﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(017)سافر معي في المشارق والمغارب

(017)سافر معي في المشارق والمغارب



الأحد: 15/9/1400ه ـ27/7/ 1980م



السفر إلى سنجاراجا:



في الساعة العاشرة من صباح اليوم غادرنا مدينة دنباسار في جنوب جزيرة بالي إلى مدينة سنجاراجا في شمال الجزيرة على سيارة يقودها شاب كان شيعياً ولكنه تاب من مذهب الشيعة وانضم إلى السنة واسمه محمد، وكنا نرى في شوارع مدينة دنباسار قبل خروجنا منها الأوثان التي يأتي إليها الهندوك بالفواكه والزهور، ويضعونها على رفوف قريبة من الوثن تقرباً إليه، ويومئون برؤوسهم وأيديهم.



وبعد الخروج من المدينة دخلنا في المزارع التي لا يرى الرائي الشمس خلالها إلا نادراً لكثرة الأشجار [وأغلبها مثمر] على جانبي الطريق، وينتشر باعة الفواكه بجانبي الطريق وهي أنواع كثيرة لا نعرف إلا القليل منها.



فوقفنا عند أحد الباعة وقد مد طاولته الخشبية بجانب الطريق أمام منزله، ووضع على الطاولة عينات من الفواكه الموجودة عنده، والأشجار المثمرة بجانبه تتدلى بها الفواكه، ويخير المشتري إن أراد أن يأخذ من الفواكه المقطوعة التي على الطاولة، وإن شاء أن يختار من الفواكه التي لا زالت معلقة في أشجارها، وكان من الفواكه الموجودة شجر الباباي ذي الفاكهة اللذيذة المفضلة عندي وكانت إحدى شجراته تحمل ما يزيد عن خمس وعشرين حبة.



وسألت: كم تحمل الشجرة من هذه الحبات؟ فقالوا منها ما يحمل عشرين ومنها ما يحمل ثلاثين وبعضها قد تحمل خمسين حبة، والحبة تختلف في الصغر والكبر قد تزن الحبة الواحدة عشرة كيلو جرام، وأخذنا منه ما نريد ثم واصلنا السير.



ثم دخلنا بعد ذلك في غابات كثيفة وجبال شاهقة تكسوها تلك الغابات، وكانت السحب تغازل تلك الغابات وتعانقها في قمم الجبال، وتلتف حولها في الأسفل وكأنها تُطمئِن تلك الغابات وتبشرها بالخير والمطر المدرار في وقته الذي يأذن الله به، وكان قائد السيارة يشير إلى بعض الأشجار التي يعرف أسماءها، ونحن نعرف قليلاً، وأكثرها لا نعرفه، ومما عرفناه البن والقرنفل.



ثم مر بنا السائق في طريق جانبي على اليمين إلى ساحة كبيرة بين الجبال مملوءة بالماء فقلنا ما هذا قالوا: هذا حوض، قلت: هل تتجمع هذه المياه من سيول هذه الجبال قالوا بل ينبع الماء من القعر ويبقى هكذا طول الوقت، وفيه قوارب صغيرة يستعملها السائحون، ورغب الابن عبد البر في الركوب، ولكني قلت له: إني أكره الوقوف في هذا المكان، لأن الأجانب يرتادونه بكثرة وبملابس غير لائقة.



وقال عبدالله في داخل هذا الماء أشجار شبيهة بالحيوان إذا لمست جسم أحد انطوت عليه وأنزلته إلى القعر فيكون قبره، وكنت أظن ذلك خرافة ولكنهم أيدوا ذلك كلهم. وكانت الطريق تتلوى بنا مثل الثعبان حتى كنا في دقائق نسير إلى الجهات الأربع حيث نمشي إلى الجهة ثم نكر راجعين إلى الجهة المقابلة وهكذا كانت الطريق:



نمشي حتى نكاد نلتقي بالنقطة التي كنا فيها، ثم نرجع حتى نكاد نلتقي بالنقطة الأخيرة، وهكذا، وكانت خطيرة بسبب ذلك وبسبب ضيق الطريق، إلا أن السيارات كانت قليلة فيها وليست مزدحمة كما هي العادة في مناطق أخرى من إندونيسيا. وفي رأس الجبل وجدنا سوقاً تباع فيه الفواكه والزهور المختلفة بأسعار رخيصة جداً وقفنا قليلاً ثم واصلنا السير وكان الطقس بارداً كأنه مكيف.



ألا تصدقونني؟!



مررنا بمكان تنتشر فيه القردة بجانبي الطريق كباراً وصغاراً، ولا تفر من السيارات ولا من الناس، بل تبقى في مكانها تأكل من الثمار، والناس يتفرجون عليها، فقال الابن عبد البر: أبوية -ـ أي يا أبي - أريد أن آخذ قرداً، فقلت: ماذا تريد به؟ قال: آخذه إلى المملكة أربيه هناك، فقلت لا داعي لذلك.



فقال: عبد الله باهرمز: لا تأخذ فإنها ستتبعنا إلى سنجاراجا، قلت له: كيف ونحن في السيارة وهي تسير بسرعة يصعب على القرود متابعتها؟ وكنا في منتصف الطريق تقريباً، بيننا وبين سنجاراجا ما يقارب أربعين كيلومتراً، قال: تجري حتى تلحق بنا، فقلت: ما أظن. فقال: منفعلاً منكراً: ألا تصدقوني؟ قلنا: صدقناك!



لا أبالي لأني لا أعتقد أنهم على حق:



كان قائد السيارة يتحدث تارة باللغة العربية، قلت له: أين تعلمت اللغة العربية.؟ قال في معهد كونتور، ولكن لم أكمل الدراسة، قلت له من أي طوائف الشيعة أنت؟. قال: من (بهرة) ولكني لا أتبع مذهبهم، بل ارتضيت مذهب أهل السنة، قلت: وأهلك، قال: لا يرغبون مني ذلك، ولكن بعضهم أيضاً ارتضى مذهب أهل السنة وترك مذهب الشيعة، وأنا لا أبالي لأني لا أعتقد أنهم على حق. ثم أخذنا في الانحدار من الجبل إلى الأسفل، وبدأت الحرارة ترتفع.



في مدينة سنجاراجا



clip_image001جارودا والبعوض!



وكان وصولنا إلى سنجاراجا في الساعة الواحدة، ونزلنا في فندق يسمى "جارودا" وهو بناء شعبي عادي، يكثر به البعوض الذي أقلق راحتنا على الرغم من حاجتنا إليها.



على شاطئ البحر:



وبعد صلاة العصر جاء إلينا الأخ عبد الله باهرمز الذي أعطى فرصة لزيارة أهله لمدة ثلاث ساعات تقريباً، لأن هذه المدينة مسقط رأسه وبها منزله وأسرته، وخرجنا إلى شاطئ البحر وهو قريب جداً من الفندق، وأقرب إلى منزل عبد الله، فمكثنا هناك إلى غروب الشمس، ثم رجعنا لتناول طعام الإفطار في منزل عبد الله. وفي طريقنا إلى البحر رأينا الهندوكيين وهم يحملون قرابينهم على رؤوسهم إلى أحد أصنامهم يقدمونها له و يعبدونه من دون الله، وهذا ما دفعنا لمذاكرة أمر دعوتهم ثم زيارة زعيمهم في المدينة كما سيأتي إن شاء الله الحديث عنه.



الاجتماع ببعض الدعاة من طلابنا:



وبعد أن صلينا المغرب جاء إلينا في منزل الشيخ سعيد باهرمز بعض الطلبة الإندونيسيين الذين يقومون بالدعوة إلى الله تحت إشرافنا في هذه الجزيرة الوثنية بين إخوانهم الشباب من المسلمين، فتحدثنا معهم وشرحوا لنا ما قاموا به ولا زالوا مستمرين فيه، وإقبال أبناء المسلمين على الدعوة واستجابتهم لها وأن الجهل يسيطر عليهم ولكن عواطفهم تدفعهم للاستفادة العاجلة.



وأن من أساليب دعوتهم أنهم يجمعون الشباب في المساجد ويتحدثون معهم ويلقون فيهم محاضرات ويقرئونهم القرآن ويعلمونهم الصلاة وبعض الأذكار باللغة العربية، ويختارون من يرونه أسرع استيعاباً ويجتهدون في تعليمه أكثر من غيره، ليقوم هو بتعليم أهله وزملائه، وأنهم وزعوا بعض الكتب الإسلامية.



وشكا الإخوة من عدم وجود ما يساعدون به أهل البلدان من شراء بعض الأخشاب وبناء مساجد صغيرة أو ترميم مساجد متهدمة، فقلنا لهم عليكم أن تجتهدوا في التعليم وإثارة الحماس في نفوس الناس لدينهم وسيوفقهم الله لمساعدتكم في البناء بأنفسهم، وكانت هذه تسلية للإخوة الذي يشاهدون آثار مساعدة المسيحيين لقومهم القلة في هذه البلدة.



وكان من الحاضرين معنا في هذه الجلسة المدعو عبد الله بن أحمد معاشر وهو حضرمي الأصل[توفي رحمه الله]. ـ وغيره من أهل المدينة الذين هم من أصل عربي ـ . وتذاكرنا موضوع الحفاظ على أبناء المسلمين من الذوبان في هذا المجتمع الوثني فذكر الأخ عبد الله معاشر ـ وهو على علم بمبادئ الدين ويرغب في المذاكرة.



قال: إن المحاولة حاصلة، ولكنها ليست على المستوى المطلوب وأملنا - بعد الله - في خريجي الجامعة الإسلامية كبير بأن يقوموا بالدعوة والتعليم، ونحن نقوم ببعض الدروس في الأسبوع، وكذلك في الاحتفالات الدينية، كالإسراء والمعراج والمولد النبوي وغيرها، فقلنا لهم: إن من واجبكم الاستمرار في التعليم والدعوة.



وينبغي أن تكون الدروس في المساجد مستمرة وأن تتعاونوا على إغراء أبنائكم بحضور هذه الدروس، وأن تعقدوا احتفالات عامة، على شبه ناد أو ندوات تدعون إلى حضورها أبناءكم والهندوكيين، ليسمعوا كلمة الإسلام وتقوم الحجة عليهم بشرح أركانه ومبادئه، لأن دعوتهم واجبة وهم يعبدون الأوثان.



فذكروا لنا أن اجتماعات تعقد لأهل الأديان الأربعة هنا، وهي الإسلام والهندوكية والبوذية والنصرانية، وكل جماعة تشرح دينها. قلت لهم: ولكن عليكم أن تبينوا لهؤلاء الناس أن دينكم هو الدين الذي لا يقبل الله سواه من الأديان، لأنها كلها باطلة، وأن تقيموا الحجة على ذلك لتنقذوا هؤلاء الضالين من الشرك بالله.



ثم حضرنا المسجد المسمى بالتقوى فصلينا العشاء وألقيت محاضرة في الحاضرين تضمنت شرح كلمة التوحيد التي دعا إليها كل الرسل وأن علينا أن نفهمها ونعمل بمقتضاها وأن نمكن نفوس أبنائنا من فهمها والعمل بها وأن ندعو إليها الآخرين وأن على الآباء والعلماء أن يعلموا أبناءهم وعلى الأبناء أن يجتهدوا في تعلم الدين من آبائهم وأساتذتهم وكان الحاضرون في غاية الإنصات والتأثر.




الكاتب يلقي محاضرة في مسجد التقوى "سنجاراجا" وباهرمز يترجم المحاضرة وعلى اليسار الشيخ عبد القوي ـ ثم صلى بنا الشيخ عبد القوي التراويح وقرأ بعد ذلك ما تيسر من القرآن بطلب منهم، وقام إمام المسجد فأبدى سروره بهذه الزيارة وشرح مبدأ جماعة المسجد وهو التمسك بالإسلام الذي يبني على الكتاب والسنة ونبذ الخرافات، وقال أننا سنحاول تطبيق نصائحكم، وطلب منا إبلاغ المسؤولين في المملكة العربية السعودية أن أبناء هذه البلاد ينتظرون منهم المساعدة بالكتب والمدرسين والمساعدة في بناء المدارس ووضع المناهج.


المصلون في مسجد التقوى يصغون إلى المحاضرة ـ سنجاراجا ـ بالي



أعيدوا النظر يا دعاة الإسلام!



إن الجهود المبذولة للدعوة إلى الله في أرض الله - وإن كانت قليلة ويجب بذل الوسع في المزيد منها - هذه الجهود ظهر لنا أنها تسير بدون تخطيط علمي دقيق، وبدون تنظيم مفيد وتنفيذها عشوائي في الغالب، وكذلك يجب على المؤسسات الإسلامية أن تعيد النظر في أساليبها المتخذة حالياً للدعوة إلى الله باتباع الأمور التالية:



1 - ينبغي أن تنسق المؤسسات الإسلامية فيما بينها في إطار مجلس واحد يسمى مجلس شؤون الدعوة الإسلامية - مثلاً - يمثل في هذا المجلس كل المؤسسات الإسلامية في داخل المملكة العربية السعودية، بداية لمجلس دعوة عالمي، هذه المؤسسات هي الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ورابطة العالم الإسلامي، وجامعة أم القرى، وإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد [أصبحت الدعوة والإرشاد الآن تابعة لوزارة مستقلة باسم: وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.] والندوة العالمية للشباب الإسلامي، ويكون لها مقر عام يختار له رجال أكفاء مهمتهم جمع المعلومات عن العالم الإسلامي، وتنسيقها وترتيبها في بحوث يرجع إليها عند الحاجة.



2 ـ يختار عدد من الأساتذة والطلبة يبعثون في الإجازات الصيفية إلى بلدان العالم الإسلامي، لجمع المعلومات ومعرفة أحوال المسلمين والجمعيات الإسلامية المتمسكة بالإسلام والجمعيات البعيدة عن التمسك بالإسلام، والمؤسسات الإسلامية التي تحتاج إلى مساعدة، والبلدان التي يوجد بها دعاة، والبلدان التي لا يوجد بها أحد منهم، ومعرفة المدن والقرى التي تحتاج إلى بناء مساجد أو ترميمها، والاطلاع على الجهات التي توجد بها جامعات ومعاهد ومدارس، وحاجة هذه الجامعات والمعاهد والمدارس إلى مدرسين أو كتب أو وضع مناهج أو منح دراسية، والجهات التي لا توجد بها مدارس ويمكن إنشاء مدارس فيها لأبناء المسلمين.



3 ـ التخطيط لبعث الدعاة والمدرسين المقيمين، والمساعدات المادية وغيرها، والبدء بالأهم، وبذلك يمكن إيصال الدعوة إلى أغلب البلدان الإسلامية وغير الإسلامية على خطط علمية مدروسة وتنظيم دقيق.



4 ـ ينبغي أن تعقد دورات في كل قطر للدعاة إلى الله الذين يبتعثون مِن المملكة على رأس كل سنتين على الأقل، يقوم بهذه الدورات علماء الدعوة الإسلامية من داخل المملكة وخارجها، ليطلعوا على ما يقوم به هؤلاء الدعاة في الأقطار ويوجهوهم ويحلوا لهم مشكلاتهم، وبذلك تكون المؤسسات على علم بما يقوم به الأفراد التابعون لها، وإذا لم يمكن إقامة دورات في تلك الأقطار فيمكن إقامتها في إحدى الجامعات بالمملكة.



5 ـ يجب أن لا يكدس الدعاة في بلد واحد وفي مؤسسة واحدة، مع وجود فراغ في بلدان أخرى أو مؤسسات، بل ينبغي توزيعهم لتقوم الحجة بهم في كل مكان قدر الاستطاعة.





السابق

الفهرس

التالي


15251465

عداد الصفحات العام

259

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م