأنه مخير فيه، مع تيقنه أنه حكم الله [3]، فهذا كفر أكبر، وإن جهله وأخطأه، فهذا مخطئ له حكم المخطئين". [4]. وقال شيخنا العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في تفسير آيات المائدة: "واعلم أن تحرير المقام في هذا البحث أن الكفر والظلم والفسق كل واحد منها ربما أطلق في الشرع مراداً به المعصية تارة، والكفر المخرج من الملة أخرى {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ?للَّهُ} معارضةً للرُّسل وإبطالاً لأحكام الله فظلمه وفسقه وكفره كلها كفر مخرج عن الملة، {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ?للَّهُ} معتقداً أنه مرتكب حراماً فاعل قبيحاً فكفره وظلمه وفسقه غير مخرج عن الملة..." . [راجع تفسيره لقوله تعالى: {وَلاَ يُشْرِكُ في حُكْمِهِ أَحَدًا}].
1 - مسلم (3/1470) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه
2 - مسلم (1/69)
3 - كما يفعله من يسمون بالمشرعين في هذا العصر
4 - مدارج السالكين: (1/336)
5 - راجع تفسيره لقوله تعالى: {وَلاَ يُشْرِكُ في حُكْمِهِ أَحَدًا}



السابق

الفهرس

التالي


Error In Connect