﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


وفي الجهاد رحمة:

وفي الجهاد رحمة:
ولا يلزم من كون المسلمين أهل هدى ورحمة، أن يستسلموا لأعداء دينهم من أتباع الشيطان، ويسلموا دينهم غرضاً يرميه شياطين الإنس بسهام عدوانهم، ليقضوا على منهاجه في الأرض ويحولوا بينه وبين من يريد الاهتداء به ويبعدوهم عنه وعن تحكيم شريعته؛ لأن المسلمين قد آمنوا بهذا الدين، فهم أهله وحاملوه، وهم دعاته وحاموه، وهم أمة إجابة رسوله ومتبعوه، فرض الله عليهم دعوة الناس إلى دينهم كما فرض ذلك على نبيهم: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ}[1].
وكلفهم الله بيانَ ما أنزل على رسوله كما كلفه، وحذرهم من التقصير في هذه الوظيفة كما حذره، فقال لنبيه صلى الله عليه و سلم: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}[2].
وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)} [3].
والأصل أن يقوم المسلمون بدعوة غيرهم إلى هذا الدين، ليتمتعوا برحمة الله في منهاج حياتهم في الدنيا، ولينالوا رضاه ورحمته في الآخرة، تحقيقاً لقول الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}.
وأساس دعوتهم اللين والحكمة والموعظة الحسنة، كما أمر الله تعالى بذلك نبيهم، وأمره أمرٌ لهم، فقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}[4].
ولشدة حرص الرسول صلى الله عليه و سلم على إيصال أمته الرحمة إلى عباده، رغب المجاهدين في سبيل الله في دعوة الناس إلى هذا الدين، ورَبْطِ دعوتهم بمحبتهم للناس التمتع بدين الله وعبادته في الدنيا مثلهم، ونيل ثواب الله الجزيل ورضاه عنهم في الآخرة، ووعد هؤلاء المجاهدين، بما ينتظرهم عند ربهم على هداية الناس ولو قل عدد المهتدين، كما في حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، أنه صلى الله عليه و سلم قال لعلي رضي الله عنه، عندما أرسله إلى يهود خيبر: ((انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من أن يكون لك حمر النعم))[ صحيح البخاري (4/1542) وصحيح مسلم (4/1872)].
وجوب بيان حقائق الإسلام وكشف الأباطيل عنه باللغات العالمية:
وإن من أهم أنواع الجهاد، بيان المسلمين حقائق الأمور التي تخفى على بعضهم أو على غيرهم من أهل الأديان الأخرى، وكشف الأباطيل التي تضلل عقولهم.
فقد ألصق بدين الله أعداؤه من اليهود وأعوانهم، كل عيب واتهموه بكل تهمة، واستطاعوا استغلال أموالهم وكفاءاتهم المتنوعة وقوة إعلامهم، أن يَظهروا للعالم، وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، أنهم يريدون نشر العدالة ورفع الظلم عن الشعوب الإسلامية المقهورة، وبخاصة العربية منها، وأن العلاج الناجع لمشكلات شعوبها هي تطبيق الديمقراطية الغربية وحقوق الإنسان..
و نحن لا نريد أن ندافع عن الحكام في الشعوب الإسلامية والعربية، فكثيرٌ منهم استبدوا بالأمر، وكمموا أفواه العلماء والمفكرين وأعيان الأمة، وكثيرٌ منهم ظلموا شعوبهم ولا زالوا يظلمون، ولكن الذي ننكره هو ما يدعيه أعداء هذا الدين، وبخاصة الإدارات الأمريكية واليهود وأعوانهم، من أنهم يريدون تطبيق الديمقراطية في الشعوب الإسلامية، ورفع ظلم الحكام عن تلك الشعوب، ونشر الحرية وحقوق الإنسان فيها.
إنها دعاوى كاذبة، فهم أشد الناس حرباً للديمقراطية في الشعوب الإسلامية؛ لأنهم يشترطون في هذه الديمقراطية ألا تتمكن الجماعات والأحزاب الإسلامية من الوصول إلى الحكم عن طريقها، بزعم أنهم إذا وصلوا إلى الحكم عادوا على الديمقراطية بالنقض واستبدوا بالأمر دون غيرهم، مع أن الواقع المشاهد هو استبداد غير الإسلاميين ممن هم موالون لدعاة الديمقراطية وحقوق الإنسان!
ولهذا.. إذا نجحت بعض الأحزاب الإسلامية في بعض الدول، حرضوا عليها ـ سراً وعلناً ـ حلفاءهم في الجيش، وأنزلوا لقمعها الدبابات، وزجوا بزعمائها في السجون والمعتقلات تحت التعذيب والإذلال، كما حصل ذلك في الجزائر، عندما ظهر فوز جبهة الإنقاذ، وكما حصل حديثا من فوز حماس في فلسطين!
وهكذا سلطوا العسكر في تركيا على أربكان وحزبه، ومنعوه من مزاولة السياسة التي سبَّلوها لغير المسلمين، وللمنافقين منهم والفسقة من السكارى ومتعاطي المخدرات وأرباب الفحش والخنا، ولم يمنعوه من حقه الديمقراطي إلا لمحاربة دينه ودين شعبه "الإسلام"! مناقضين بذلك شعارهم الديمقراطي الكاذب الذي يبشرون به، وإعلان حقوق الإنسان الذي يتبجحون به ويدعون إليه.
ويضغطون على حكومات الشعوب الإسلامية أن يغيروا مناهج التعليم، ويحذفوا كل ما يكشف عداءهم وعداء اليهود للإسلام والمسلمين، من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، والتاريخ الإسلامي والجغرافيا، وبخاصة ما يتعلق منها بفلسطين... بحجة أن ذلك يحرض على الإرهاب.
ولهذا لا يوافق اليهود على إبرام أي اتفاق ولو كان فيه اعتراف بالدولة اليهودية المغتصبة للأرض المباركة، مع أي دولة عربية، إلا إذا عدلت فيها مناهج التعليم تعديلاً يلغي من عقول الأجيال المسلمة ذاكرتها عن هويتها وأرضها ومقدساتها وعداء اليهود وأعوانهم لدينها من يوم نزل الوحي على نبيها إلى عصرها الحالي الذي تعيش فيه.
وقد مضى على اغتصاب اليهود للأرض، وتشريدهم لأهلها وسجنهم واعتقالهم وقتلهم، وهدم منازلهم وحصارهم ما يقارب ستين عاماً، وكان اليهود وأعوانهم من الأمريكان وغالب الدول الأوربية، يضللون عقول شعوبهم في وسائل الإعلام ومراكز البحث والجامعات، أن العرب وحوش معتدون، وأن اليهود مظلومون معتدى عليهم من قبل العرب، ولم تكن تلك الشعوب تعلم ما يجري على الشعب الفلسطيني... بل كنا لا نعلم إلا النزر اليسير من ذلك، بسبب التعتيم الإعلامي من وسائل إعلام الدول العربية، التي لم تكن تهتم غالباً إلا بتوافه الأمور، وبسبب التضليل الإعلامي الغربي الذي كان هو مصدر معلوماتنا الوحيد، وبخاصة صوت أمريكا وإذاعة لندن العربيتين.
ومن هنا كانت الشعوب الغربية متعاطفة مع اليهود الذين استطاعوا استقطاب كبار الساسة في المجالس النيابية ولا سيما الكونجرس الأمريكي، ومجالس الوزراء ومؤسسات التعليم والإعلام وغيرها... فبذلت الشعوب الغربية المال ووفرت السلاح للدولة اليهودية ولا زالوا إلى الآن... لأن غالب الشعوب الغربية لم تكن تعلم ظلم اليهود وظلم إداراتهم التي تناصر اليهود وتدعمهم بما يؤخذ منهم من ضرائب تنفق على توفير السلاح الذي يقتل به أطفال فلسطين ونساؤها وشيوخها وشبابها ظلماً وعدواناً.
واليوم وقد انتشرت مساوي اليهود وأعوانهم من الأمريكان، انتشاراً نسبياً، سمعنا ورأينا كيف أظهر استطلاع الشعوب الأوربية، أن دولة اليهود هي الخطر الأول في العالم على الأمن والسلام... وقد أحرج ذلك الحكومات الغربية التي حاولت أن تلطف الجو وتلاطف اليهود الذين احتجوا على ذلك بأنه عودة إلى معاداة الأوربيين للسامية.
ألا يدل ذلك على سوء حالنا نحن المسلمين، وبخاصة العرب الذين كانت الفرص متاحة لهم ليبينوا للشعوب الغربية الحقائق المرة التي نعانيها من اليهود ومن حكوماتهم، ويكشفوا لهم الأباطيل التي ضللتهم وأعطتهم صوراً مزيفة عنا وعن اليهود!؟
ويثبتوا لهم أن الضرائب التي يدعمون بها حكامهم، تسفك بها دماء المظلومين، وينصر بها المعتدون، وتحارب بها حقوق الإنسان، ومنها تطبيق العقيدة الإسلامية وشريعتها في البلدان الإسلامية، حيث يحاربون أي دولة تطبق بعض شريعتهم التي هي دينهم... إن الشعوب الغربية هي المحاكم التي ستحاكم إداراتها بعدم انتخابهم وبعدم دعمهم بالضرائب، بل ستحاكمهم بالمظاهرات وطردهم من قصور الحكم، وبخاصة البيت الأبيض؛ لأن الشعوب الغربية إذا أدركت أن حكامها يتسببون في جرها إلى الهاوية سوف لا تسكت على تصرفاتهم؛ لأنها تؤمن بالديمقراطية التي يتشدق بها حكامهم ويخالفونها إما مخالفة صريحة وإما مصارحة ملتوية.
لقد كانت الفرص متاحة للحكومات العربية فترة طويلة من الزمن، للقيام بإيصال ما يفضح حكام الغرب واليهود، ويخفف عليهم الشر الذي يسعى اليهود لإيذائنا به من قبل الشعوب الغربية التي ضللها حكامها.
وهذه أمريكا اليوم تهجم علينا سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وعقائدياً وإعلامياً وثقافياً، وهذه "الحُرة" تبث علينا سمومها في قليل من الدسم، لتضاعف تضليلها لشعوبنا وتفسد أخلاقهم.
ولسنا نصدق بعض كتاب الأعمدة في الصحف العربية، الذين يقولون لنا: إن هذه المحطة أو غيرها لا يخشى من تأثيرها على شبابنا، لما عندنا من حصانة دينية وأخلاقية وسياسية... فهؤلاء مضللون كالأمريكان، لا يجوز لنا أن نصدقهم.
فكثير من الشباب في البلدان العربية في أمس الحاجة إلى حمايتهم من التضليل الإعلامي والفساد الأخلاقي والشبه العقائدية... ويمكننا أن نحرك مفاتيح التلفاز "ريموت كنترول" ونأخذ نماذج من المحطات المحلية والفضائية العربية لنرى كيف تخصصت بعض تلك المحطات في مجالات الإفساد لهذا الجيل المسلم، إما لعقولهم وأفكارهم، وإما لعقائدهم، وإما لأخلاقهم، وأقلها ضرراً هي تلك الفضائيات التي تلهيهم عن ضرورات حياتهم ومقاصد أمتهم العليا.
كما يمكننا أن نرى كثيراً من الشباب في ميادين ما يسمى بـ"التفحيط" ويمكننا أن نزور السجون لنرى ضيوفها وما سجنوا بسببه، ويمكننا أن نطلع على ما ينشر من إحصائيات متعاطي المخدرات وجرائمهم حتى في قتل أقرب المقربين إليهم!
ويمكننا أن نتجول في الأسواق لنرى المتسكعين فيها، وهم يضايقون النساء المسلمات.
ويمكننا أن نتصفح غرف الدردشة وما يسمى بـ(الشات) لنرى فيها ما يندى له الجبين!
و يمكننا أن نزور الأسر لنستمع منهم ما يعانون من مشكلات مع أبنائهم وبناتهم... هل نأمن على أمثال هؤلاء جميعاً من التضليل الإعلامي والإفساد العقلي والخلقي؟
ما الذي يمنع كثيراً من هؤلاء من أن يجندهم الأعداء للقيام بما يريدون من الأضرار والشرور، وبخاصة المعوزين منهم الذين لا يجدون ما ينفقونه على أنفسهم، من الأموال؟
إنهم قد يجندونهم للتجسس على بلدانهم، وقد يجندونهم للقيام بالتخريب الذي كثيراً ما ينسب إلى المتدينين الذين قد يختلط بهم هؤلاء، فيزداد التدمير والإفساد.
نعم يوجد كثير من شباب الأمة وشاباتها، عندهم من الحصانة ما يقيهم من التضليل الإعلامي الأمريكي والفساد الخلقي الغربي والعربي، ولكن هذا الكثير يقابله من هم أكثر عدداً من الصنف الأول.
إن شبابنا هذا في حاجة ماسة إلى وقايته وعلاجه، بتعاون المجتمع كله على ذلك: الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام والمساجد... وغيرها.
ولكنا الآن بصدد الهجمة اليهودية الحاقدة والحملة الأمريكية الظالمة، ولا بد أن نعد العدة لهجمات إعلامية مضادة إلى الشعوب الغربية، وبخاصة الشعب الأمريكي المُضَلَّل.
لقد استفدنا استفادة مهمة من بعض القنوات الإخبارية، إذا قارنا أنفسنا بما قبل وجودها، حيث كنا نشبه الجن التي تسترق السمع لتسمع الكلمة من الملائكة فتنقلها إلى الكهان، فترمى بالشهب المحرقة.
كنا نتابع إذاعات الغرب لنجد أي معلومة؛ لأنا لا نجدها في وسائل إعلام حكومات الشعوب الإسلامية ومنها العربية، ولكنا بعد وجود بعض الفضائيات العربية تمكنا من الاطلاع على كثير من المعلومات.
ولكن الأمر الخطير أن جميع هذه الفضائيات التي فيها شيء من الإيجابيات موجهة للعرب بلغتهم، ولا يصل منه إلى الشعوب الغربية إلا النزر اليسير لمن يهتم بها ممن يجيدون اللغة العربية، أو يهتم بما ينقل عنها مترجماً.
لماذا لا نرى قنوات عربية متنوعة متخصصة في البلدان العربية، تنشر للعالم بلغاته الحية، وبخاصة اللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية، تنقل إلى شعوب الغرب مباشرة الحقائق، وتكشف المغالطات والأكاذيب الغربية؟
ألا يكون ذلك من فروض الكفاية التي يأثم كل قادر لا يقوم به، أليس واجباً على المسلمين أن يقوموا بالبلاغ المبين في كل ما ينفع المسلمين والعالم؟
ألم يمتلئ القرآن الكريم ببيان الإيمان والعبادة والأخلاق والحلال والحرام وعلاقات المسلمين بغيرهم، وبكشف دسائس المنافقين، واليهود والنصارى والمشركين؟
وإذا لم تقم حكومات الشعوب العربية بهذا المشروع المهم، ألا يجب على أغنياء الأمة وتجارها والقادرين على ملء هذا الفراغ المهم؟
هل يليق ببعض أغنيائنا أن ينفقوا أموالهم على فضائيات تفسد أجيالنا بكل أنواع الفساد، ويهملوا هذا الجانب الخطير الذي لا يجوز التفريط فيه!؟
وإني أوجه إلى علمائنا الأفاضل هذا السؤال الذي أرجو أن يسمع جوابَه حكام المسلمين وأغنياؤهم وذوو الرأي والاختصاص فيهم:
هل يجب على المسلمين أن يبينوا للشعوب الغربية بلغتهم، ما يقوم به حكامهم مع اليهود والنصارى من أعمال إجرامية ضد المسلمين، في البلدان الإسلامية، ويذكروهم بأنهم يسهمون في هذا الظلم والإجرام بدعمهم لهم بالمال والسلاح وغيرهما؟
وهل يدخل من قصر في هذا الأمر وهو قادر على القيام به في قول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)} [3].
إن عندنا بحمد الله إمكانات مالية وكفاءات متخصصة في كل مجال: إجادة لغات العالم الحية، وإجادة الشؤون السياسية والاجتماعية والإعلامية والدبلوماسية والعسكرية، وهم قادرون بإذن الله أن يطرقوا آذان الشعوب الغربية وعقولها وقلوبها بكل ما نحتاج إلى بيانه لهم، وإن النتائج ستكون عظيمة بإذن الله.
إنني أستمع إلى بعض الإعلاميين وبعض السياسيين وغيرهم وهم يتبارون في بعض الموضوعات المهمة باللغة العربية، فأسر بذلك كثيراً، وأتمنى أن يكون كلامهم موجهاً إلى الشعوب الغربية بلغتهم... فهل نحن عاجزون عن ذلك أو خائفون من القيام به من الأعداء؟
ألا إن ذلك لمن أعظم الجهاد الذي يمكن أن يحقق للمسلمين ما لا يحققه الصاروخ والمدفع والرشاش ـ وإن كانت هذه ضرورية للدفاع عن ضرورات حياتنا ـ لو كنا نعقل أو نسمع... فهل من مجيب؟

1 - يوسف : 108
2 - المائدة : 67
3 - البقرة
4 - النحل : 125
5 - صحيح البخاري (4/1542) وصحيح مسلم (4/1872)
6 - البقرة



السابق

الفهرس

التالي


15336413

عداد الصفحات العام

538

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م