﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(049)علماء حاورتهم في موضوع البلاغ المبين

(049)علماء حاورتهم في موضوع البلاغ المبين



2-إجابات الدكتور عبد الله المصلح.



السؤال التاسع: هل يمكن أن توجد فترة علماء، كما كانت توجد فترة رسل في السابق؟



الجواب: لا أظن.



السائل: في أماكن معينة؟



الجواب: أحسنت. قل: في المكان. إذا كان في المكان يمكن قد توجد بقعة من البقع، وليست بقعة تشكل كيانا يشكل أمة … لا. سيبقى بإذن الله في هذه الأمة من تقوم به الحجة، لكن قد يقع في قبيلة في قطعة من الأرض فترة معينة قصيرة قد تخلو من علماء وتحتاج إلى دعوة وبلاغ … ولهذا قال النبي صَلى الله عليه وسلم: (يبعث في رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها). إذًا التجديد وارد ولكنه يبقى في الأمة. يستحيل أن تخلو الأمة من قائم لله بالحجة، وذلك هو مصداق لقول الرسول صَلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق). إذًا الحق في هذه الأمة يا أخي حق قائم.



وهناك مسألة مهمة جدا، أريد أن أحدثك عنها، وهي هذه الأمة يستحيل أن ينقطع الحق فيها، أن ينقطع الخير فيها. قد تغفو، قد تذهل، قد تصاب بحالة غفلة، لكن ينتهي الحق؟ لا. وعودتها إلى الله عودة سهلة ممكنة يسير، لأسباب ثلاثة:



السبب الأول: أن الله عز وجل لم يجعل سبب عزها وذلها بيد عدوها، ولكنه جعل سبب عزها وذلها كائنا في نفسها، فقال تعالى: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم}. {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}. {قل هو من عند أنفسكم}. {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس}. وذلك مبني على أن مركز التغيير في الإنسان هي نفسه.



السبب الثالث: أن النفس لها منهج، لها طريق قادر على تغييرها، أين هو؟ منهج محفوظ وهو الكتاب والسنة.



السبب الثالث: أن الله أبقى طائفة من الأمة على الحق، لا يضرهم من خذلهم. فطائفة من العلماء موجودة، والمنهج محفوظ، والنفس مقدور عليها. فكان انعطافها إلى الله سهلا.



السائل: لكن قد توجد أماكن لا يوجد بها علماء ولا تقوم فيها حجة.



الجواب: قد توجد، لكن لا يقال في الأمة.



السائل: هل تعرف شيئا من هذه الأماكن في هذا العصر؟



الجواب: يعني ما أستطيع أتصور تصورا محددا، لكن يمكن وجود زاوية من زوايا بلاد المسلمين.

السائل: في إفريقيا مثلا؟



الجواب: أنت تتكلم عن بلاد المسلمين؟



الجواب: لا، لا، لا.



الجواب: في الأرض؟



السائل: نعم. في الأرض.



الجواب: أنت قلت: تخلو من العلماء. إذًا أنا تصورتها في بلاد المسلمين.

أما بالنسبة للوقت الحاضر، فأنا أجريت دراسة في قضية الملكية، لأثبت لهؤلاء الذين قالوا: إن المجتمع البشري كان قد عاش فترة حجرية، ثم فترة رعى فيها الغنم، ثم فترة البناء، ثم فترة الزراعة، ثم فترة الصناعة. هذا التقسيم أبنت للناس بطلانه، وقلت لهم: إن الإنسان ينقسم تاريخه قسمين: القسم الأول: مرحلة ما قبل كتابة التاريخ. والقسم الثاني: مرحلة ما بعد كتابة التاريخ. فمرحلة كتابة التاريخ قريبة جدا، هي ما قبل خمسمائة سنة وستة آلاف سنة (6500). ما قبل هذا التاريخ ليس للإنسان أي تصور عن هذا الإنسان كيف كان يعيش في الأرض؟ وكل كلام عن هذا الإنسان هو عبارة عن تخمين وظن.



ومن أشهر من تكلموا في هذا الجانب هو جان جوك رسو عندما تكلم عن نظرية العقد الاجتماعي. قال: إنني أفترض، لأنني لا أملك وسائل المعرفة التي يمكن أن أتوصل بها إلى بيان الحقيقة.



وعندما تكلم "ول ديورانت" في (كتابه): قصة الحضارة عن الإنسان الأول قال كذلك: إني أفترض. فهم يفترضون مجرد افتراض. ودوافع افتراضهم خلفيتهم الثقافية ومعرفتهم الذاتية. وكل معرفتهم مجرد وهم أو استقاء من الأساطير القديمة.



أما القرآن، فقد حدد حقيقة الإنسان الأول من أول يوم نزل في الأرض وأعلمنا الله أن هدايته وأن بيانه أو حجته، قد واكبت حياة الإنسان من أول إنسان نزل الأرض، وهو آدم وزوجته حواء. فقد كان آدم نبيا، وكان نوح من بعده رسولا، أرسله الله يوم أن حصل خلل في الناس، وكان أول رسول، ثم توالت بعده الرسالات. إذًا قولهم خاطئ.



والدليل كذلك على خطئهم إضافة إلى الدليل السابق، أننا نعيش اليوم في ما يسمى بالقرن العشرين وعصر التقنية والأقمار الصناعية، ومع ذلك توجد بعض القبائل المتوحشة، كقبائل: (الأورانتا) في أواسط إفريقيا، وقبائل: (الإسكيمو) في المناطق المتجمدة. أولئك قوم ما كأنهم قد جاءهم بيان ولا أقيمت عليهم حجة ولا ظهر لهم شيء … والجملة فيهم أنهم ما جاءهم أحد. ويدخل هؤلاء حتى ولو كانوا في هذا العصر في من لم تبلغهم الدعوة، وقد تحدثنا عن ثلاثة أصناف: أطفال المشركين، وأهل الفترة، ومن لم تبلغهم الدعوة.



السائل: الدكتور عبدا الله بن عمر نصيف-أمين عام رابطة العالم الإسلامي-ذكر لي مجموعة في أمريكا الجنوبية في جبال الأمزون، لا يوجد فيهم من يعرف شيئا اسمه دين، وأنه قد زار منطقتهم بنفسه.



والدكتور حامد حسان رئيس الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام أباد، ذكر لي طائفة في أمريكا الشمالية زار منطقتها بنفسه أيضا، ويقول: إنهم لا يزالون يستعملون الوسائل القديمة، ولا يستعملون شيئا من وسائل الحضارة المعاصرة، ولا يعرفون شيئا عن الإسلام ولا عن الرسول عليه الصلاة والسلام.



السؤال العاشر: ما وسائل البلاغ المبين؟ وما دور أجهزة الإعلام في أداء البلاغ
المبين؟



الجواب: بالنسبة لوسائل البلاغ المبين قد حدثتك عنها. وأنا أرى حصرها في خمس قضايا وهي: الفطرة، والعقل، وهما يشكلان المركز التأهيلي، أو تأهيل الإنسان لقبول الحق. ثم يتبع ذلك الرسل، والكتب، والإعجاز بجميع صنوفه. وهذه وسائل البلاغ المبين.



السائل: المراد بالوسائل: الطرق الموصلة لهذه الأمور إلى الناس.



الجواب: أما وسائل إيصال البلاغ المبين، فهي لا تنقضي. والرسول صَلى الله عليه وسلم استخدم ما كان في استطاعته من الوسائل الممكنة. ولو أردنا حصر هذه الوسائل لوجدنا أنفسنا أمام طائفة ضخمة من الوسائل.



السائل: على كل حال، في هذا العصر برز أمران عظيمان جدا-وإن كانا موجودين من قبل-لكن بروزهما في هذا العصر واستخدامهما من أجل إيصال الحقائق والأباطيل واضح جدا، وهما الإعلام والتعليم، فنريد أن تتحدث عنهما ولو قليلا: دور الإعلام والتعليم. وهل التعليم عند المسلمين أدى دوره في البلاغ المبين؟



الجواب: أولا، دعني أفرق لك بين قضية التعليم والإعلام.



هناك فرق جوهري يغيب عن كثير من المسلمين، وهو أن مهمة التعليم البناء: بناء الحقائق التي ينبثق منها الاعتقاد. فالتعليم بَانٍ. والإعلام مهمته تحريك ما كان قد استقر وموالاة ذلك بالبيان المتواصل، حتى لا تصاب الحقائق الثابتة بشيء من الغبش، أو شيء مما قد يعطلها.

فمهمة التعليم: البناء، ومهمة الإعلام: التحريك.ولهذا لا يغيب عن ذهننا أن قضايا الاقتناع لا تتولد من عوارض إعلامية، إنما هي حالات من الإشراقات، حالات من البيان العارض، لكن تثبيت هذه الأمور لا يكون إلا بالتعليم والعلم. لذلك قال سبحانه وتعالى ك {فاعلم أنه لا إله إلا الله}. والعلم تعريفاته طويلة. لكن تقديري أن العلم هو مجموعة الحقائق والثوابت التي تصل إلى الإنسان من خلال مصادرها المأمونة السليمة القوية الموصلة إلى إثبات اقتناعه وتمكين عقيدته في نفسه، وبالتالي يأتي الإعلام فيحسنها ويجملها ويوصل الخير إليها. لا بد من فهم هذا الأمر. هذه أردت أن أفرق بها بين القضيتين.



يأتي بعد ذلك مسألة: هل تعليمنا ومناهجنا اليوم لديها قدرة على صياغة هذا، يعني الداعية القادر على القيام بالبلاغ المبين؟



أقول: لا. لأن المفروض فينا-ونحن نتطلع إلى أن نقدم الإسلام بلغة زمانه-أن ننظر إلى حجة هذا الزمان ز ما هي عصى موسى عليه السلام في هذا الزمان؟ العصا التي جاء بها فرعونَ ما الذي أبطلته عصى موسى؟ وفي زمن عيسى عليه السلام كان الطب. ما الذي أبطله؟ أبرأ الأبكم والأكمه … ما الذي هز قلوب المشركين وتحدى عقولهم في عهد رسول الله صَلى الله عليه وسلم، وجعل الوليد بن عتبة يقبض على فم رسول الله صَلى الله عليه وسلم، ويقول: أنشدك الله والرحم يا محمد لما سكتَّ، عندما قرأ عليه: {حم} حتى وصل إلى قوله تعالى: {فإن أعرضوا فقل أنذرتكم مثل صاعقة عاد وثمود}. ما هو الشيء الذي جعله يفعل ذلك؟ إنه أذله وأرهبه عظمة هذا القرآن في بيانه.



لكن اليوم نحن في زمن اسمه زمن العلم. هل استطعنا أن نستخدم الحقائق العلمية في عرض هذا الدين للناس، ومواجهة الكفرة بهذه الحقائق؟ نحن لم نستخدم ذلك الاستخدام الأمثل، وإنما استخدمناه عن طريق الإعلام [وهو استخدام محدود جدا، وقد آتى ثمارا ليست بالهينة.]. والاستخدام الإعلامي غير الاستخدام التعليمي.



ولهذا إني أدعو إلى أن ننشئ فرعا من المعرفة التعليمية، نسميه بالثقافة العلمية التي تحدد من أنشأ الكون؟ وما هو السر في نشأته؟ لأن الحقائق الكونية حقائق ثابتة. هذا الأمر طويل وليس هذا وقته …



السائل: يعني مناهج التعليم في الجامعات والمعاهد الموجودة في بلدان المسلمين، لا تستطيع أن تخرج القادرين على أداء البلاغ المبين الأداء المطلوب في هذا العصر؟



الجواب: لا نقول: إنها لا تستطيع أن تخرج، لكن الحقيقة في جملتها، لأن المنهج يحتاج إلى ثلاثة أشياء يا أخي الحبيب: الأول: مفردات المنهج الواسعة، قد لا يستوعبها الناس استيعابا كاملا، فلي على مفردات المنهج ملاحظات-لا أقول: ملاحظات من حيث الخطأ-ولكن من حيث مفردات المنهج. هذه واحدة.



الثاني: نحتاج إلى إعادة صياغته بما يتناسب مع هذا الزمان.



الثالث: أن يكون القائم عليها قادرا على استيعابها وبيانها للناس. ونحن نجد ملاحظات في الثلاثة … ولا أقول: إن هذه ملاحظات مانعة من أن يبلغ بها الحق، لكنها من باب التحسين والمثل …



السائل: بناء على هذا، لو نظرنا إلى صفات الداعية الذي يمكن أن يقوم بمهمة البلاغ المبين على ما يرام، هل ترى أن صياغته في التعليم في المؤسسات التعليمية وفي المؤسسات الإسلامية تؤهله أن يكون كذلك اليوم؟ أقصد صياغته التربوية والعبادية والثقافية …؟



الجواب: هذه غير كافية في إخراجه، ولكن الناس قسمان: رجل صاحب هوى، اتجه هواه إلى الله عز وجل، وتحقق فيه قول الرسول صَلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم هواه تبعا لما جئت به) هذا الرجل تجد أن هذا القدر من التزكية للنفس، هذا القدر من التوهج الإيماني يفرض عليه أن يتتبع الحقائق وأن يتفاعل معها، ولكنه لا يتفاعل معها تفاعلا يجعله منه داعية قادرا على أن يبلغها للناس. وهذه ستبقى-يا أخي-موجودة في البشر كما أخبر النبي صَلى الله عليه وسلم بقوله: (مثل ما بعثني به الله من الهدى كمثل غيث …) الحديث.





السابق

الفهرس

التالي


15327204

عداد الصفحات العام

3498

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م