﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(06)علماء حاورتهم في موضوع البلاغ المبين

(06)علماء حاورتهم في موضوع البلاغ المبين



و-إجابات الدكتور يوسف القرضاوي



8-السائل: جزاك الله خيرا. فضيلة الدكتور-هناك معوقات للبلاغ المبين: معوقات داخلية بين المسلمين في الشعوب والجماعات، ومعوقات خارجية تأتي من الخارج. أرجو أن تتحدثوا عن هذه المعوقات الداخلية والخارجية بما يتيسر.



الجواب: المعوقات كثير ة.



معوقات بالنسبة لإيصال الدعوة إلى المسلمين إيصالا صحيحا، إيصال البلاغ المبين إليهم.



من هذه المعوقات-طبعا-كما قلت عدم وجود الداعية المتمكن من مخاطبة الناس بلسانهم، ليبين لهم، المؤهل التأهيل الكافي من الناحية العلمية، والمؤهل من الناحية الإيمانية والروحية، صاحب الرسالة الذي يعيش لرسالته. هذا من المعوقات الأساسية. لا يوجد هذا الشخص …



طبعا، هناك أيضا من ناحية أخرى انصراف كثير من الناس إلى شئونهم المادية وشئونهم الدنيوية والفردية … ولكن هذا ليس معوقا وحده، لأن طبيعة البشر إذا وجد الداعية يستطيع أن ينتشلهم مما هم فيه ويؤثر فيهم، ويحرك فيهم المعاني الربانية، وخاصة أن فطرة الله التي فطر الناس عليها هي الإيمان بالله. الناس فطروا على التوحيد، وكل مولود يولد على الفطرة … ولا زال المسلمون على خير في معظمهم. فإذا وجد الداعية الموفق يستطيع أن يرد هؤلاء الناس (إلى فطرتهم). وقد وجدنا هذا فعلا أنه إذا وجد داعية موفق، يجتمع عليه الآلاف، ويهتدي على يديه الضالون، ويتوب العاصون، ويستقيم المنحرفون …



هناك-طبعا-معوقات من جهة بعض الأنظمة الحاكمة، لا تريد للإسلام أن ينتصر … بعضها تقاوم الإسلام كله، وبعضها تقاوم الإسلام الصحيح، تريد الإسلام الخرافي: إسلام الموالد، إسلام الدراويش. أما الإسلام القوي فلا تريده، لا تريد الإسلام الشامل.



الإسلام عقيدة وشريعة، ودين ودولة، وصلاة وجهاد، ومصحف وسيف. لا تريد هذا الإسلام. فهناك عقبات أيضا من جانب الأنظمة الحاكمة في كثير من البلاد لا شك موجودة.



ولكن-أيضا-الداعية المسلم لا يجوز أن يَقِفَه شيء، لا بد أن يحاول. إنه يستطيع أن يصل إلى الناس بأي طريقة، لأنه إذا قيل له: لا تتحدث في كذا … يقول: طيب أنا أفسر
القرآن …



وكنا في المعتقل سنة: 1949م وقام واحد من الإخوة يتكلم ولم يتكلم إلا بالقرآن، يتكلم عن فرعون (وهنا ضحك الدكتور): {إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا … إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين}. والناس يقولون: آه ! قام يشتمنا بالقرآن … اقرأ القرآن، اشرح القرآن، اشرح حديثا، يستطيع الإنسان بهذا أن يوصل الكلمة كلمة الإسلام.



[تعليق للسائل: ولكن ما ذا يفعل عندما توجد أنظمة تغلق مدارس تحفيظ القرآن الكريم ، وتبث خطب الجمعة فيبعض المساجد مما يسمى بوزارة الشئون الدينية عن طريق شاشة التلفاز ، لتمنع خطيب الجمعة من مباشرة أداء الخطبة على المنبر … كما يحصل اليوم (كتبت هذه الأسطر في تاريخ: 23رجب من عام 1418هـ) من الحكومة التركية التي تحارب الإسلام حربا مكشوفة …! ولعل سلطات السجن سكتت عن هذا القارئ، لأنه محشور في السجن يعذب ويعاقب ، ولا يسمعه إلا مسجون أوسجان !]



قال الشيخ: وتوجد معوقات لاشك كثيرة: المعوقات المالية التي أنت أشرت إليها. نحن محتاجون إلى من يجهز الدعاة، حتى يصلوا إلى بلاد المسلمين المختلفة. طبعا هناك مسلمون ليس عندهم التعليم الديني الكافي، وليس عندهم جامعات إسلامية، والمفروض المسلمون يتضامنون فيما بينهم يبعثون إليهم الدعاة. وهذا-أيضا-أمر تحول دونه عدة حوائل، لا يوجد عندك الداعية الكفء، ولا يوجد التمويل الذي يكفل هذا الداعية، وقد توجد حوائل سياسية … ولكن كل هذا يمكن التغلب عليه، ولسنا أقل من غيرنا ممن استطاعوا أن يصلوا إلى البلاد الأخرى.



حكى لي بعض الناس في منظمة الدعوة الإسلامية، وهو لواء محال على المعاش في
السودان، أنه ذهب في أوائل الخمسينات إلى جنوب السودان في قرية لأول مرة، عندما دخلوا بالسيارة الجيب الناس خافوا منها، لأنهم لم يروا سيارة في حياتهم، فهرولوا إلى البيوت، ثم جمعوهم وقالوا لهم: لا تخافوا نحن سودانيون مثلكم … قال اللواء: وبينما نحن نتحدث سمعنا جرسا يدق.



فسألناهم: هل توجد هنا مدرسة؟ قالوا: لا توجد مدارس ولا أي نوع من أنواع التعليم، قلنا فما هذا الجرس؟ قالوا: هذا أبونا. قلنا: من هو أبوكم؟ وتبين أن أباهم ذاك رجل بلجيكي جاء من بلجيكا، ويأتي مرتين في الأسبوع لهذه القرية بالدراجة العادية، ومعه حقيبتان: إحداهما فيه حلوى يوزعها على الأطفال. والأخرى فيها بعض الأدوية الخفيفة. وعندما يأتي يدق الجرس فيعرفون أنه هو فيجيء الناس: الكبار والأطفال، ويعطيهم من تلك الحاجات التي يحملها، ويحدثهم عن المسيح وعن العذراء. قال المتحدث: وسألنا الرجل: من أين أتيت؟ قال: من بلجيكا. قلنا: كم مدة لك هنا؟ قال: ثلاثون سنة. قلنا: كم مرة عدت إلى بلادك في هذه المدة؟ قال: لم أعد إليها مطلقا. قلنا: ومتى تنوي العودة إلى الوطن؟ قال: وما حاجتي للعودة إلى الوطن؟ أنا رسالتي هنا وبيتي هنا وقبري هنا !.



انظر ! يجيء بلجيكي ليعيش في جنوب السودان، في بلاد لم ير أهلها سيارة، ويدور على القرى بدراجته؟! بالدراجة الناس استطاعوا أن يتغلبوا على الصعوبات. لماذا لا يوجد عندنا أصحاب رسالة يفرغون أنفسهم لمثل هذه الأمور، ليدخلوا إلى ما لم يدخل إليه أحد من القرى النائية والأماكن المختلفة؟ نحن في حاجة إلى أن نفعل هذا داخل البلاد الإسلامية، وأن نفعل هذا في خارج البلاد الإسلامية، ما وجد لنا سبيل؟



9-السائل: فضيلة الدكتور. هناك بعض الأشياء قد تكون معوقات، وهي الصراعات بين الجماعات الإسلامية، وبعض الجماعات قد لا يكون قادتها أكفاء، أليس هذا أيضا من المعوقات؟



الجواب: هذه معوق لا شك، يلمسه الذين يعايشون التيارات الإسلامية، وهو أمر نشكو منه-للأسف-وخصوصا في هذا العصر الذي نرى فيه التقارب بين المتباعدين: المذاهب النصرانية التي يكاد كل مذهب منها دينا مستقلا، تقاربت ونسقت فيما بينها. بل التقارب بين اليهودية والنصرانية، ووثيقة تبرئة اليهود من دم المسيح من عدة سنوات التي أظهرها الفاتيكان على رغم التاريخ الطويل من الصراع بين الدينين … أمر شاهد على هذا.



فللأسف نرى التقارب على المستوى الديني، والمستوى الأيدلوجي والسياسي. تقارب الروس والأمريكان، والصين وسياسة الوفاق. ونرى المسلمين وحدهم-للأسف-هم المتفرقين، لا يعرفون هذا الأمر. والقرآن يحذرنا ويشير إلى هذا الأمر حين يقول: {والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إن لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير}. يعني: إن لا يوالي بعضكم بعضا ويساند بعضكم بعضا كما يفعل الكفار، تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، لأنه يكون تجمع في جانب الكفار وتفرق في جانب المسلمين، إيجابية في جانب الباطل، وسلبية وفراغ في جانب الحق !



لا بد أن نراعي هذا. وأنا منذ سنين أكتب في هذا الأمر وأقول: إنه ينبغي أن يكون الاختلاف ما بين الجماعات الإسلامية اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد، يعني جماعة يشتغلون في التربية، وجماعة يشتغلون بالاقتصاد، وجماعة يشتغلون بالناحية الاجتماعية، وجماعة يشتغلون بالناحية السياسية، وجماعة يشتغلون بالناحية العسكرية، وجماعة يشتغلون بأكثر من ناحية.



ليكن هذا. يتعددون: ناس لهم آراؤهم المختلفة: ذا له رأي وذا له رأي. ليكن ياسيدي. حينما أقف ضد الشيوعية، وضد النصرانية، وضد اليهودية، وضد الوثنية، أنا أقف هنا ولا أقول: أشعرية وماتريدية وسلفي وكذا، ولا أقول: حنفي ومالكي وحنبلي … أنا أريد أن أجمع القوة الإسلامية كلها في وقت واحد، فنتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه.



وهذا أمر أنا مشغول به، وكتبت فيه كتابا سينشر هذا الشهر في عدد من الصحف، ومنها جريدة الشرق الأوسط، عن فقه الاختلاف، الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق الممنوع. هناك اختلاف مشروع تقتضيه طبيعة الدين، وطبيعة اللغة، وطبيعة البشر، وطبيعة الكون، وطبيعة الحياة. ولا يمكن أن نجمع الناس كلها على رأي واحد وموقف واحد، ولا بد أن يسع بعضنا بعضا، وخاصة في العصور التي يتعرض المسلمون فيها للإبادة الجسدية والعقائدية.



فلهذا أدعو في الحقيقة العاملين للإسلام أن يتناسوا الخلافات فيما بينهم، وأن يقفوا صفا واحدا في المعارك، يجب أن يقف الجميع صفا واحدا: {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص}. نحن في معركة عسكرية وسياسية واقتصادية وفكرية ودينية، ومن كل النواحي. والقوى المعادية للإسلام تختلف فيما بينها وتتفق علينا نحن إذا كان الإسلام هو العدو المشترك اتفق الجميع علينا، فلماذا لا يتفق بعضنا مع بعض؟! القاعدة الذهبية-قاعدة المنار-الحقيقة أنا أومن بها: (نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه).



وما نتفق عليه كثير وكثير جدا. فلنعمل بهذا، وخصوصا خارج البلاد الإسلامية، لا ينبغي أن نبعث دعاة إلى آسيا-والبلدان الغربية كذلك- وإفريقيا فيختلف بعضهم مع بعض في أمور تفرق كلمة المسلمين وتضعفهم … المهم نريد نحن أن ندعو إلى الإسلام العام، إلى: (لا إله إلا الله محمد رسول الله) إلى الحد الأدنى من الإسلام … المهم أن أنقذ هذا الإنسان ليكون مسلما بأي طريقة كانت، حتى لو كان فيه شيء من البدع تغتفر في أول الأمر، وبعد ذلك ربنا سيهيء له من يهديه إلى الحق ومن يعرفه الصواب. طبعا لو استطعنا أن نعطيه الإسلام صافيا منقى يكون أولى، ولكن هذا هو الموجود في داخل العالم الإسلامي ولا بد أن ينضح على من يدخل الإسلام.



فنحن في حاجة-في الحقيقة-إلى توحيد الجبهة الإسلامية. ولن تستطيع الجبهة الإسلامية أن تبلغ دعوتها وترسل أشعة نورها إلى العالم، إلا إذا تفاهمت فيما بينها وتعاونت وكان بينها قدر من التسامح والمرونة، ووزعوا الأعباء فيما بينهم. أعتقد أننا في هذه الحالة نستطيع أن نصل إلى شيء، وإلا أكلنا الآخرون، لأن عندهم من الإمكانات ما ليس عندنا.



10-السائل: ألا ترون أن من أهم الثغرات في هذه الخلافات، وجود قادة لبعض الجماعات الإسلامية غير أكفاء، أو كونهم حريصين على الزعامات التي تحول بينهم وبين قيادة جماعاتهم إلى شيء من التفاهم والتنسيق مع قادة الجماعات الأخرى؟



الجواب: والله أنا لا أريد أن أتهم أحدا، لكن لا شك أن هناك قصورا نلمسه في كثير وعدد من الجماعات، سواء كان القصور من الناحية العقلية والعلمية وسعة الأفق الذي يستطيع الناس-وخاصة من كان في مستوى القيادة والمسئولية-أن يقدروا هذه الأمور ويقدروا أبعادها ويقدروا عواقبها، وينظروا إلى الأمر من جميع جوانبه. مشكلتنا أن كثيرا من هؤلاء ضيقو الأفق، ينظر إلى ما تحت قدميه، فيقف عند الأمور الجزئية ويثير الأمور الخلافية، ويقيم معارك جانبية، ويقيم الدنيا ولا يقعدها، من أجل أمور اختلف فيها السلف، ولم تحدث عندهم لا تفرقا ولا عداوة ولا كذا … فضيق الفكر أو ضيق الأفق وقلة الحصيلة من العلم [هنا كلمة غير مفهومة والسياق يقتضي أن تكون هكذا:] "يؤثر" على كثير من الناس الذين يوجهون الجماعات. ولو اطلعوا على أقوال علماء السلف واطلعوا على المدارس العلمية التي تفيد، وكيف كان يسع بعض العلماء السلف بعضا، لوجدوا أن الأمر فيه سعة. هذا من ناحية.



ومن ناحية أخرى -طبعا-هناك لا شك أن وراء هذا-للأسف-كثير من الأهواء تحكم الأنفس، لو خلت النفوس من الهوى، وأخلصت لله وحده، وتجردت للدعوة وللإسلام وباعت نفسها لله وجعلت نفسها سلما لله، يعني ليس لأحد فيه شركة، أعتقد أنه بهذا الإخلاص نستطيع أن نزيل الخلاف (المؤدي إلى الخصام والقطيعة والتفكك).









السابق

الفهرس

التالي


15218165

عداد الصفحات العام

2964

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م