﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي

الدليل الثاني:
لمنكري قتل المرتد: ما ورد من أن أعرابياً بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، على الإسلام فأصاب الأعرابي وعكٌ بالمدينة، فجاء الأعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‘ فقال: يا رسول الله أقلني بيعتي، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم جاءه فقال أقلني بيعتي فأبى، ثم جاءه فقال أقلني بيعتي فأبى، فخرج الأعرابي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وتنصع طيبها). [1] وجه استدلالهم بالحديث، أن هذا الرجل طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم، أن يقيله من بيعته على الإسلام، وهذا الطلب يعتبر ردة، ومع ذلك لم يقتله النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه خرج عن الإسلام ولم يخرج عليه. قال المستدل: "دلت النصوص التي سنورد بعضاً منها في النقطة الخامسة على هذا التفريق، فالقتل يكون لمن خرج على الإسلام وقصد الإساءة أو العبث بالدين، أو مسَّ أمن وسلامة الأمة ونظام الدولة، كما أنه يُعدُّ جرماً ضد نظام الحكم في الدولة، وخروجاً على أحكام الدين الذي تعتنقه الأمة، ويُعتَبر حينذاك مرادفاً لجريمة "الخيانة العظمى" التي تحرمها كل الشرائع والدساتير والقوانين، وهذا العقاب لم يكن مقتصراً على الدول التي يقوم الحكم فيها على أساس الدين".[المرجع: موقع الإسلام على الطريق، على الرابط التالي: http://www.islamonline.net/Daawa/Arabic/display.asp?hquestionID=5625] وأرى أن هذا استدلال بعيد، لأربعة أمور: الأمر الأول: الظاهر أن هذا الأعرابي طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم، إقالته من البقاء في المدينة، ولم يصبر على ما أصابه فيها من المرض، لضعف إيمانه ولم يطلب الإقالة من الإسلام، وهذا ما فهمه جماهير العلماء، ومنهم شراح الحديث. قال النووي رحمه الله: "قال العلماء: إنما لم يقله النبي صلى الله عليه وسلم، بيعته؛ لأنه لا يجوز لمن أسلم أن يترك الإسلام، ولا لمن هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، للمقام عنده أن يترك الهجرة ويذهب إلى وطنه أو غيره. قالوا: وهذا الأعرابي كان ممن هاجر وبايع النبي صلى الله عليه وسلم، على المقام معه. قال القاضي: ويحتمل أن بيعة هذا الأعرابي كانت بعد فتح مكة، وسقوط الهجرة إليه صلى الله عليه وسلم، وإنما بايع على الإسلام وطلب الإقالة منه، فلم يُقِله، والصحيح الأول...". [3] وقال الحافظ في شرح هذا الحديث: "قال 4إنما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم، من إقالته؛ لأنه لا يعين على معصية؛ لأن البيعة في أول الأمر كانت على أن لا يخرج من المدينة إلا بإذن، فخروجه عصيان. قال [4]وكانت الهجرة إلى المدينة فرضاً قبل فتح مكة على كل من أسلم، ومن لم يهاجر لم يكن بينه وبين المؤمنين موالاة، لقوله تعالى: { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} فلما فتحت مكة قال صلى الله عليه وسلم: (لا هجرة بعد الفتح) ففي هذا إشعار بأن مبايعة الأعرابي المذكور كانت قبل الفتح. وقال ابن المنير: ظاهر الحديث ذم من خرج من المدينة، وهو مشكل، فقد خرج منها جمع كثير من الصحابة وسكنوا غيرها من البلاد، وكذا من بعدهم من الفضلاء. والجواب أن المذموم من خرج عنها كراهة فيها ورغبة عنها كما فعل الأعرابي المذكور. وأما المشار إليهم فإنما خرجوا لمقاصد صحيحة، كنشر العلم وفتح بلاد الشرك والمرابطة في الثغور وجهاد الأعداء، وهم مع ذلك على اعتقاد فضل المدينة وفضل سكناها...".[5] وقال الحافظ في شرح رواية البخاري: (فبايعه على الإسلام، فجاء من الغد محموماً فقال: أقلني) ظاهره أنه سأل الإقالة من الإسلام، وبه جزم عياض، وقال غيره: إنما استقاله من الهجرة، وإلا لكان قتله على الردة".[6] الأمر الثاني: ما ورد في قصة معاذ وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما، عندما بعثهما الرسول صلى الله عليه وسلم، إلى اليمن، "فزار معاذ أبا موسى، فإذا رجل موثق، فقال: ما هذا فقال أبو موسى: يهودي أسلم ثم ارتد، فقال معاذ لأضربن عنقه". [7] وفي رواية: "فقال معاذ: لا أجلس حتى أضرب عنقه، قضاء الله ورسوله، وفي رواية: قضى الله وقضى رسوله".[8] يدل الحديث على وجوب قتل المرتد من ثلاثة أوجه: الوجه الأول: أن هذه القصة حصلت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل بعد السنة التاسعة من الهجرة؛ لأن بعث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه إلى اليمن كان بعد غزوة تبوك، كما قال ابن حجر رحمه الله: "كان بعث أبي موسى إلى اليمن بعد الرجوع من غزوة تبوك؛ لأنه شهد غزوة تبوك مع النبي ‘".[9] ولو كان قتل المرتد غير جائز شرعاً لما سكت الرسول صلى الله عليه وسلم، عن ذلك، ولأنكر على أبي موسى ومعاذ كما أنكر على أسامة قتل من نطق من الكفار بالشهادة في المعركة، ولا يقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم، لم يعلم بذلك؛ لأن ما يقع في عهده صلى الله عليه وسلم‘ مما يخالف حكم الله تعالى لا يقره الله، وكان الوحي ينزل عليه صباحاً ومساءً، ولا بد أن يخبره الصحابيان الجليلان بما فعلا. الوجه الثاني: قول معاذ رضي الله عنه: "لأضربن عنقه". الوجه الثالث: قوله في الرواية الأخرى: "قضى الله وقضى رسوله". وكلمة "قضى الله ورسوله" تدل على أن قتل المرتد هو حكم قضائي صادر عن الله ورسوله؛ لأنه أسنده إليهما فيجب على ولي الأمر تنفيذه، امتثالاً لشرع الله، وليس هو من باب التعزير كما زعم بعض الكتاب المعاصرين. فهذا يهودي واحد خرج عن الإسلام لا على أهله، بدليل أنه سجين عندهم، ولم يذكر في الحديث ما يدل على صفة أخرى استحق بها القتل غير الردة، ولو كان المرتد لا يقتل إلا إذا ضم إلى خروجه من الإسلام خروجه عليه وعلى أهله، لذكر ذلك أبو موسى ومعاذ رضي الله عنهما. الأمر الرابع: الأحاديث الصحيحة العامة في قتل من كفر بعد إيمانه، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه) وقوله: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان ...) فتبديل المسلم دينه، وهو كفره بعد إيمانه، وصف كاف في استحقاقه القتل، كما سبق. ولو كان يجب ضم معنى آخر إلى معنى الردة، لنص عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يرتب الحكم الذي تزهق به الأرواح على معنى ناقص، يتنزه عنه شرع الله. الأمر الخامس: لو فرضنا أن الأعرابي طلب الإقالة من الإسلام كما جزم به القاضي عياض، فيجب حمله على أنه كان من المنافقين الذين كف الرسول صلى الله عليه وسلم، عن قتلهم، وعاشرهم كما عاشر عامة المسلمين، وبخاصة أن الرجل لم يعلن تركه الإسلام، وإنما اكتفى بخروجه بدون إذن من الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد مضى قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه). [10]
1 - صحيح البخاري، برقم (6891) وصحيح مسلم، برقم (1383) قال النووي في معنى "ينصع": "هو بفتح الياء والصاد المهملة، أي يصفو ويخلص ويتميز، والناصع الصافي الخالص، ومنه قولهم ناصع اللون أي صافية وخالصة، ومعنى الحديث: أنه يخرج من المدينة من لم يخلص إيمانه، ويبقى فيها من خلص إيمانه". (9/129) دار الفكر.
2 - المرجع: موقع الإسلام على الطريق، على الرابط التالي: http://www.islamonline.net/Daawa/Arabic/display.asp?hquestionID=5625
3 - شرح النووي على صحيح مسلم (9/155-156).
4 - ابن التين
5 - فتح الباري 13/200).
6 - فتح الباري (4/97).
7 - صحيح البخاري، (4/1578) دار إحياء التراث العربي.
8 - مسند أحمد (5/559)، سنن أبي داود (12/7) دار إحياء التراث العربي، سنن النسائي الصغرى (7/ 21)، مصنف ابن أبي شيبة (6/584) دار الفكر.
9 - فتح الباري (8/385) دار الفكر.
10 - صحيح البخاري برقم (4622) وصحيح مسلم، (16/118) دار الكتب العلمية).



السابق

الفهرس

التالي


Error In Connect