﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(015)علماء حاورتهم في موضوع البلاغ المبين

(015)علماء حاورتهم في موضوع البلاغ المبين



3-إجابات الأستاذ محمد قطب على أسئلة البلاغ المبين



س: جزاك الله خيرا، فضيلة الشيخ، الذين يقومون بالبلاغ المبين في هذا العصر-وفي كل عصر-هم الذين يتخرجون في المحاضن العلمية، ومنها المعاهد والجامعات الإسلامية، كيف ترون مناهج هذه المعاهد والجامعات، هل يمكن أن تعد من يقوم بالبلاغ المبين؟



ج: بصراحة، أرى هذه المعاهد بعيدة عن الهدف الذي تحدثنا عنه، فإنها تدرس علوم الدين دراسة ذهنية، كأنها قضايا فلسفية أو قضايا عقلية، ليست كما جاءت من عند الله، يعني أضرب مثالا: أسماء الله الحسنى، جاءت في القرآن الكريم وجاءت في السنة المطهرة، ما نزلت في كتاب الله لنحولها إلى قضايا ذهنية وفلسفة تجريدية، ونجهد أذهاننا في استكناه معناها، إنما نزلت لتكون توجيها تربويا، والصورة في ذهني أن هذا المنهج التربوي القرآني الذي نزلت فيه الأسماء الحسنى، يحيط بالقلب البشري في جميع حالاته حيثما توجه وإلى أي شيء توجه وجد الله تجاهه.. يريد مالا، المال من عند الله، يريد مكانة، المكانة من عند الله، يخاف من العدو أو من كذا أو من كذا، الأمور كلها بيد: فيما يخاف، فيما يحب، فيما يتطلع إليه، فيما يشغل باله، كل الأمور بيد الله سبحانه وتعالى، ففي أي لحظة وفي أي حال من أحواله، هو مع الله حين يتربى هذه التربية، فتجيء أسماء الله الحسنى في سياقها القرآني لتؤدي هذا المعنى، لتربط القلب البشري بالله ربطا مستديما وقويا، فعندئذ يطيع الله ويخبت له نفسه، ويقوم بالواجبات التي كلفها الله إياه، حين ندرس الأسماء الحسنى والصفات دراسة تجريدية ذهنية، ولا نُوَجَّه إلى الأثر المطلوب والتربية التي تنتج إنسانا خاضعا لله مستسلما له متوجها إليه في الكبيرة والصغيرة ملتزما بأوامره، هل نكون قد صنعنا شيئا في حقل الدعوة بالذات؟.



عندنا-طبعا-سنخرج ناسا يتكلمون بفصاحة، في القضية الفلانية والقضية الفلانية والقضية الفلانية، لكن ما ذا يصنعون في الواقع الذي نعيشه؟ الواقع الذي يسيطر فيه اليهود على جزء من أرضنا، ويسيطر الكافرون على أجزاء كثيرة من أرضنا، ونعاني من مشاكلنا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية والفكرية، هل هذا النوع من الدراسة أو المتخرجون على هذا النوع من الدراسة، هل عندهم القدرة على مواجهة هذه المشكلات الموجودة الآن أو على تربية الجيل الذي يستطيع بإيمانه وصدقه، أن يواجه هذه المشكلات؟ هذا الذي أقصده.. قدر مما يدرس في هذه المعاهد ضروري لا شك فيه، لكن تحويل الإسلام كله إلى دراسات نظرية تجريدية ذهنية، دون الالتفات إلى الجانب التربوي، لا يفيدنا كثيرا في حقل الدعوة، وهذا ما لم يكن الشاب من ذات نفسه متوجها إلى الدعوة مشغولا بها...



الجامعات تحتاج إلى تغيير طريقة الحقائق الإسلامية، كنت أقول: إنه ما لم يكن الشاب من عند نفسه يجد في نفسه رغبة في الدعوة والتحمس لها، فإن الدراسة وحدها لا تنتج داعية، إنما نريد من معاهدنا الشرعية أن تخرج دعاة، يعني يتعلمون العلم الشرعي الضروري اللازم لهم، لكن في الوقت نفسه تكون نفوسهم مهيأة للدعوة، ويكون عمل الجامعات والمعاهد هو الجمع بين هذا التوجيه للدعوة وبين تدريس العلوم اللازمة للدعوة، أما العلوم وحدها فلا تكفي كما أن الداعية بغير علوم شرعية، لا يستطيع أن يؤدي دوره، فالمطلوب هو الأمران معا.



س: فضيلة الشيخ، هل تختلف وسائل البلاغ المبين وأساليبه بالنسبة للذين يراد
تبليغهم؟



ج: تختلف، لكن ليس الآن، يعني بعد فترة حتى تتميز فئات الناس، وتحتاج كل فئة إلى توجيه خاص، لكن الآن بسبب هذه الغربة فكل الناس محتاجون إلى إزالة الغربة، إلى بيان المفاهيم وإلى التربية، فالآن دعوتنا واحدة وكلامنا واحد لكل الناس، لكن بطبيعة الحال مدى استيعاب الناس يختلف، فحين أكلم المثقفين الذين يستوعبون القضايا غير ما أكلم الذين درجنا على تسميتهم العامة، وإن كانت هذه التسمية ليست إسلامية، فكل الناس الذين يقولون: (لا إله إلا الله) مخاطبون بالدعوة ومكلفون، لكن كما قلت تختلف واجبات كل إنسان على قدر ما أعطاه الله من فقه هذا الدين، فتختلف فيما بعد طريقتنا في خطاب من فقهوا وخطاب الذين نكتفي فقط بتنمية وجدانهم الديني أو تعويدهم العادات الإسلامية السليمة.



قلت للشيخ: أنا قصدي من هذا السؤال أن المجتمعات-مثلا-تختلف حتى لو خاطبناهم بمعنى واحد، لكن قد يختلف-مثلا-الأوربي أو الغربي عن الوثني في الهند.. وهكذا؟



فقال: نعم، من هذه الجهة طبعا، أنا كنت أقصد المسلمين، كلامي كان منصبا على توجيه الدعوة للمسلمين، لكن حين نخرج من نطاق المسلمين إلى غيرهم لا شك أن طريقة الدعوة تختلف، لأن القضايا التي تشغل كل فريق من الناس عن القضايا الأخرى، الْمُسْلِم الْمُسَلِّم بالقضايا، الذي يحتاج فقط إلى تصحيحها وتربيته عليها غير المنكر لها أصلا، وغير الذي وُجِّهَ عقله توجيها معينا ضد الإسلام، فيحتاج إلى طريقة خاصة للدخول إلى نفسه، لاستخراج العداوة الكامنة في قلبه ضد الإسلام.



س: فضيلة الشيخ، هناك موضوع يشغل بال الناس كثيرا في موضوع البلاغ المبين، فالله تعالى قد خلق للناس عقولا، ويجب أن يهتدوا بهذه العقول إلى معرفة الخالق، وكذلك خلقهم على الفطرة وأخذ عليهم الميثاق في عالم الذر، وأوجد هذا الكون الفسيح المتقن الذي يلفت العقول وينبهها إلى عظمة الخالق، ألا تكفي هذه الأشياء في إقامة الحجة على من لم يبلغه الوحي في الاعتراف بوجود الخالق سبحانه والاتجاه إليه-ولو في الجملة-؟



ج: لو كان في علم الله أن هذا يكفي، ما أرسل الرسل وما قال سبحانه: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) إن من رحمة الله أنه لا يأخذهم بشهادة الفطرة: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا) من رحمته أنه لا يأخذ الناس بهذا الإشهاد وحده حتى يرسل إليهم رسولا، ويعلم الله ما يصيب الفطر، فالإنسان ينسى ويغفل ويتبلد حسه على حقائق الكون التي ينبغي أن تهديه إلى وجود الخالق سبحانه، يتبلد حسه، وهذا طبع بشري، التجربة الجديدة تشد كيان الإنسان فيلتفت إلى كل جزئية فيها.



فإذا تكررت يقل انتباهه لها، وإذا تكررت مرات كثيرة يمر بها كأنها غير موجودة، فالشمس والقمر آيات، والليل والنهار آيات، والسماوات والأرض آيات، والمطر والريح آيات، لكن يتبلد عليها الحس البشري، وتحتاج إلى من يهز الحس البشري، ليوقظه مرة أخرى إلى دلالة هذه الآيات، وهذا ما يقوم به الرسل صلوات الله وسلامه عليهم جميعا، ويقوم الدعاة أو العلماء من بعد الرسل بهذه المهمة، فلا بد من الإشهاد مرة أخرى، ولا يكتفى بالإشهاد على الفطرة، وهذا من عند العليم الخبير أنه يرسل الرسل، فهذا الإشهاد: (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) فيعلم الله أن الحجة تقوم بالرسل لا بشهادة الفطرة وحدها.



العقول-يعني-ما أكذب الظن أن العقل وحده بدون الهداية يصل إلى الحق، وكل الضلالات التي ضلتها البشرية، كان العقل يسوغها بنفسه، فالوثنية تسوغ بعقلها ما هي واقعة فيه من وثنية، حتى الملحدون يسوغون بعقلهم إلحادهم، فالعقل مطية وليس سيدا كما يظن لأول وهلة، هو أداة لمن يستخدمه، فإذا استخدمه الهدى استقام، وإذا استخدمه الضلال ضل معه، فالعقل وحده صحيح هو الأداة التي يتبين بها الإنسان الحق والباطل، لكن بغير الهداية التي تجيء من الرسل والوحي لا يستقيم العقل.. في أفراد تاريخ البشرية قلائل اهتدوا بعقلهم، لكن الإنسان العادي ليس شأنه هكذا، والدين للناس جميعا.





السابق

الفهرس

التالي


15218153

عداد الصفحات العام

2952

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م