﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(053)سافر معي في المشارق والمغارب

(053)سافر معي في المشارق والمغارب



السفر إلى مدينة: لوس إنجلوس.


وكان إقلاع الطائرة من مطار مدينة ميامي إلى لوس إنجلوس، في الساعة السادسة والدقيقة الثامنة بتوقيت ميامي، أي الساعة الثالثة والدقيقة الثامنة بتوقيت لوس إنجلوس.



ولما كانت هذه الرحلة من الرحلات الطويلة، فقد اغتنمت الفرصة في إكمال مذكراتي، وبعد أن فرغت من كتابة ما عندي أخذت ـ كعادتي ـ أطل من النافذة، فكنت أرى بين فينة وأخرى بعض القرى المنتشرة هنا وهناك، وأنهارا صغيرة جارية، وبحيرات صغيرة ومزارع خضراء، وسحبا متراكمة، كالجبال، وتارة متفرقة، وتارة أرى مدنا متوسطة ذات شوارع جميلة وتخطيط بديع.



ثم بدت لي بعد ذلك كله وقد اقتربنا من لوس إنجلوس جبال جرداء شبيهة بجبال الحجاز، ورمال عالية شبيهة برمال الربع الخالي في الجزيرة العربية، تتخللها وديان وواحات، وقد سألت عن هذه الصحراء فقيل لي: إنها صحراء: نيفادا، وهي مستغلة في التدريبات العسكرية، وبها تفجر القنابل النووية الأمريكية.



ومعنى هذا أن أرض أمريكا كلها مستغلة، تزرع بالأشجار والفواكه والحبوب وغيرها من أنواع المزروعات المفيدة، أو بالقنابل والمتفجرات التي يتدرب عليها العسكريون الذين يعدون لليوم الذي ينتظرون فيه الأمر بالاعتداء على الشعوب الضعيفة …! [وهاهم اليوم قد احتلوا أفغانستان والعراق ويهددون العالم باستعمار "احتلال" جديد]



ثم رأيت نهرا طويلا يتلوى في وسط الصحراء، كما يتلوى نهر النيل بين السودان ومصر. ثم هبطت الطائرة في مطار لوس إنجلوس في الساعة الواحدة والدقيقة الخامسة والأربعين بتوقيت ميامي ـ أي بعد منتصف الليل فيها ـ الساعة السابعة والدقيقة الخامسة والأربعين بتوقيت لوس إنجلوس، فكانت مدة الطيران بين مدينة ميامي ومدينة لوس إنجلوس أربع ساعات وسبعا وثلاثين دقيقة.



في مدينة لوس إنجلوس



clip_image001كان في استقبالنا في مطار لوس إنجلوس الأخ الفاضل الشيخ عبد الرحمن الزير، مبعوث الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، والأخ الكريم الشيخ تاج الدين شعيب الغاني مبعوث الرئاسة أيضا ـ وهذه هي المرة الثانية التي أرى فيها الأخ تاج الدين يستقبلني في هذا المطار ـ



والأخ الليبي محمد التومي، وكان مبتعثاً من ليبيا للدراسة في هندسة الطيران، ولكنه تعثر في دراسته، وبقي هنا وله ثمان سنوات وهو خبير بهذه المدينة وشوارعها ومؤسساتها ومراكزها، كما بدا لنا ذلك من جولاته معنا.



منظر لجانب من مدينة لوس أنجلوس أخذ من جانب القبة السماوية 7/11/1405ه



ثم التقينا بعد ذلك الأخ خليل بن عبد الله الخليل مبعوث جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، وكان لوجوده-كما سمعنا قبل الوصول إلى هذه المدينة، وكما رأينا بعد ذلك-النشاط الملموس في تقارب المراكز الإسلامية وتعاونها، كما وجد كذلك اتصال بينها وبين قنصلية المملكة العربية السعودية في كلفورنيا.



وذكر لنا الأخ خليل أن الاتحاد الإسلامي في أمريكا قد أصدر قرارا بمنع الشيعة من حضور مؤتمراتهم في أمريكا الشمالية: [الولايات المتحدة الأمريكية وكندا] وكذلك منع نشر كتبهم وأفلامهم في مؤسسات الاتحاد، لما في عملهم من نشر عقائدهم الفاسدة وتفريق بين المسلمين. ونزلنا في فندق هوليداي إن، والفنادق المسماة باسمه كثيرة وهو قريب من الجامعة، ومن مستشفى الأمريكان الذين جندوا لحرب فيتنام.



الخميس: 8/11/1405ه.

تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.


وقد كنت أظن أننا سننزل بفندق على شاطئ البحر، للتمتع به عندما نكون في الفندق، وأن يكون أكثر ارتفاعا من هذا الفندق، كنت أريد أن يكون المحيط الهادي قريباً مني، لأرى أمواجه الهادرة تتابع، وبجانبه الجبال المكسوة بالغابات، ولكن هذا الفندق كان أقرب إلى الإخوة، والمدينة مترامية الأطراف، قد يصعب عليهم التردد علينا ونقلنا إذا ابتعدنا عنهم في الأوقات المحددة إلى المراكز الإسلامية والمساجد، لذلك قنعت بالنزول فيه، وأطلقت للقلم زمامه ليصف مشاعري في الرغبة في مناظر أفضل فكتبت ما يأتي:



إن التمتع بجمال الطبيعة الكونية أمر محبب إلى نفسي، ولا أزمع السفر إلى أي بلد من بلدان العالم، إلا مع العزم على محاولة التمتع بالنظر إلى أكبر قدر ممكن من ذلك الجمال: جمال الغابات الكثيفة، والأشجار الباسقة، وجمال الأنهار الممتدة المستقيمة أو الملتوية التي تتخلل غابات خضراء أو صحارى غبراء، وجمال الجبال التي لبست حلل الغابات كما تلبس الحسناء حللها ليلة زفافها [وإن اختلف لون لباس العروسين، فلكل عروس ما يناسبها!] وجمال البحار الهادرة والهادئة، وجمال السحب الطائرة: المتراكمة والمتفرقة، المسوقة إلى حيث شاء لها خالقها أن تمطر أو تتبدد في الفضاء الفسيح، وجمال صفوف المصلين المتراصة في بلدان الكفر ترفع في مساجد ها ذكر الله، وجمال صفوف أبناء المسلمين في مساجدهم أو فصولهم الدراسية في تلك البلدان، يرددون وراء معلمهم: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وكل جمال في هذا الكون متاح مباح، وبخاصة ما يحدث في قلبي من مشاعر إيمان بالخالق وعظمته المتجلية في الإتقان والإبداع.



ولقد حصل لي الكثير من التمتع بذلك الجمال، كما فاتني أيضاً الكثير منه، فكنت أشكر الله على ما حصل، وأصبر على ما فات، وهذا هو دأب المؤمن: " إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " أيضا، وأقول عندما يفوتني شيء: عسى أن يعوضني الله عما فات بما هو خير منه مما هو آت.



إنني أقعد في بعض الأوقات بجانب نافذة الطائرات لأتأمل في الجزء الذي يمكنني رؤيته منها، لأرى البحار والجبال والغابات فتأتي السحب فتغطي وجه الأرض وتحجبه عن نظري، وكأن الغيرة قد أكلت قلبها، فاغتاظت واستغلت ما منحها الخالق من القدرة على الحركة فغطت ما على وجه الأرض، فآخذ في النظر إلى تلك السحب، وأرى فيها من الجمال ما يثلج صدري ويكحل عيني.



فإذا ذكرت ما تحتها من جمال ناجيت ربي أن تنقشع تلك السحب أو تنقطع قافلتها، وكثيرا ما يستجيب الله دعائي فيتغير المنظر فأشعر بغبطة وسرور، فأمد بصري حتى أكاد اخترق نافذة الطائرة لأرى المزيد من ذلك الجمال: جبال مكسوة بالغابات وبحار يصعب الوصول المباشر إلى سواحلها، وأنهار تخترق الأرض محاطة بأشجار الغابات أو رمال الصحراء.



وأنزل في مدينة من المدن، فأتمنى أن أكون في أعلى طابق في أعلى بناء فيها في أجود بقعة منها، بجانب محيط من المحيطات الواسعة، وقرب غابة من الغابات الجميلة، أو في وسط البلد لأتمكن من مد بصري إلى كل أنحائها، لأرى مناظر مبانيها الشاهقة أو القصيرة المتناسقة، وسياراتها التي تكون في بعض الأوقات مزدحمة في شوارع عامة واسعة شبيهة بحبات السبحة التي انتظمت في خيط رفيع، كما انتظم الشارع تلك السيارات.



أو أرى السفن الكبيرة وهي ترسو أو تنطلق من مراسيها إلى أواسط البحار والمحيطات، أو القوارب الصغيرة التي تروح هنا وهناك، كأنها نوع من الأسماك، أو الطائرات المختلفة الأحجام والأشكال صاعدة وهابطة أو معلقة في جو السماء، أو أتجول في أطراف المدينة على قمم الجبال أو سواحل البحار، كل ذلك لترتسم في ذهني صور تلك البلدان وتلك المناظر الجميلة التي لا يتمكن من رؤيتها إلا بعض الناس في بعض الأزمان.



وقد أنال ما أتمنى وقد يخفق الأمل، فلا أجد إلا الصبر وتسجيل مشاعري في كراستي، وفي هذا اليوم الخميس سجلت هذه المشاعر، بعد صلاة الفجر.



وراودني -لا أقول شيطان الشعر فلست بشاعر-ولكن محرك المشاعر أن أسطر بعض الأبيات، وهي ليست شعرا، ولكنها تحكي المشاعر، فبدأت أقول



الكون ينطق بالجمال الساحر
والقلب يطرب للبحار هوادرا
والعين تأبى أن يحل بها الكرى
والبحر خلفي قد طغت أمواجه



ويهز بالوجدان كل مشاعري
والأذن تعشق حسن صوت الطائر
ما لم تكحل بالجمال نواظري
وبشاطئيه تسابقت بتفاخر






ولكن المحرك أدبر عندما دق جرس الهاتف، فرفعت السماعة فإذا محمد التومي ينتظرنا في قاعة الاستقبال، لينقلنا إلى بيت الأخ خليل بن عبد الله الخليل، لتناول طعام الإفطار.





السابق

الفهرس

التالي


15335978

عداد الصفحات العام

103

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م