﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


حوار مع الأخ مالك مربت الذي أسلم بعد الحوار.

حوار مع الأخ مالك مربت الذي أسلم بعد الحوار.

[كينيا جنوب نيروبي]

السبت 24/10/1415هـ / 25/3/1995م


ألقيت محاضرة للأساتذة والطلاب في مركز الهدى التابع للجنة مسلمي أفريقيا التي أسسها ورعاها ولا يزال يتابعها الداعية الإسلامي الدكتور عبد الرحمن سميط وفقه الله، وبعد أن خرجنا من القاعة رأيت رجلا طويلا، يختلف في لباسه وهيئته عن الحاضرين حيث يلبس إزارا بادي الساقين والركبتين ويلتحف برداء، وأذناه مثقوبتان ثقبين كبيرين، وبيده عصى، فسألت عن الرجل؟ فقيل لي: هذا أحد بدو قبيلة الماساي جاء من الغابة لزيارة ولد أخيه الذي يسكن في المركز ويدرس في المدرسة، وقد توفي والده وسلمه عمه هذا للمركز.



قلت: هذه فرصة لنجلس معه ونسأله بعض الأسئلة، لأن من مهمة رحلتي هذه مقابلة من يسمون بالوثنيين، فنادوه وجلسنا تحت مظلة من الخشب وأغصان الشجر المصنوعة محليا في فناء المركز الواسع، ونادوا ابن أخيه اليتيم فجلس بجانبه، كما حضر بعض الطلاب الذين أسلموا وهم من قبيلته.



سألته: ما اسمك؟



فقال: (ماكُوي مَرْبِتْ).



قلت: كم عمرك؟



قال: ستون سنة، والذي ظهر لي من شكله أنه لا يزيد عن خمسين سنة.



قلت: هل أنت متحقق من أن هذا هو عمرك؟ قال: لا أدري.



قلت: هل بقي أبواك على قيد الحياة؟ قال: إن أباه توفي، وأمه لازالت حية.



قلت له: من خلقك؟ قال: (مانغو)، أي الله.



قلت: هل تعرف شيئا يدل على أنه الخالق؟ تحير قليلا وسكت.



قال له أحد الإخوة: أين هو الله؟ قال: هو فوق.



قلت له: من أخبرك أن الله خلقك؟ قال: الشيوخ.



قلت: ومن خلق البقر والشجر والبحر والنهر والسمك والشمس وكل شيء تشاهده في الكون؟ قال: (مانغو)



قلت: فمن تعبد؟ قال: لا أعرف العبادة ولكن ندعو.



قلت: من تدعو؟ قال: (مانغو)



قلت: دعاء الله عبادة، ونحن نعبده بالصلاة والصيام والذكر... فبماذا أنتم تعبدونه؟ قال: العبادة عندنا أنواع، من ذلك إذا جاء الجفاف وانقطع المطر نشعل النار في حظيرة الحيوانات ونتصدق.



قلت: لماذا تحرقون النار [كنت أظن أنهم يعبدونها]. قال: نطبخ الطعام وننشد نشيدا نصف الله به (يقصد أنهم يثنون على الله).



قلت: ماذا تقولون؟ وطلبت منه أن ينشد بصوت مرتفع وفتحت المسجل، فأخذ ينشد فترجم لي الإخوة بالنص الآتي:



(أنت ربنا وخالقنا ورب أجدادنا وخالقهم، يارب أعطنا حياة طيبة وارزقنا رزقا ومواشي وبارك لنا في مواشينا).



قلت له: نحن أيضا إذا أصابنا الجفاف نفعل مثلكم في دعاء الله، نخرج إلى الصحراء بعد أن نصوم ونتصدق ونصلي لله وندعوه ليسقينا.



قال: ومن ذلك-أي من أنواع عبادتهم-أن نساءنا عندما يستيقظن من النوم صباحا، ويحلبن الأبقار ويأتين بالمواعين التي فيها الحليب، يضعن قليلا من الحليب في غطاء الإناء ويرمينه إلى الجهات الأربع ويقلن (اللهم أعطيتنا هذا الحليب فزدنا منه) وعندما يظهر قوس قزح يرمين بالحليب أيضا إلى جهته.



قلت: لمن يرمين الحليب في كلتا الحالتين؟ قال: لـ(مانغو) وكذلك نرمي الحليب له في أوقات الخوف كالرعد والبرق، وندعو قليلا عندما نستيقظ من النوم، نقول: (يارب نشكرك على نعمائك وحفظك فاحفظنا مثل ذلك من السباع والأسود والسيارات والإنسان حتى نمسي في اليوم كله).



قلت: من علمكم هذه الأدعية؟ قال: علماؤنا.



قلت: وهم من علمهم؟ قال: هكذا علموا.

قلت: هل جاء الله إليهم، أو هم ذهبوا إليه فعلمهم؟ قال: لم يذهبوا إلى الله ولم يأت الله إليهم، ولكن عرفوا ذلك بعقولهم، وهم مثلنا يأكلون ويشربون ويلبسون ولكن لهم عقول-وأشار إلى رأسه-ليست مثل عقولنا، وهذا العلم توارثوه.



قلت له: هذا الولد-وهو ابن أخيه اليتيم-يمكن أن يكون عالما لكم يعلمكم الدين والدعاء الذي من عند الله. قال: لا، هذا العلم وراثي لا يكون إلى عند العلماء ويسميهم: (لِيْبُونْ).



قلت له: هل تحب أن تسمع مني كيف يأتي العلم من عند الله؟ قال: نعم.






مالك يصغي مسرورا وقت الحوار



قلت: الله خلق الناس واتخذ من الملائكة رسلا، يرسلهم إلى بعض الناس الذين يختارهم لعلمه الذي يبلغونه إلى الناس، ويسمون بالأنبياء، والناس بعد وفاة ذلك النبي يتناقلون ذلك العلم.



والآن لم يبق من العلم الصحيح الذي جاء من عند الله إلا القرآن الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم، أما غير القرآن من الكتب السابقة فقد حرفت ولم يعد يوجد منها نقل صحيح. ثم قلت له: أنت تقول: إن الذي خلق كل شيء هو الله؟ قال: نعم.

قلت: هل يوجد خالق غيره؟ قال: لا.



قلت: يعني لا إله إلا هو.قال: أنا موافق.



قلت فلا بد ونحن نعترف أنه لا إله إلا الله، أن نبحث عما يريد الله منا فعله. قال: أنا موافق.



قلت: ولا بد أن يكون العلم الذي نعرف به ماذا يريد الله منا صحيحا عن الله. قال: أنا أوافق.



قلت: فعندنا نحن العلم الصحيح: القرآن والسنة، فهل توافق؟ قال: سواء سَواء (بهذا اللفظ عندهم في السواحلية).



قلت: إذا، فلا بد أن تسلم وتعرف ماذا يريد الله منك. قال: من يعلمني الإسلام؟



قلت: نحن الآن نعلمك أسس الإسلام، وهؤلاء الأساتذة في المركز يزورونك، وأبناؤكم الذين يدرسون في المركز يعودون إليكم ويعلمونك، وأنت تزور المركز وتتعلم. قال: أنا أخاف أن أدخل في الإسلام وأذهب إلى الغابة فلا أجد مسلما يعلمني الإسلام.



قلت: أقترح عليك أن تدخل في الإسلام الآن، لأن الحجة قد قامت عليك فإذا ذهبت وجاءك الموت بعد قليل وأنت مسلم فإنك تدخل الجنة إن شاء الله، وإذا رفضت الإسلام وقد أقيمت عليك الحجة فيخشى عليك من دخول النار، ويمكنك أن تبقى في المركز أسبوعا أو أكثر تتعلم مبادئ الإسلام، ثم تذهب وتعود مرة أخرى. قال: لا أستطيع الجلوس، لأن أهلي يحتاجون إلى مصاريف فأذهب إليهم وأبحث لهم عن مصاريف، وإذا رجعت مرة أخرى إلى المركز يمكن أن أسلم.



قلت: ما رأيك لو دخلت الآن في الإسلام وتبقى الليلة وغدا في المركز، ويذهب معك بعض المسئولين في المركز بمصاريف لأهلك وتعود معه، ويتكرر مجيئك إلى المركز وزيارتهم لك؟ قال: أنا أوافق.




فمددت له يدي ونطقت له بالشهادتين كلمة كلمة، لأنه لا يستطيع نطقهما مرة

واحدة، فصافحني ونطق الشهادة، ثم علمه الأخ إبراهيم شيخ معناها، بلغته.



قلت له: الآن تذهب وتغتسل ويعطيك الإخوة ثيابا أخرى تلبسها، وتتوضأ ثم تأتي فنصلي الظهر في المسجد سويا.


قال: أنا أوافق.

مالك يصلي مع الجماعة في المسجد بعد إسلامه مباشرة، وهو أطول من في الصف وراء الإمام وهو الكاتب



فذهب واغتسل وتوضأ-علمه الوضوء بعض الإخوة-ولبس ثوبا طويلا وأُعطِيَ معطفا وطاقية،




ثم جاء وصلى معنا، وكان في غاية السرور والاطمئنان، فإذا الرجل الآن غير الرجل الذي كان قبل




قليل، وكان إسلامه في الساعة الواحدة والدقيقة الثالثة والعشرين بعد الظهر، وقد سُرَّ ولد أخيه بإسلامه غاية السرور.

مالك بلباسه الجديد بعد إسلامه وأدائه صلاة العصر في المسجد
جنوب إفريقيا-كينيا/كاجيادو/مركز الهدى 24/10/1415هـ ـ25/03/1995م


وكان يوجد في المسجد جماعة من التبليغيين فسروا بذلك أيضا.

ثم ذهب مدير المركز عبد الله بن إبراهيم وبعض المدرسين وأعضاء جماعة التبليغ مع (ماكوي مربت الذي سميناه بعد إسلامه (مالك) في ثلاث سيارات إلى منزله بالغابة.)



نسأل الله أن يستمر على إسلامه وأن يهدي به غيره، وقد وافق على أن يلتحق ابنه وعمره 6 سنوات بالمدرسة مع ابن عمه.

لقد أتى بهذا الرجل قدر الله إلى هذا المركز الذي أتى بي كذلك القدر إليه، أنا من المدينة المنورة وهو من الغابة في وفت واحد فسبحان الذي يقول للشيء كن فيكون.


المرة الأولى في رحلاتي المتكررة.


لقد مضى لي في الترحال في مشارق الأرض ومغاربها ما يقارب عقدين من الزمن، قابلت في تلك الرحلات أعدادا كثيرة من البشر، في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وغالب دول أوروبا الغربية-بما فيها الدول الاسكندينافية-واليابان وشرق وجنوب شرق آسيا، ثم الصين في عام: 1406هـ-1996م.



التقيت في تلك الرحلات مثقفين من غير المسلمين، ومنهم مستشرقون وقسس وشباب وكبار سن من الرجال والنساء، وغير المثقفين، حاورت وناقشت وأقمت الحجة تلو الحجة على من التقيتهم من تلك الأصناف، ولم أحظ في كل تلك الرحلات بأي شخص-مثقف أو غير مثقف-يستجيب لدعوة الإسلام التي أوجهها إليه، إلا هذا الرجل (مالك) الذي ساقني الله إليه وساقه إلي، فجمعنا في وقت واحد ومكان واحد، ليكتب الله له الفوز بهداه، فالحمد لله على توفيقه، وأسأل الله عز وجل أن أنال حظا مما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم) [متفق عليه]

وإني لأعتقد أن غالب أهل إفريقيا على فطرتهم، وأنهم مستعدون للدخول في دين الله أفواجا، لو وجد من يهتم بدعوتهم ومتابعة تعليمهم وتربيتهم، وإنهم لأمانة في أعناقنا يجب أن نؤدي واجبنا نحوهم، وألا يسبقنا إليهم أعداء دين الإسلام من ذوي الأديان المحرفة المنحرفة الذين يفسدون فطرهم وأخلاقهم.


مالك مربت.


سألني الإخوة الحاضرون: ماذا نسميه؟ فقلت لهم: لا يشترط تغيير الاسم إلا إذا كان فيه تعبيد لغير الله، أو كان الاسم قبيحا... وكونه قد دخل في الإسلام نخيره، هل يريد اسما عربيا إسلاميا؟

فقيل له. فقال: لا مانع، فرأيت أن اسم (مالك) قريب من حروف اسمه (ماكوي)، فسميته مالكا، وهو الآن يدعى (مالك مربت) وفقنا الله وإياه لكل خير.



ونظرا لكون مالك قد هداه الله إلى الإسلام، فقد أدخلته في زمرة إخوانه المسلمين، وإن كنت حاورته قبل أن يسلم، فلله الحمد والمنة...



بشرى سارة ستكون في حلقة قادمة.






السابق

الفهرس

التالي


15331324

عداد الصفحات العام

3457

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م