﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(014)السباق إلى العقول

(014)السباق إلى العقول



المجال الخامس: حياة تطبيق حقوق الإنسان.



عندما يتابع المرء ما يصدر عن زعماء الغرب ومفكر يهم وأجهزة إعلامهم، عما يتعلق بحقوق الإنسان ينقدح في ذهنه-إذا كان خالي الذهن-ثلاثة أمور رئيسة:



الأمر الأول: أن حقوق الإنسان هذه مصدرها الغرب، فهو الذي ابتكرها، وهو الذي صاغها ووضعها، وهو حامل لوائها وناشرها والداعي إليها.



الأمر الثاني: أن المقصود بالإنسان جنسه، بصرف النظر عن لونه أو دينه أو نوعه أو أرضه. فكل إنسان في الأرض يجب أن يتمتع بهذه الحقوق المنصوص عليها "بصرف النظر عن موافقة بعضها للإسلام أو مخالفته.." فهذا أمر آخر له موضوعه.



الأمر الثالث: أن حقوق الإنسان التي يدعون إلى تطبيقها، بلغت من الكمال والسمو والدوام ما يجعلها جديرة وحدها بالاتباع، وكل ما عداها من التشريعات لا تدانيها!.



إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أقرته الأمم المتحدة، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية التي دمرت العالم في مشارق الأرض ومغاربها، بسبب الأطماع الاستعمارية الغربية "المتحضرة!" وقد سبقتها الحرب العالمية الأولى.



وهذا الإعلان يؤكد على احترام حريات الشعوب والجماعات والأفراد دون تمييز (بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أي تفرقة بين الرجال والنساء..).



وكان صدور هذا الإعلان سنة 1948م أي أن المدة التي مضت لصدور هذا القانون 71 سنة فقط، وقد مضى على نزول القرآن الكريم أكثر من 1436هـ. والقرآن والسنة والفقه الإسلامي المستنبط منهما قد تضمنت من حقوق الإنسان ما لم يخطر ببال أحد من الناس، بالتفصيل الوارد في الإسلام، ليس في الكليات فقط وإنما في أدق الجزيئات، ابتداء من وجود الجنين في بطن أمه إلى أن يوافيه الأجل الفرد والأسرة والشعب والدولة.



وليس المقام مقام استعراض لذلك، لا لكلياته ولا لجزيئاته، وقد كتب بعض علماء العصر في هذا الموضوع [أي في حقوق الإنسان، ومنهم الدكتور علي عبد الواحد وافي والشيخ محمد الغزالي وغيرهم.] وهو مفتوح للكتابة فيه والمقارنة التي تخجل تلك المواد غير الوافية في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بتفاصيل حقوق الإنسان الواردة في الإسلام.



يضاف إلى ذلك أن حقوق الإنسان المفصلة الربانية التي لا يعتريها النقص قد طبقت فترة طويلة من الزمن، فأسعدت العالم الذي استظل بظلها: مسلمه وكافره، ولا تزال تنتظر من يطبقها بصدق لتنعم الأمم بها كذلك.



ولكن ما مدى تطبيق الدول المتحضرة لحقوق الإنسان التي أقرتها وتعاقدت عليها؟

إن نظرة خاطفة إلى تصرفات الدول المتحضرة! في هذا المجال تظهر للناظر الأمور الآتية:



الأمر الأول: أن الجنس الأبيض الغربي، لا يرى أي جنس آخر يقترب من مرتبته وأنه هو وحده الذي يجب أن يسود، يتضح هذا عمليا، فصاحب اللون الأسود مكث فترة من الزمن بعد إعلان حقوق الإنسان، لا يحق له أن يختلط بالبيض في المدارس والجامعات والفنادق والمطاعم، ولم يَخِفَّ هذا التمييز إلا بعد كفاح مرير من السود في أمريكا، وإذا ما وصل الأسود إلى وظيفة حاكم المدينة بسبب كثرة أنصاره من السود، أخذت أجهزة الإعلام



تمن على السود بما وصلوا إليه، وفي هذه الأيام عندما فازت امرأة سوداء في الانتخابات النيابية لتكون عضوا في الكونجرس الأمريكي، أحدثت أجهزة الإعلام ضجة كبيرة لتمن على تلك المرأة السوداء التي هي أول امرأة سوداء تدخل البرلمان الأمريكي.



وقبل سنوات رشح القس الأسود "جاكسون" نفسه في أول الأمر، ليكون رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، ولكنه شعر من أول وهلة أنه لا يساوي صفرا على اليسار أمام الجنس الأبيض، فانسحب مبكرا.



ولا زال حي "هارلم" في نيويورك سبة في جبين الإمبراطورية الأمريكية، وهو حي يسكنه السود الذين يراهم الزائر كأنهم في كوكب غير كوكب الأرض، من البؤس والشقاء والحرمان، ويجوز أن يكونوا هم غير طامحين إلى مستوى معيشي أفضل، ولكن الإهمال المتعمد من قبل الحاكم الأبيض، له دور كبير في ذلك الشقاء، وهم على بعد أمتار من مبنى هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الراعي لحقوق الإنسان!



وفي الدول الأوربية "المتحضرة!" تفرقة واضحة بين الإنسان المسلم والإنسان اليهودي، فالمجموعة الصغيرة من اليهود معترف بدينها في البلدان وتنال كامل الحقوق التي ينالها أهل البلد نفسه، والعدد الهائل من المسلمين لا تعترف أكثر تلك الدول بدينهم الإسلامي ولذلك حرم المسلمون من الحقوق التي حصلت عليها الطوائف اليهودية!



بل إن الهجمة الشرسة على المسلمين الآن في بعض الدول الأوربية تنذر بالخطر، فالقتل والاغتيال اللذان يتعرض لهما المسلمون في بعض الدول الأوربية-كفرنسا وألمانيا-وكذلك الاعتداء على بعض المراكز الإسلامية والمساجد، على مرأى ومسمع من الحكومات الأوربية، يدل على أن حقوق الإنسان المسلم في أوربا غير مرغوب في حمايتها، والحملات العنصرية تتصاعد ضد المسلمين كل يوم. هذا على مستوى كل دولة على حدة.



فإذا نظرنا بعد ذلك إلى حقوق الإنسان في خارج الدول المتحضرة، رأينا من التحيز والتفرقة بين إنسان وآخر وشعب وآخر وجماعة وأخرى، ما يكذب دعوى الغربيين بأنهم حماة حقوق الإنسان.



دعاة حقوق الإنسان يكرهون الإنسان على التخلي عن عقيدته!



من حقوق الإنسان لدى الدول الغربية-وبخاصة أمريكا التي تزعم أنها حاملة لواء هذه الحقوق وحاميتها-عدم إكراه الإنسان على عقيدة معينة. فهل وفَّى حماة حقوق الإنسان بهذا الحق؟!



هذه أمريكا اليوم تسعى-وهي زعيمة الغرب-لإكراه أي دولة أو أي جماعة أو أي حزب في أي مكان في العالم، لإقامة منهاجها و نظامها ونشاطها على أساس علماني-بمعنى وجوب إبعاد أي تشريع مبني على أساس ديني عن حياة الشعوب-ومعلوم أن حياة المسلمين كلها يجب أن تبنى على أساس دينهم الذي نزل به كتابهم وجاءت به سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم.



وهم-المسلمون-يعتقدون بيقين أن الله قد فرض تطبيق أحكام القرآن والسنة في حياتهم، وأنهم إن جحدوا هذا الفرض فقد خرجوا من ملة الإسلام، وأصبحوا أشد بعدا عن الله من جميع كفار الأرض، وإن خالفوا ذلك مع اعتقادهم بأنهم عاصون لربهم، فقد ارتكبوا كبائر الذنوب، ومع ذلك أصبح تطبيق الشريعة الإسلامية لدى أمريكا وحزبها (الغرب) جريمة وتطرفا وإرهابا، وانتهاكا لحقوق الإنسان، تُحارِب –أمريكا-أيَّ دولة تتجه لتطبيق شرع الله الذي تعتقد أنه مفروض عليها وعلى شعبها، تحاربها سياسيا واقتصاديا وتعليميا وإعلاميا ودبلوماسيا وعسكريا.



ومعنى هذا أن أمريكا وحزبها يفرضون على المسلمين فرضا ويكرهونهم إكراها، أن يعتقدوا أن حقوق الإنسان-المبنية على الكفر بشريعة الله وكتابه وسنة رسوله-هي الحق الذي يجب الإيمان به وتطبيقه، وأن يعتقدوا أن شريعة الله التي جاء بها القرآن والسنة باطل، لا يجوز أن تكون أساسا لأنظمتهم وحكمهم.



والدولة التي تطبق بعض أحكام الشريعة الإسلامية، يسلطون عليها وسائل إعلامهم ومنظماتهم الرسمية وغير الرسمية، فتوصف بأنها دولة وحشية ومنتهكة لحقوق الإنسان....! فأين تطبيقهم لمادة حقوق الإنسان التي تنص على حرية الاعتقاد؟ لما ذا لا يتركون المسلمين-وهم أهل الدين الحق الذي لم يبق دين في الأرض محتفظا بمرجعه الإلهي الصادق غيره-أحرارا في اعتقادهم وإيمانهم و تطبيق أحكام قرآنهم وسنتهم وشريعتهم ونظامهم الذي يختارونه؟ أليس هذا إكراها لدول وشعوب؟!! أليس إكراه الدول والشعوب أشد من إكراه الأفراد؟؟!!





السابق

الفهرس

التالي


15248404

عداد الصفحات العام

835

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م