﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(07)ما المخرج؟

(07)ما المخرج؟

الاعتصام بحبل الله

ومن أعظم ما يؤهل المسلمين لتحقيق وعد الله تعالى لهم بالمخرج من الضيق والحرج، اجتماع كلمتهم على الحق، والبعد عن الأسباب التي تحدث بينهم التفرق والتنازع المؤديين إلى الفشل، ونصوص القرآن والسنة صريحة في وجوب هذا الاجتماع، ودلَّ واقع تاريخ المسلمين أنهم عندما ينفذون أمر الله فيجتمعون ويعتصمون بحبله تعالى تكون لهم العزة والنصر على أعدائهم، وأنهم عندما ينسون أمره فتفرقهم الأهواء ويصدعهم التنافس في الدنيا، والتحاسد فيما بينهم، تذهب قوتهم ويصيبهم الضعف، ويذلهم الله لأعدائهم.. قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ...(103)} [آل عمران].

فقد أمر الله تعالى المسلمين جميعا بالاعتصام؛ لأن الأمر جاء بصيغة الجمع {اعْتَصِمُوا} وأكد ذلك بأمرين الأول: قوله: {جَمِيعاً} وهي من ألفاظ التوكيد المعنوية، كما هو معروف في اللغة العربية، والثاني: نهيه تعالى لهؤلاء المخاطبين عن التفرق، ومعلوم عند علماء الأصول أن الأمر يفيد وجوب فعل المأمور به، وبخاصة مثل هذا الأمر المؤكد، وأن النهي يفيد التحريم، فالاعتصام بحبل الله فرض على المسلمين، والتفرق محرم عليهم، وهذا يوجب عليهم السعي في اتخاذ الأسباب التي تحقق لهم الاعتصام بحبل الله، والبعد عن الأسباب التي تحدث بينهم الفرقة والنزاع.

ومعلوم أن المراد بحبل الله الذي يجب الاعتصام والتمسك به، هو كتابه وسنة رسوله، وهذا يعني أن المسلمين لا يقيهم من التفرق والتنازع إلا العمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا اعتصموا به كلهم ظاهراً وباطناً حقق الله لهم الاجتماع على الحق، وحقق لهم المخرج من الضيق والحرج، واستحقوا النصر على أعدائهم، وإن اعتصم به بعضهم واتبع بعضهم الهوى وخطوات الشيطان، فلا بد أن يختلفوا ويتفرقوا؛ لأن المعتصم بحبل الله يتخذ الإسلام منهاجاً لحياته، وغيره يتخذ ما يهواه من الأنظمة سبيلاً آخر، سواء وافق شيء منها منهاج الإسلام أو خالفه، وهذا الاختلاف سيؤدي بهم إلى التنازع ثم الفشل، ويحرمهم به الله المخرج الذي وعد به من اتقاه؛ لأنهم لم يحققوا كلهم تلك التقوى التي أمرهم جميعاً بتحقيقها وهي الاعتصام بحبله، ونهاهم جميعاً عن الاختلاف في ذلك.

فكيف إذا كان من يريد الاعتصام بحبل الله صدقاً نادر، كما هو حال المسلمين اليوم الذين نرى آثار تنازعهم قد دمر شعوبهم شر تدمير! انظر إلى كل دولة على حدة هل تجد غالبها قائمة على الاعتصام بحبل الله حكومتها وشعبها وعلماءها وعامة طوائفها التي تكون أحزاباً متناحرة سواء سميت باسم الأحزاب أو الجماعات أو غيرها من الأسماء، يكيد بعضهم لبعض، في العلن أو الخفاء؟

ثم انظر لكافة الدول في الشعوب الإسلامية هل تجد دولة وأخرى على انسجام تام وتعاون فيما يحقق مصالحهما، أو تجدهما كل ما اقتربت دولة من الأخرى جغرافيا اشتد النزاع بينهما بسبب التنافس والحسد وعدم الثقة بينهما، وخوف إحداهما من خديعة الأخرى، وإرادة هذه السيطرة على تلك؟

المسلمون يشتركون في عدة منظمات: الجامعة العربية، دول عدم الانحياز، منظمة التعاون الإسلامي، هيئة الأمم المتحدة، هل رأيت كلمة دولهم اجتمعت على موضوع ضروري واحد من مئات الموضوعات وحققوه في الواقع أو سعوا في تحقيقه سعياً صادقاً.

إن اجتماعاتهم في كل المنظمات المذكورة وغيرها، لم تخلُ من تباين بينهم، يحول بينهم وبين الاتفاق على ما يحقق مصالح شعوبهم، بل إن اختلافهم في الموضوع الذي اجتمعوا من أجله يصبح بعد تفرقهم أشد منه قبل اجتماعهم له، على خلاف غير المسلمين في الغرب، كما في المحاولة الأوربية التي وصلت الآن إلى الاقتراب من "الولايات المتحدة الأوربية" وهي لم تبدأ المحاولة إلا بعد تأسيس الجامعة العربية!

وإنه لعجب أن نختلف ونتنازع تنازعاً يحقق لنا الفشل بعد أن أمرنا الله تعالى في كتابه، وأمرنا رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته بالاعتصام بحبله، ونهانا تعالى في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عن الاختلاف والتنازع، وتَبَيَّن لنا ضرر تلك المخالفة للأمر والنهي في واقع حياتنا، ثم نصر على اختلافنا وتنازعنا، وكأن ليلتنا هي بارحة من سبقنا من أهل الكتاب: {وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ...(19)} [آل عمران].

وأقبح من ذلك كله ما يحصل من خلاف بين جماعة إسلامية واحدة متفقة نظرياً على هدف واحد، ووسائل متفقة -غالبا- ثم ترى في قيادة الجماعة ما يحزن من الاختلاف الذي يبدد الطاقات، ويخشى أن يؤدي اختلافهم إلى الفشل، ومثل هذا الاختلاف الذي لا يوجد له سبب جوهري، يخشى أن يفقد أهله الإخلاص لله تعالى في عملهم ودخول وساوس الشيطان إلى صدورهم فيصبغون أهدافا شخصية، بصبغة الغيرة على الإسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيحبطون بذلك عملهم، فتكون حالهم كحال الثلاثة الذين يسحبون يوم القيامة على وجوههم في النار بسبب الرياء [صحيح مسلم (3/1513) وأخرجه غيره من أهل السنن]. ويزيد عقابهم عند الله على الثلاثة بسبب نزاعهم مع إخوانهم المخالف لأمر الله بالطاعة التي تجمعهم على الحق، ولتحذيره من التفرق المؤدي إلى الفشل: {وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ(6)} [الأنفال].

ما يحقق للأمة الاعتصام بحبل الله:

إن الاعتصام الذي أمر الله به ونهى عما يعود عليه بالنقض وهو التفرق، قد بين الله تعالى لنا الأسباب التي يتحقق بها، وكل ما يضادها وأن كل ما يخالفها ويضادها هو سبب للتفرق والتنازع، وأذكر من ذلك الأمور الآتية:

الأمر الأول: طاعة الله ورسوله:
كما قال تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)} [الأنفال]. فطاعة الله وطاعة رسوله، تحقق لهذه الأمة الاعتصام بحبل الله واجتماع كلمتها على الحق، وعدم هذه الطاعة سبب رئيس للتنازع والفشل.

الأمر الثاني: الرجوع إلى الكتاب والسنة عند الاختلاف:

إن طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، هي السبيل إلى الاجتماع الأمة والاعتصام بحبل الله تعالى، وإن كانت قد تختلف في فهم نصوص كتاب الله وسنة رسوله، وقد تختلف في كيفية تطبيق تلك النصوص وتنزيلها منازلها وإسقاط كل نص منها على حكم معين من الأحكام، وجوباً أو ندباً أو تحريماً أو كراهةً أو إباحةً، كما هو معلوم، لكن ذلك لا يؤدي إلى التنازع والفشل.

ولهذا كثر اختلاف العلماء رحمهم الله تعالى في كثير من فروع الشريعة الإسلامية، وبيَّنوا أسباب اختلافهم فيها في كتب أصول الفقه وأصول التفسير وأصول الحديث، وكل منهم بيَّن وجهة نظره في كل مسألة خالفه فيها غيره من العلماء. وصنفوا كتباً خاصة في هذا الموضوع وضَّحوا فيها أسباب الخلاف، مع اتفاقهم على أجر المختلفين المجتهدين، للمصيب منهم أجران، وللمخطئ أجر واحد، ولا حرج عليهم جميعاً في ذلك ما داموا مجتهدين قصدهم الوصول إلى الحق.

ومن الكتب التي صنفت في ذلك كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "رفع الملام عن الأئمة الأعلام" ورسالة الشيخ العلامة ولي الله الدهلوي الهندي: "أسباب الخلاف"، وفي كتب الفقه المقارن كثير من

المسائل التي اختلف فيها العلماء وتباينت فيها الأفهام، ووضحت فيها وجوه الخلاف والاستدلال.
والواجب عند الاختلاف أن يجتهد المختلفون اجتهاداً يراد به طاعة الله ورسوله والوصول إلى الحق كما سبق، لا المغالبة والتعصب للرأي كيفما اتفق، وأن يكون مرجع اجتهادهم هو كتاب الله وسنة رسوله، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً(59)} [النساء].

فقد أرست هذه الآية لهذه الأمة قاعدة عظيمة تمكنها من الاعتصام بحبل الله وتحفظها من الاختلاف والتنازع المؤدي إلى الفشل، وهي قاعدة شاملة لكل اختلاف يحصل بين اثنين أو جماعة، بين رعية وولاة أمر، ولا شك أن خطر الخلاف بين الرعية وولاة الأمر أشد من غيره؛ لأن الآثار المترتبة عليه قد تحدث من الاضطراب والفساد والتدمير ما يشمل الأمة كلها، ويجعلها عرضة للضعف وطمع الأعداء في العدوان عليها والاستيلاء على كل مرافقها وخيراتها، وللذل والهوان والاستخذاء.

ولهذا كرر تعالى الفعل في الأمر بطاعته وطاعة رسوله، وعَطَف طاعة أولي الأمر بدون تكرار لفظ {أطيعوا} وأتبعه برد الاختلاف إلى الله والرسول، إيذاناً بأن طاعة ولي الأمر مقيدة بما فيه طاعة الله ورسوله، وأنه لا طاعة له في غير معروف كما بينت ذلك أحاديث صحيحة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، منها حديث ابن عمر tـما، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه قال: (على المرء المسلم السمع والطاعة. فيما أحب وكره. إلا أن يؤمر بمعصية. فإن أمر بمعصية، فلا سمع ولا طاعة) [البخاري (3/1079) دار إحياء التراث العربي ومسلم (12/178) دار الكتب العلمية]..

قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى عند تفسير هذه الآية [آية النساء السابقة]: "ثم أمر بطاعته وطاعة رسوله وذلك بامتثال أمرهما، الواجب والمستحب، واجتناب نهيهما. وأمر بطاعة أولي الأمر وهم: الولاة على الناس، من الأمراء والحكام والمفتين، فإنه لا يستقيم للناس أمر دينهم ودنياهم إلا بطاعتهم والانقياد لهم، طاعةً لله ورغبة فيما عنده، ولكن بشرط ألا يأمروا بمعصية الله، فإن أمروا بذلك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. ولعل هذا هو السر في حذف الفعل عند الأمر بطاعتهم وذكره مع طاعة الرسول، فإن الرسول لا يأمر إلا بطاعة الله، ومن يطعه فقد أطاع الله، وأما أولو الأمر فشرط الأمر بطاعتهم أن لا يكون معصية". انتهى.

الأمر الثالث: الرجوع فيما لا تعلم حقيقته إلى أهل التخصص:
إن الأمة كثيراً ما تحدث لها أحداث وتنزل بها نوازل، ويكون منها ما هو معلوم المصالح أو المفاسد لرؤوسها وجماهيرها، ومنها ما لا يعلمه إلا أهل الاختصاص منها، وهم أولو الأمر فيها من العلماء والأمراء والحكام، فما كان معلوماً للجميع، لا يحتاج فيه إلى عرضه على أهل التخصص إلا لمن عرضت له شبهة من الناس، فعليه أن يٍسأل عنها ليتبين له أمرها.

ومن النوازل ما يكون عَصِيَّ التصور على أولي الأمر من الأمراء وعلماء الشريعة، ولا يمكن تصورهم له إلا عن طريق أهل التخصص، كبعض المعاملات الاقتصادية والشئون الحربية أو الشئون السياسة ونحوها، فهنا لا يحق لعامة الناس الخوض فيما يحدث أو ينزل وإذاعته وإفشاؤه؛ لأن خوضهم في ذلك تترتب عليه آثار تضر بالأمة، بل يجب رد الأمر إلى أهله الذين يَزِنونه بميزان تخصصهم، ويبينون لولاة الأمر من العلماء والأمراء حقيقته حتى يتضح لهم تصوره، ثم يصدرون فيه حكمهم، وهذا ما دلت عليه الآية الآتية: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً (83)} [النساء].

قال الشيخ السعدي رحمه الله -أيضا- عند تفسيره للآية: "هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق. وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر، بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، أهلِ الرأي: والعلم والنصح والعقل والرزانة، الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها. فإن رأوا في إذاعته مصلحةً ونشاطاً للمؤمنين وسروراً لهم وتحرزاً من أعدائهم فعلوا ذلك. وإن رأوا أنه ليس فيه مصلحة أو فيه مصلحة ولكن مضرته تزيد على مصلحته، لم يذيعوه، ولهذا قال: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} أي: يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة وعلومهم الرشيدة. وفي هذا دليل لقاعدة أدبية وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يولَّى مَنْ هو أهل لذلك، ويجعل إلى أهله، ولا يتقدم بين أيديهم، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ. وفيه النهي عن العجلة والتسرع لنشر الأمور من حين سماعها، والأمر بالتأمل قبل الكلام والنظر فيه، هل هو مصلحة، فيُقْدِم عليه الإنسان؟ أم لا، فيحجم عنه؟". [انتهى كلامه].







السابق

الفهرس

التالي


15322100

عداد الصفحات العام

2044

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م