﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(027) مفتاح باب الريان

(027) مفتاح باب الريان

هل يجوز نقل زكاة الفطر من بلد إلى بلد؟

روى ابن عباس رضي الله عنهـما: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما بعث معاذاً على اليمن، قال: (إنك تقدم على قوم أهل كتاب..) الحديث - إلى أن قال -: (فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة من أموالهم، وترد على فقرائهم...). [البخاري، رقم (1389) ومسلم، رقم (19)].

ذكر الإمام النووي أن الضمير في قوله (فترد على فقرائهم) يحتمل أن يعود إلى فقراء المسلمين أينما كانوا، ويحتمل أن يراد به فقراء أهل بلد الزكاة، وأن الاحتمال الثاني أظهر. [شرح النووي على صحيح مسلم (1/198)]. وبناء على هذا الاحتمال، يكون الأصل صرف الزكاة على فقراء أهل البلد، ولا تنقل الزكاة إلى بلد آخر، إلا إذا فاضت عن أهل البلد الذي تخرج فيه.

ولكن يجب مراعاة أحوال المسلمين، في بلد الزكاة وفي البلدان الأخرى، فإذا علم أن فقراء بلد الزكاة عندهم ما يسد بعض حاجتهم، وأن المسلمين في بلد آخر لا يجدون ما يأكلون من الطعام وما يلبسون من الثياب، وما يسكنون من البيوت، وما يستشفون به من الأدوية، من جهة أخرى غير الزكاة، فإن الواجب نقل ما يحفظ حياتهم ولا يجوز تركهم يموتون من الجوع والبرد والحر. والمرض.

ومن أظهر الأمثلة في عصرنا ما نشاهده في الأرض المباركة "فلسطين" التي يخرج اليهود فيها المسلمين من بيوتهم، بل يهدمونها على رؤوس بعضهم، فلا يجد من بقي حياً، مأوى يسكنه، ولا طعاماً يأكله، ولا ثوباً يستره، ولا دواء يستشفي به. لقد كثر أيتامهم، وكثرت أراملهم، وكثر مرضاهم، وكثر معوقوهم، واشتد حصارهم، وأفسدت مزارعهم وبساتينهم، ولا يجد أقوياؤهم عملاً يأخذون عليه أجراً، يسد حاجتهم، والحصار مفروض عليهم من اليهود وحلفائهم.

إن الواجب على أغنياء المسلمين، وولاة أمرهم، في جميع البلدان الإسلامية، أن يقارنوا بين فقراء بلدهم، وفقراء المسلمين في فلسطين أو غيرها، ويقدموا الأكثر حاجة، بل الأكثر ضرورة، إضافة إلى أن الفقراء في فلسطين، مجاهدون في سبيل الله، جهاد دفع عن أنفسهم، وأرضهم وعرضهم.

ونحن اليوم نشاهد الأعداد الهائلة من المشردين والمهجرين من بلدانهم، من عدوان رؤسائهم وتجيرهم من مدنهم وقراهم، التي دمت فوق رؤسائهم، كالحال في سوريا، أو من قبل بعض المعتدين الطامعين في اغتصاب حكم بلادهم، كما فعل الحوثيون الذين كلَّبتهم إيران، لقتل وتشريد المدنيين من مدنهم وقراهم كذلك، وكلا الشعبين، لا يجدون الضروري من الأقوات التي يقتاتون بها، ولا الملابس التي يستترون بها، ولا المأوى الذي يستظلون به، يقتلهم البرد وقت الشتاء، والحر وقت الصيف، وتغرقهم سيول الأمطار في خيامهم الممزقة، أو في العراء الذي لا خيام لهم فيه، فهل يقال في أمثال هؤلاء الذين هذه أحوالهم، لا يجوز نقل زكاة بلد آخر أهله عندهم ما يقيم معايشهم، لا يجوز نقل الزكاة إليهم بلدانهم.

وليست هذه دعوة لحرمان فقراء بلد الزكاة منها، وإنما هي دعوة للعدل بين فقراء المسلمين، وتقديم أهل الضرورات على أهل الحاجات، والأشد ضرورة على من هو أخف حاجة. ولكن قد يطرأ بعض الأسباب التي تقتضي نقل الزكاة من البلد الذي تصرف منه، إلى بلد آخر، وقد ورد في بعض الأحاديث، أن معاذاً رضي الله عنه، نقل بعض أموال الزكاة من اليمن، إلى المهاجرين والأنصار في المدينة.

قال القرطبي رحمه الله: "وقد اختلف العلماء في نقل الزكاة عن موضعها على ثلاثة أقوال:

القول الأول: لا تنقل قاله سحنون وابن القاسم وهو الصحيح لما ذكرناه، وقال ابن القاسم أيضاً: وإن نقل بعضها لضرورة رأيته صواباً، ورُوي عن سحنون أنه قال: ولو بلغ الإمام أن ببعض البلاد حاجة شديدة جاز له نقل بعض الزكاة المستحقة لغيره إليه، فإن الحاجة إذا نزلت وجب تقديمها على من ليس بمحتاج، والمسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه.

والقول الثاني: تنقل، وقاله مالك أيضاً، وحجة هذا القول ما رُوي أن معاذاً قال لأهل اليمن: إيتوني بخميس أو لبيس آخذه منكم مكان الذرة والشعير في الزكاة، فإنه أيسر عليكم وأنفع للمهاجرين بالمدينة". أخرجه الدارقطني وغيره...

القول الثالث: وهو أن سهم الفقراء والمساكين يقسم في الموضع، وسائر السهام تنقل باجتهاد الإمام والقول الأول أصح والله أعلم" [الجامع لأحكام القرآن (8/175)].

هذا ما رجحه القرطبي رحمه الله، وأرى أن ما ذكره عن سحنون أنه قال: "ولو بلغ الإمام أن ببعض البلاد حاجة شديدة جاز له نقل بعض الزكاة المستحقة لغيره إليه، فإن الحاجة إذا نزلت وجب تقديمها على من ليس بمحتاج، والمسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه.." أقرب إلى مقاصد شرع الله. والله أعلم.






السابق

الفهرس

التالي


16223199

عداد الصفحات العام

715

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م