﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(03)مراقبة الله الواعظ الأكبر والزاجر الأعظم[الحلقة الأخيرة]

(03)مراقبة الله الواعظ الأكبر والزاجر الأعظم[الحلقة الأخيرة]

تنوع أساليب نصوص هذا الواعظ الزاجر:

ولنتذكر ثالثاً: أنه تعالى نوّع لعباده أساليب نصوص هذا المعنى، وهو رقابته الدائمة عليهم، ليشعر كل منهم أن كل نوع من تلك الأنواع كافٍ وحده، لعظته وزجره وتقواه لربه، في سره وعلنه، ولكنه تعالى نوَّعها لهم؛ ليزدادوا تقوى ورقابة، على أنفسهم، من ترك طاعاته، أو ارتكاب معاصيه، ومن تلك الأنواع ما يأتي:

النوع الأول: جعل تعالى أعضاء الإنسان رقيبة عليه:

جعل كل عضو من أعضاء جسم الإنسان، مُحصيا عليه ما يأتي وما يذر، لتأتي تلك الأعضاء يوم القيامة - وقد كانت صامتة في الدنيا - مسجلة عليه أعماله، ناطقة بها، فيتعجب مما يحصل منها، وينكره عليها، فتجيبه بأنها نفذت أمر ربها الذي خلقها بهذه الشهادة، كما قال تعالى: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمْ الَّذِي ظَنَنتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنْ الْخَاسِرِينَ (23)} [فصلت].

فإذا كان الكفار أعداء الله، قد حاربوا الله تعالى، وحاربوا رسله، وكتبه ودينه، ولم يصدقوا في الدنيا ما أخبرهم به وتوعدهم عليه، واقترفوا ما اقترفوا من الفواحش وأنواع المنكرات، وأعضاؤهم تسجل عليهم من حيث لا يشعرون، حتى إذا جاءهم اليوم الموعود، فشهدت عليهم بكل ما عملوه، تعجبوا وأنكروا على جلودهم شهادتها عليهم، إذا كان الكفار كذلك، فالمؤمنون بخلافهم آمنوا بربهم، وبرسله وكتبه، وبما أخبرهم به، ومنه علمه بسرهم وعلانيتهم، ولهذا يكونون دائماً مراقبين ربهم، يعلمون أن جلودهم تسجل عليهم أعمالهم، فيكون ذلك أكبر واعظ لهم وزاجر لهم، عن ترك طاعته، وارتكاب نواهيه.

وقد نزلت في أهل الإفك - وفيهم المؤمن والمنافق - الآيتان الآتيتان:

{إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمْ اللَّهُ دِينَهُمْ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25)} [النور] وفيهما أثبت الله شهادة أعضائهم عليهم بذلك، كما أثبتها للكفار.

ومن الأمثلة التي يجب التنبه لها، أمر الله تعالى المؤمنين والمؤمنات بغض الأبصار عما حرم، كما قال تعالى:

{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ... وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)} [النور]

فقد أمر تعالى رسوله أن يقول للمؤمنين: يغضوا أبصارهم، وللمؤمنين أن يغضضن أبصارهن، وقد بلغهم رسولهم بذلك، بتلاوة ما أمره الله تعالى به. وزادهم بيانا لذلك في سنته القولية، كما في حديث أبي هريرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى. أدرك ذلك لا محالة. فزنى العينين النظر. وزنى اللسان النطق. والنفس تَمَنَّى وتشتهي. والفرج يصدق ذلك أو يكذبه) [صحيح مسلم باب قدر على ابن آدم حظه من الزنى وغيره]

وفي حديث جرير ابن عبد اللّه قال: "سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن نظرة الفجاءة، فأمرني أن أصرف بصري". [صحيح مسلم، ص: 2159 و الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح].. وفي حديث عن ابن بريدة، عن أبيه رفعه قال: (يا علي لا تتبع النظرة بالنظرة، فان لك الأولى، وليست لك الآخرة). [الترمذي، وقال: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك وحسنه الألباني في صحيح الترغيب، رقم [1903] .

وفي سنته الفعلية كذلك، كما في حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "كَانَ الْفَضْلُ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ؛ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لاَ يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ قَالَ: (نَعَمْ) وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ" [اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان]

وفي هذه المسألة وأمثالها قال تعالى في كتابه محذرا من فعلهاـ بأنه يعلمها وسيجازي عليها، واصفا العين التي هي أخطر عضو يقدر صاحبه أن يخادع بها من هو حاضر عنده من البشر، عندما يسارقه مخفيا لها عنه، كما قال تعالى: {وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذْ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ (18) يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)} [غافر]

النوع الثاني: جعل ملائكته رقباء على عباده:

أنه تعالى أخبر عباده بأنه أرسل عليهم حفظة من ملائكته، يكتبون أعمالهم وأقوالهم، ومكنهم من معرفة ما يريدون فعله أو تركه في قلوبهم، وما يفعلونه بجوارحهم، فلا يزالون يسجلون عليهم ذلك، ليقرؤوه يوم القيامة في صحائفهم، فأما الكفار، فلا يتعظون بذلك، ولا ينزجرون، حتى يأتي اليوم الذي تبلى فيه السرائر. قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ (9) سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ... (11)} [سورة الرعد، والسَّرَب الذهاب والتقلب في الأرض]. ومعنى يحفظونه من أمر الله؛ أي بأمره كما تُبَينها قراءة ابن عباس، والحفظ شامل لحفظ الملائكة ما يتعلق بالعبد من السوء الذي لم ينزل به قدر الله؛ ومن كِتابَةِ ما يعمل من خير أو شر، حتى يأتوا به يوم القيامة في سجله.

ومثل الآيات السابقة قوله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَاماً كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)} [الانفطار]. فهم من الملائكة الذين جعلهم الله تعالى رقباء على عباده حفظة لهم ولأعمالهم.

قال شيخنا الشنقيطي رحمه الله: {وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً.. (61)} [الأنعام]: "لم يُبين هنا ماذا يحفظون؟ وبيَّنه في مواضع أُخر، فذكر أن مما يحفظونه: بدن الإنسان، بقوله: {لَهُ مُعَقِّبَـٰتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ} [الرعد]. وذكر أن مما يحفظونه: جميع أعماله من خير وشر، بقوله: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَاماً كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)} [الانفطار]. وقوله: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} [ ق]. وقوله: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80)}. سورة الزخرف، وانظر: أضواء البيان للشيخ الشنقيطي رحمه الله. فالملائكة ترافق الإنسان في حياته كلها، وتكتب كل أقواله وأعماله من خير وشر، ويجد ذلك عند مقامه عند ما أمام الحالق الذي لا يخفى عليه شيء

النوع الثالث: أنه تعالى يذكر مع إحاطة علمه بالكون كله، علمه بكل جزئياته: فلم يقتصر على ذكر علمه وإحاطته بكل شيء في الكون، مثل قوله تعالى: {وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً.. (12)} [الطلاق]. وقوله: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.. (29)} [البقرة وغيرها].

بل فصَّل لعباده ذلك العموم، بذكر أمثلة جزئية في الكون، تبيِّن لهم أنه لا يفوت علمَه شيءٌ منه، صَغُرَ أم كَبُرَ، لئلا يتوهموا أنه يعلم فقط الكليات، كما قال تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59)} [الأنعام].

النوع الرابع: أنه تعالى يذكر مع إحاطة علمه بعمل الإنسان عموماً تفاصيل علمه به: فلم يكتف بذكر علمه بالإنسان وأعماله عموماً، بل فصَّل تعالى علمه ذلك، بذكر أمثلة تدل على أن كل حركة وسكنة لهذا الإنسان، قلبية كانت أو جسمية، لا تخفى عليه تعالى. تأمل في ذلك قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (283)} [البقرة]. الشامل لكل أعمال الإنسان، ثم ما فصَّله تعالى في مثل قوله: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7)}[لمجادلة]. وقوله تعالى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29)} [آل عمران].

النوع الخامس: أنه تعالى بيَّن ما يترتب على معرفة شمول علمه لكل شيء: وهو خوف المؤمنين من ربهم العالم بأسرارهم، في حال خلواتهم من المخلوقين، ليقينهم أنهم مهما غابوا عن الخلق، فإنهم لا يغيبون عن الخالق، على عكس حال المنافقين، الذين يستخفون من الناس، ولا يستخفون من الله، قال تعالى عن المؤمنين: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (12) وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوْ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ(14)}[ الملك]. وقال عن المنافقين: {يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنْ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً (108)} [النساء].

فالذي لا يخشى ربَّه بالغيب، ولا يطيعه في خلوته، ولا ينزجر عن معصيته، يخشى عليه من أن يكون من هؤلاء الذين يستخفون بمعاصي الله، وترك طاعته من الناس، ويجاهرون ربهم بها، وهم المنافقون، أعاذنا الله منهم ومن صفاتهم. اللهم أعنا على مجاهدة أنفسنا.. بتذكر إحاطة علمك بكل شيء، لنتعظ به فلا نترك طاعة تأمرنا بها، ولا معصية تنهانا عنها، في سرنا وعلننا، إنك أنت المعين، وأنت على كل شيء قدير.
وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا.. محمد وعلى آله وصحبه وسلم.







السابق

الفهرس

التالي


15322737

عداد الصفحات العام

2681

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م