﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(029) در المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف

(029) در المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف
الحلقة الثالثة عن إمام المسجد

(15) الهروب إلى النوم!

إن المصلين في كثير من المساجد، يحضرون يوم الجمعة، وقد تتابعت على بلدانهم خلال الأسبوع، مصائب وابتلاءات، يعتدي عليهم المعتدون، فيحتلون أراضيهم، ويسفكون دماءهم، ويخربون بيوتهم، ويخرجون أهلها منها، شيوخا ونساء وأطفالا، يهيمون على وجوههم، لا يجدون المأوى، ولا الطعام ولا الماء، تحصدهم الأمراض حصدا، فلا يجدون مشفى يستقبلهم، ولا دواء يخفف آلامهم.

يرى هؤلاء المصلون المنافقين من المنتسبين إلى الإسلام والعروبة، يتعاونون مع أعداء الله من مخابرات اليهود والصليبيين، لقتل واصطياد المجاهدين الغيورين على بلدانهم وبني جلدتهم، يقدمون أرواحهم فداء لدينهم وأمتهم، ويختطفهم الأعداء من منازلهم، من بين أسرهم وأطفالهم، بتحريش من عملائهم الخونة، ليزجوا بهم في السجون والمعتقلات، ويسوموهم سوء العذاب.

يرى المصلون من المآسي النازلة بهم وبأمتهم، ما لا تطاق رؤيته، ويسمعون مالا يستساغ سماعه، تحترق نفوسهم، وتتقطع وتتمزق قلوبهم، يتمنون أن يسمعوا من خطبائهم الذين فرض الله عليهم الإنصات الكامل لخطبهم يوم الجمعة، ما يبين لهم سبل دفاعهم عن دينهم، وأنفسهم، وأعراضهم، وأموالهم، ومقدساتهم، وما يعينهم على الصبر على المحن التي أصابتهم، وما يخفف آلامهم، والوسائل التي يمكنهم بها عون إخوانهم المعتدى عليهم.

فيجدون غالب خطباء الجوامع في غالب البلدان الإسلامية، يسبحون في بحار غير بحارهم، ويخوضون في مشكلات غير مشكلاتهم، فلا يجدون وَزَرًا يحتمون به، ولا ملجأً يفرون إليه، إلا النعاس الخفيف، أو النوم الثقيل، حتى يصحوا على قول المؤذن: "قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة".

إنهم يرون المدن الفلسطينية، تختفي تحت دخان جرافات اليهود، التي تهدم المنازل فوق سكانها الأحياء، فإذا حضروا لسماع خطبة الخطيب، وجدوه قد أعد لهم كلتا الخطبتين في تحريم التدخين والتنفير منه. ترى أي الدُّخانَينِ أولى بخطبة هذا الخطيب: الدخان الذي يخفي المدن الفلسطينية، وجثث الموتى تحت أنقاض منازلهم، أم تدخين السجائر؟!

ويرون المرأة الفلسطينية تقف على أنقاض بيتها الذي هدمه اليهود على أسرتها، ففقدت الزوج والولد والأقارب، تحت الركام، وهي تصيح باكية: وينكم "أين أنتم" يا عرب؟

ويرون امرأة أخرى قد آلمها طلق الولادة، وهي تتوكأ على كتف زوجها، ليوصلها إلى المستشفى، فتجد جنود اليهود المدججين بالسلاح، على الحواجز يمنعونها من ركوب سيارة الإسعاف، فتلد على حافة الشارع، أو تموت هي وجنينها، فيجدون الخطيب يتكلم عن أحكام الحيض والنفاس!

أين يعيش هذا الإمام؟

وقد بلغني أن امرأ حضرت خطبة الجمعة في أحد الجوامع، فخرجت ساخطة على ذلك الخطيب، وقالت لزوجها: أين يعيش هذا الإمام؟ فقال لها زوجها: ما ذا تقصدين؟ قالت: اليهود يقتلون الفلسطينيات ويهدمون بيوتهن، وهو يخطب عن الحيض؟ لما ذا لا يحث الناس على بذل المال للمجاهدين وأسرهم؟ ونحن لدينا هواتف المشايخ، إذا أشكل علينا شيء سنتصل بهم ونسألهم.

نعم! لقد هَدَتْ الفطرة والواقع المر الذي يعيشه المسلمون، هذه المرأة إلى الإنكار على أمثال هذا الخطيب الذي لم يهتم بأخطر ما تواجهه الأمة الإسلامية، وما أكثر الخطباء من أمثاله، الذين مل المصلون من خطبهم وتململوا! تُرى هل يرجى من هؤلاء الخطباء وأمثالهم، أن تؤثر خطبهم ودروسهم إن وجدت في شباب الأمة ووقايتهم من الانحراف؟

أئمة يقرئون على المصلين خطبا منبرية منبرية دونت قبل مئة سنة ويدعون لولاة أمر قد صارت ترابا في قبورهم

ومن أعاجيب الأمور ما يحصل في بعض الشعوب الإسلامية التي لا ينطق أهلها اللغة العربية، ولا يفهمون الحديث بها، من التزام كثير من خطباء الجمع بقراءة خطبة الجمعة من كتب أكل عليها الدهر وشرب باللغة العربية، والناس لا يفهمون شيئاً مما يقول، ولا يترجم لهم ما يقول، لعجزه في الغالب عن ذلك، حتى لقد بلغني أن بعض الخطباء لا زالوا يدعو ببعض الدعاء الوارد في الخطبة الثانية في بعض الكتب للسلطان ابن السلطان، خليفة المسلمين في عاصمة الخلافة "استنبول"!

إن الرسول صلّى الله عليه وسلم، هو الذي يجب أن يكون قدوة أئمة المساجد وخطبائها، فيتحلوا بما تحلى به من فقه في الدين، وعمل ودعوة، وقضاء حاجات، وتفقد أحوال المصلين، والأخلاق الفاضلة، والتأثير في أهل المسجد، في التعليم والتزكية.

وعلى ولاة أمور المسلمين، وقد ابتعدوا عن هذه الوظيفة، إمامة المساجد وخطب الجمعة، من زمن طويل، أن يجتهدوا في وضع الإمام الكفء في مكانه، وأن لا يمكنوا من لا كفاءة عنده من الإمامة أو الخطابة، وأن يعيدوا للأئمة مكانتهم لتعود للمسجد مكانته.

وهذا لا يتأتى إلا إذا كان إمام المسجد وخطيبه من العلماء العاملين وأن تكون وظيفة إمام المسجد، لا تقل عن وظيفة أساتذة الجامعات، أو أعلى رتبة، وبخاصة في المساجد التي يحضرها جمع غفير في الجمع والجماعات، وأن لا تكون وظائف الأئمة في المساجد الأقل جمعاً حقيرة، لا يتقدم لها إلا المحتاج، بل ينبغي أن تكون وظائف جيدة، تغنى الإمام عن الوظائف التي يرغب فيها غيره.

ويجب على غير الأكفاء أن لا يقحموا أنفسهم، فيما لا يقدرون عليه، فإنهم يصيرون بذلك آثمين لعدم تمكينهم الكفء من القيام بما يقدر عليه، ولا يقدرون هم عليه، ولظلمهم المصلين بذلك. وإمام المسجد هو المشرف على كل شؤونه والعاملين فيه من مؤذن، وواعظ ومصل، ومنظف، وغيرهم...







السابق

الفهرس

التالي


16580617

عداد الصفحات العام

3001

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م