﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(07) علماء حاورتهم في موضوع البلاغ المبين

(07) علماء حاورتهم في موضوع البلاغ المبين



حـ-إجابات الدكتور القرضاوي:



11-السائل: فضيلة الدكتور. من أهم الأسئلة عندي هناك كلام للإمام أبي حامد الغزالي رحمه الله في كتابه: "فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة" خلاصته: أن الناس
ثلاثة أقسام:



القسم الأول: بلغه الإسلام على حقيقته، وحكم هذا القسم إذا لم يستجب ويدخل في الإسلام يكون من أهل النار.



القسم الثاني: لم يبلغه الإسلام أصلا، وهذا القسم معذور.



القسم الثالث: بلغه الإسلام مُشَوَّها بصورة منفرة، وحكمه حكم القسم الثاني، أي إنه معذور. ما رأيكم في هذا التقسيم، وهل توجد الأقسام الثلاثة كلها في هذا العصر؟.



الجواب: هذا تقسيم منطقي وواقعي أيضا، وجد قبل هذا العصر، وهو موجود بوضوح في هذا العصر، وأنا أشرت إليه في بعض إجاباتي السابقة.



فهناك من بلغه الإسلام على حقيقته، كأهل الأديان الذين يعيشون بين ظهراني المسلمين ويصابحونهم ويماسونهم ويغادونهم ويراوحونهم. اعتقد أن هؤلاء قد وصلهم الإسلام الذي تقوم به عليهم الحجة، وخاصة صاحب العقل والثقافة منهم إلى حدما.



وهناك من لم يبلغهم الإسلام أصلا ككثير من الناس العوام، أو يسمع إسلاما كما نسمع نحن عن البوذية … فلا نكلف أنفسنا البحث عنها. والذي تقوم به الحجة حقيقة أن يبلغ الإسلام بلوغا مشوقا، يدعو إلى النظر والبحث، يعني شيئا يهزه ويأخذه بهذا الدين، وإلا فنحن نسمع عن الأديان ولا نبحث، يعني كل واحد مستريح إلى دينه. والذي يجعله يتحرك ويتزحزح عن دينه ويبحث عن دين آخر هو الذي تبلغه الدعوة بلوغا قويا يحمله على البحث: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} {رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل}.



القسم الآخر: الذي بلغه الإسلام بلوغا مشوها. هذا في حكم القسم الثاني، بل أقول: يمكن أن يكون أكثر عذرا، لأن الصورة التي أخذها تجعله ينفر ولا يفكر أبدا في هذا الدين. مثل ما أشاعه الصليبيون ورجال الكنيسة في العصور الوسطى عن الإسلام وعن محمد صَلى الله عليه وسلم، وأنه رجل في يده سيف من ناحية والنسوان وراءه من ناحية أخرى، رجل شهواني، ورجل دماء، وتصويرات وحكايات مكذوبة، وأن المسلمين هؤلاء يأكلون لحوم البشر، وأنهم يعبدون الأوثان وعندهم وثن اسمه محمد، وأنهم يعبدون بيتا في مكة اسمه الكعبة وحجرا اسمه كذا ، ويقربون له القرابين … وتشويهات (كثيرة). وطبعا مثل هذا يعتبر معذورا. ومن هنا نقول: إنه لا بد من العمل لإبلاغ الإسلام إلى الآخرين، بحيث نزيل الصورة المشوهة لمن كانت عنده هذه الصورة، وتوصل له الصورة الحقيقية للإسلام التي تشوقه للبحث عن الإسلام. لا بد من هذا.



12-السائل: بعض العلماء يقولون: إنه يجب على الإنسان أن يبحث عن الدين الحق. فهل توجد حوافز عند كل أحد تدفعه للبحث عن الحقيقة والسؤال عن الدين، بحيث لولم يفعل ذلك يأثم إثما يستحق به التخليد في النار؟.



الجواب: لا. هذا يخالف الواقع، لأن الإنسان الذي نشأ على دين عليه آباؤه وأجداده، في العادة يكون مستكينا إليه ولا يفكر في البحث عن بديل له، إنما يفكر في البحث عن بديل له إذا جاء من يقول له: إن دينك هذا باطل، وخاصة بالنسبة لعموم الناس وجماهيرهم، يقولون: {إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون}. فهذا أمر معروف عند البشر. متى يتحرك للبحث عن دين آخر؟ إذا قيل له: إن دينك باطل، وأنه يوجد دين آخر هو الحق. فإذا وصله هذا الصوت الذي يشككه في دينه ويعرض له صورة دين آخر، هنا يوجد الحافز ويجب البحث تقوم الحجة.



ولذلك أهل الفترة، الرأي الراجح عند العلماء أنهم ناجون، على أساس أنهم ولدوا في فترة. وكون بعض الناس في الفترة فكروا وبحثوا بأنفسهم، مثل الحنفاء الذين قالوا: إن الوثنية ضلال وتعبدوا بدين إبراهيم ، هؤلاء أفراد معدودون، إنما جماهير الناس من أهل الفترة لم يبحثوا. فالقول بأن كل الناس يجب عليهم البحث عن الحقيقة لا دليل عليه، لعدم وجود الحافز الذي يدفعهم إلى البحث والسؤال عند الجميع، وليس في هذا تصوير للواقع ولا إنصاف للناس. الناس يعذبون على ما ذا وهم لم تبلغهم الدعوة، وما الذي يجعلهم يبحثون بدون وجود دافع يدفعهم إلى البحث؟



13-السائل: هل نستطيع أن نحكم على هؤلاء أنهم بمنزلة من ولدوا في الغابات أو الجبال البعيدة التي لم يصل إلى أهلها الإسلام، يعني إذا أحاطت بالشخص أو الأشخاص عقائد فاسدة وأمور اجتماعية سيئة، وأفكار عن الإسلام مشوهة، هل إحاطة هذه الأمور المعنوية به ولم يبلغه الإسلام بلوغا صحيحا، تأخذ حكم من أحاطت به تلك الجبال والغابات البعيدة عن الدعوة والبلاغ؟



الجواب: نعم نعم ! لأن هذه الأمور كلها حوائل. قد تكون الحوائل مادية، مثل الذي يعيش في رءوس الجبال أو يعيش في الغابات والأدغال، بعيدا عن العالم، هذه الحوائل عزلت من وجد بها. وهناك عوامل أخرى نفسية واجتماعية تحول بينه وبين بلوغ الإسلام إليه، والنتيجة واحدة، كلاهما لم يصله البلاغ المبين الذي تقوم به الحجة.



14-السائل: فضيلة الشيخ، الأسئلة كثيرة، ووقتك ضيق، وقد أثقلت عليك، لذا أكتفي بسؤال أخير الآن، وهو: أن الإسلام كما ذكرتم دين شامل يشمل حياة البشر كلها، ولا بد من الدعوة إليه كاملا.



لكن بعض الناس في هذا العصر يقولون: إن الذي يدعو إلى تحكيم الشريعة الإسلامية، إنما همه وقصده سياسي. وأنه يجب الاهتمام بدعوة الناس إلى العقيدة أولا وتحذيرهم من الشرك، كعبادة القبور ونحوها. فهل يدخل تحكيم شرع الله في العقيدة، وأي نوع من أنواع التوحيد يشمله، أو هو فعلا جانب سياسي؟كما يقولون؟



الجواب: هنا مستويات:



المستوى الأول: حينما يكون الإنسان بين قوم فسدت عقيدتهم ولم يعرفوا أوليات الإسلام (أركانه وأسسه)، فيجب أن يبدأ معهم بالأوليات كما قال النبي صَلى الله عليه وسلم، لمعاذ حينما أرسله إلى اليمن: (إنك تأتي قوما أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإن هم استجابوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أموالهم فترد على فقرائهم …) فالمفروض التدرج في التعليم، بتقديم الأهم على المهم، وتقديم المهم على غيره. وذلك يعود إلى حكمة الداعية.



المستوى الثاني: حينما يكون الداعية في مجتمعات مثل المجتمعات العربية والإسلامية العريقة في الإسلام والتي حكمها الإسلام دهورا عديدة، وإنما عَطَّلَ الحكمَ الإسلامي فيها الاستعمار في بلاد المسلمين. وعندما خرج الاستعمار من بلاد المسلمين، ما الذي يمنعها من العودة إلى ذاتها والحكم بشرع ربها؟ والمفروض أن الإنسان يحكم وفق عقيدته.



وما دام المسلم معتقدا بالإسلام ورضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صَلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا، وبالقرآن إماما ومنهاجا، لم يعد له خيار في أنه يقبل أو يرفض شرع الله. لا. {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم }. {إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا}. فهذه ليست مسألة اختيارية نقبلها أو نرفضها.


والإسلام-في الحقيقة-كل لا يتجزأ، الله تعالى قال لرسوله-وهو خطاب لكل من يقوم بأمر الأمة من بعده-: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك}. عن بعض، لأن من يفرط في البعض يوشك أن يفرط في الكل. ولا يجوز أن تأخذ شيئا من الإسلام وتترك بعضه، وقد عاب الله على بني إسرائيل وقرعهم أشد التقريع في هذا الأمر، حينما أخذوا بعض الأحكام وتركوا البعض الآخر، فقال: {أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب }.



فمن هنا يجب أن تكون دعوتنا في المجتمعات الإسلامية المستقرة إلى الإسلام كله. صحيح يجب أن تعطى العقيدة أهمية، وتعطى العبادات أهمية، وتعطى الأخلاق أهمية، ولكن من ناحية التوضيح لا بد أن يوضح الإسلام. فهو عقيدة وشريعة وهو دين وسياسة.



وكون أن الهدف سياسي ما الذي يمنع من ذلك؟ أليست الدولة من الإسلام: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون …}. هذا فيه حكم بما أنزل الله. الخلافة نفسها عرفها العلماء بأنها نيابة عامة عن رسول الله صَلى الله عليه وسلم، في حماية الدين وحراسة الدنيا به. فهو دين ودنيا.



السائل: هل تحكيم شرع الله عقيدة؟



الجواب: قبول التحكيم أو عدم قبوله، ذا عقيدة.



السائل: قال الله تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك …}.



الجواب: فرق بين التحكيم وأنني لا أحكم.



السائل: هذا شيء آخر، المقصود هنا: التحكيم.



الجواب: معنى التحكيم يعني قبول الحكم.



السائل: نعم.



الجواب: قبول الحكم، ذا جزء من العقيدة. كما قال تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}. لا بد أن نقبل الحكم، نقبله حكما، فقبوله حكما ذا جزء من العقيدة. وإنما قد ينحرف عن الحكم لهوى أو شيء من هذا كأن يغره مال أو يحابي شخصا، فهذا يعد ظلما. لكن من حيث القبول وعدمه، هذا جزء من العقيدة.





السابق

الفهرس

التالي


15336219

عداد الصفحات العام

344

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م