﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(41)أثر تربية المجتمع- إعلان البراءة من الكفار

(41)أثر تربية المجتمع- إعلان البراءة من الكفار



ويجب على المسلمين - حتى يحققوا البراءة من أعدائهم - أن يعلنوا تلك البراءة منهم ومن عبادتهم وعاداتهم التي تخالف دين الله، حتى يعودوا إلى الله تعالى بالإيمان به؛ لأن في إعلان البراءة منهم قطعاً لطمعهم في مودة المسلمين لهم ومداهنتهم.كما أن في ذلك تربية وتوجيهاً لعامة المسلمين، ليسلكوا ذلك المسلك، ولا يغتروا بأعدائهم ويركنوا إليهم ولو كانوا أقرباءهم.



قال تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ(4)} [الممتحنة].



وقال تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمْ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمْ الْمُفْلِحُونَ(22)}[المجادلة].



فالمؤمنون حقاً أهل الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، هم حزب الله الذي لا يسعه إلا البراءة والعداوة لأعداء الله الذين يعادون المؤمنين ويتخذون كافة الوسائل لحربهم ولا يرقبون فيهم إلاً ولا ذمة، ولو كانوا من أقرب المقربين إليهم، وإلا فليسوا بمؤمنين بالله واليوم الآخر.{لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}.



ولا يكفي وجود ذلك في القلوب، بل لا بد من إعلان تلك العداوة بالقول وتصديقها بالعمل، هذا هو حكم الله الذي نصَّ عليه كتابه، وإن حاول بعض الناس اليوم تمييع هذه البراءة التي أمرنا الله فيها بالاقتداء بإبراهيم عليه السلام، وسبب هذا التمييع قوة أعداء الإسلام والمسلمين، وهجومهم عليهم، مع ضعفهم وتفرقهم.



وهذا الإعلان يعني المحاربين للمسلمين الذي يقاتلونهم ويخرجونهم من ديارهم ويظاهرون عليهم، ولا يعني معاملة غير المعتدين معاملة حسنة، ودعوتهم بالحكمة والموعظة الحسنة، لكن إعلان البراءة من كفرهم أمر يجب أن يكون حاسماً لا خيار فيه، إلا لضرورات قد تطرأ للمسلمين، ولكن الضرورة تقدر بقدرها، وتكون في إظهار ما يتقى به، ولا تلغي الإيمان الجازم بالبراءة من الكفر والكافرين



قال تعالى: {لا يَتَّخِذْ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ(28)}[آل عمران].



وفي قصة عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه ما يوضح ذلك تمام الإيضاح، قال تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(106)}[النحل].



الفرع السابع: عدم التشبه بهم فيما هو من خصائص دينهم:



ويجب على المسلمين أن يخالفوا الكافرين فلا يتشبهوا بهم، في كل ما هو من خصائص دينهم وأعيادهم التي يعظمونها، وعاداتهم التي يجعلونها من شعائرهم، ونحو ذلك مما علم أنه من الأمور التي لا تدخل تحت الإباحة في الدين الإسلامي. وقد ورد النهي عن التشبه بهم مطلقاً، كما ورد عن التشبه بهم في بعض أمور العبادات.



وإن الصراط المستقيم الذي أمرنا الله تعالى أن ندعوه ليهدينا سلوكه، وأن يجنبنا سبل من حاد عنه من أعدائه، ليقتضي وجوب مخالفة أهل الكفر والبعد عن مشابهتهم. قال تعالى: {اهْدِنَا

الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ(7)}
[الفاتحة].



والمغضوب عليهم هم الذين علموا الحق فتركوه واتبعوا الباطل كاليهود، وكل من شابههم، والضالون هم الذين عبدوا الله على جهل وضلال، ولم يبحثوا عن الهدى الذي جاء به الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، بل رفضوه كالنصارى ومن شابههم.



ولقد عُنِيَ شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله ببيان ما تجب فيه مخالفة الكافرين بالله من اليهود والنصارى والمشركين والمجوس وغيرهم، ووضح ما تكون به مشابهتهم فيه كفراً، وما تكون داخلة في الكبائر أو الذنوب التي دون ذلك، وما يكون مكروهاً، وما لا تكون فيه مشابهة مذمومة من الأمور العادية، كالبيع والشراء، ونحو ذلك.



بين ذلك في كتاب كبير عظيم الفائدة، ينبغي الاهتمام به لمن أراد اجتناب الوقوع في مشابهة غير المسلمين فيما يسخط الله، وما لا يدخل في ذلك، حتى لا يحكم على شيء أن فيه مشابهة مذمومة، أو لا مشابهة فيه، على غير بصيرة من شرع الله. ومما قاله في ذلك: "مشابهتهم فيما ليس من شرعنا قسمان:



أحدهما: العلم بأن هذا العمل هو من خصائص دينهم: فهذا العمل الذي هو من خصائص دينهم، إما أن يفعل لمجرد موافقتهم، وهو قليل، وإما لشهوة تتعلق بذلك العمل، وإما لشبهة فيه تخيل أنه نافع في الدنيا وفي الآخرة، وكل هذا لا شك في تحريمه، لكن يبلغ التحريم في بعضه إلى أن يكون من الكبائر، وقد يصير كفراً بحسب الأدلة الشرعية. وإما عمل لم يعلم الفاعل أنه من عملهم، فهو نوعان:



النوع الأول: ما كان في الأصل مأخوذاً عنهم، إما على الوجه الذي يفعلونه، وإما مع نوع تغيير، في الزمان أو المكان أو الفعل، ونحو ذلك، فهو غالباً ما يبتلى به العامة في الخميس الحقير والميلاد، ونحو ذلك، فإنهم قد نشأوا على اعتياد ذلك، وتلقاه الأبناء عن الآباء، وأكثرهم لا يعلمون مبدأ ذلك، فهذا يعرَّف صاحبه حكمه، فإن لم ينته وإلا صار من القسم الأول.



النوع الثاني: ما ليس في الأصل مأخوذاً عنهم، لكنهم يفعلونه أيضاً، فهذا ليس فيه محذور المشابهة، ولكن قد تفوت فيه منفعة المخالفة، فتوقف كراهة ذلك وتحريمه على دليل شرعي وراء كونه من مشابهتهم، إذ ليس كوننا تشبهنا بهم بأولى من كونهم تشبهوا بنا.



فأما استحباب تركه لمصلحة المخالفة، إذا لم يكن في تركه ضرر، فظاهر لما تقدم من المخالفة، وهذا قد توجب الشريعة مخالفتهم فيه، وقد توجب عليهم مخالفتنا، كما في الزي ونحوه، وقد يقتصر على الاستحباب، كما في صبغ اللحية والصلاة في النعلين، والسجود، وقد تبلغ إلى الكراهة، كما في تأخير المغرب والفطور، بخلاف مشابهتهم فيما كان مأخوذاً عنهم، فإن الأصل فيه التحريم، كما قدمناه" [اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم 222- 223].



قلت: إن الشيء المباح في الأصل، كاللباس الذي يلبسه الكفار بصفة عامة، مما هو عادة عندهم، ولم يقصد به التعبد، إذا لبسه المسلم حباً لمظهرهم ورغبة في محاكاتهم يدخل في المشابهة المذمومة؛ لأن حب محاكاتهم في المظهر قد يكون ذريعة لحب القوم وبعض أعمالهم الأخرى الخاصة بهم، فلا يليق بالمسلم أن يتعاطى ذلك على هذه الحال.



أما إذا لبس ذلك ونحوه ليس حباً في مشابهتهم، فلا شيء فيه ما لم يكن بصفة منهي عنها كاللباس الذي يصف العورة أو لا يسترها.



وإنما كانت مخالفتهم والبعد عن مشابهتهم من مظاهر البراء منهم، لما في المخالفة وعدم التشبه، من البعد عنهم والميل إليهم، إذ قد يكون ذلك سبباً في معاونتهم على تنفيذ مآربهم من الكيد للمسلمين والإضرار بهم، والمخالفة وعدم التشبه من أسباب كره كفرهم وعدم الاستجابة لخططهم ومكرهم بالمسلمين، وفي ذلك تأكيد لأمن المسلمين من غدر بعضهم ببعض بالتعاون مع عدوهم.



فالمقصود من ذلك كله المبالغة في عداوة الذين يظهرون عداوتهم للمسلمين، وعدم الركون إليهم، ولما كانت المشابهة في المظهر قد تكون ذريعة إلى المشابهة في المخبر، والمشابهة في المخبر قد تؤدي إلى التعاون معهم على الكيد للإسلام والمسلمين، وهذا ما يعانيه المسلمون اليوم من كثير من أبنائهم الذين فسقوا عن أمر الله، لما كان الأمر كذلك، وحب الحذر الشديد من المشابهة.






السابق

الفهرس

التالي


15320103

عداد الصفحات العام

47

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م