﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(063)السباق إلى العقول

(063)السباق إلى العقول


الوسيلة الثالثة عشرة: الرحلات والمخيمات.


أولا: الرحلات.


كثير من الناس يرغبون في ترك منازلهم أو بلدانهم والرحيل عنها لأهداف متنوعة، منها تغيير نمط حياتهم الذي ألفوه في غالب أوقاتهم وحصل لهم منه ملل وسآمة، فيحبون أن يمتعوا أنفسهم بالانطلاق من ذلك النمط، كالتدريس والدراسة للمدرس والدارس، والأعمال الإدارية للموظفين في مكاتبهم على تنوعها واختصاصاتها، والأعمال الهندسية كذلك، كالمهندس المعماري والمهندس الزراعي، والمهندس الكهربائي، وغيرها من الأعمال الكبيرة والصغيرة.



وهذه الرحلات قد تكون قصيرة كالإجازة الأسبوعية، وقد تكون متوسطة كإجازة نصف السنة، وقد تكون طويلة كالإجازة الصيفية، وقد لا يكون بعض الناس مقيدا بعمل معين في مكان معين ولكنه يحب أن يضرب في أرض الله الواسعة...



وأكثر الناس لا هدف لهم إلا التمتع العادي والاستجمام.



ومنها-أي أهداف الرحيل-الاطلاع على بعض المناطق أو البلدان والتعرف عليها جغرافيا، أو اجتماعيا ومعرفة عادات أهلها، وسلوكهم وحضارتهم، ونظمهم الإدارية، وحالتهم الاقتصادية وسلعهم المتوافرة، وغير ذلك من المعارف المتعلقة بأهل البلد، والناس يختلفون في الاهتمام بشيء مما ذكر أو أشياء.



ومنها التجارة ومعاملاتها، بيعا أو شراء أو ما يتعلق بهما.



ومنها طلب العلم-أي علم كان مما يرغب فيه الدارس-ومنها أداء وظيفة كُلِّفَها من قبل دولته، كالوظائف الدبلوماسية وما يتعلق بها، أو التدرب على أعمال خاصة في دورات محددة.



ومنها قضاء أوطار هابطة ومزاولة أعمال فاسدة، لا يستطيع المرء الحصول عليها بحرية كاملة في بلاده، كتناول المسكرات والمخدرات والولوغ في مستنقع الشهوات والفواحش، وغير ذلك من الأهداف المباحة أو المحرمة.



ولكن هناك أهدافا أخرى عليا يحرص عليها المؤمن التقي وبخاصة الراغب في هداية الناس بمنهج الله، ومن تلك الأهداف:



1-تقوية المسافر إيمانه بسياحته في الأرض ونظره في الكون وتأمله فيه وأخذ العبرة منه، سواء مشى على قدميه أم استقل دابة، أم صعد إلى السماء في طائرة، أم ركب سيارة أو قطارا، أم مخر عباب البحر في سفينة.



فهو عندما يسيح في الأرض يرى كل شئ في الكون كأنه جديد: البحار والأنهار، والغابات، والحيوانات، والسحاب والمطر والجبال، والكواكب، والبشر الذين تختلف ألوانهم ولغاتهم وعاداتهم وغير ذلك، كما أن في الاطلاع على آثار الماضين-صالحين أو طالحين-عبرة لمن اعتبر، فيزداد المعتبر باعتباره صلاحا، ويهرب من الاتصاف بفساد الفاسدين، قال تعالى: {أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ..}.[الأعراف 185] وقال تعالى: {قل انظروا ماذا في السماوات والأرض..}.[يونٍس 101] وقال تعالى: {فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحي الموتى

وهو على كل شئ قدير...}
.[الروم 50]



وقال تعالى: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون..}. [البقرة 164] وقال تعالى: {أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}. [الحج 46] وقال تعالى: {قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين}.[آل عمران 137]. إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة في هذه المعاني.



2-ومن الأهداف العليا للراحل والمسافر، الدعوة إلى الله وبيان الحق للناس والحث على قبوله، وبيان الباطل والحض على تركه والبعد عنه، فقد سن الله تعالى لملائكته الانتقال من مواطنهم في السماء، والهبوط منها إلى الأرض لتبليغ وحيه إلى رسله، وكذلك شرع لرسله عليهم السلام أن يرحلوا من أجل إبلاغ الحق إلى الناس في بلدان نائية وتوطين الحق وأهله فيها



كما سافر إبراهيم عليه السلام بزوجه هاجر إلى مكان البيت الحرام، وتركها هنال وولدت ابنه إسماعيل عليه، ثم بني بعد ذلك معه البيت، فكان ذلك نواة لانبثاق الرسالة الخاتمة بعد ذلك التي انطلقت من هناك.



وهكذا كان للرسول صَلى الله عليه وسلم، نصيب وافر في ذلك، حيث كان يؤم أسواق الناس ومخيماتهم بل وقراهم، مبلغا دعوة الله كما حصل له ذلك مع أهل الطائف، وهكذا هاجر هو وأصحابه إلى المدينة، حيث قامت دولة الإسلام، وقبل ذلك هاجر أصحابه إلى الحبشة، فرارا بدينهم ودعوةً إليه، وقد بذروا الإسلام في الحبشة التي استوطنها قبل غيرها من مدن الجزيرة العربية بما فيها المدينة المنورة، ولا زال المسلمون ينتشرون فيها إلى اليوم برغم كيد أعدائه له ولأهله، وهكذا انطلق الصحابة والتابعون فيما بعد بالحق إلى كل أنحاء الأرض المعروفة آنذاك، فارتفعت راية الإسلام ودولته في مشارق الأرض ومغاربها.



3-ومن الأهداف العليا للراحل: رفع راية الجهاد في سبيل الله، لتحطيم الحواجز التي توضع للصد عن سبيل الله والدعوة إليه، ولدفع عدوان أعداء الإسلام وتحصين الثغور منهم.

وقد بسطت القول في هذا في مجلدين كبيرين بعنوان: الجهاد في سبيل الله، حقيقته وغايته، وسيأتي توضيح كون الجهاد وسيلة من وسائل السباق إلى العقول، ليس لإكراه الناس على الدخول في الإسلام وإنما لفتح المجال لإبلاغ الحق وسماعه.



4-ومن الأهداف العليا للراحل، تفقد أحوال المسلمين، ومد يد العون لهم من ذوي اليسار والغنى، بإنشاء المساجد والمدارس والمراكز الإسلامية وغير ذلك مما يحتاج إليه المسلمون في كل مكان، ولا سيما الأقليات منهم في البلدان غير الإسلامية.



5-ومن أهم الرحلات المؤثرة في السباق إلى العقول بالحق، الرحلات العبادية، كرحلات الحج والعمرة من بلدان المسلمين القريبة والبعيدة، فإن أجواء هذه الرحلات مهيأة للأخذ والعطاء، صاحب الحق القادر على إبلاغه يعطي، ومرافقه المحتاج إلى سماع ذلك الحق يسمع ويأخذ.



6-هذا عدا الرحلات التي ينبغي أن ينظمها أهل الحق للشباب، لتحقيق إبلاغ الحق إلى عقولهم وإقناعهم به بالطرق والأساليب الممكنة المناسبة، سواء كانت رحلات استجمام أو رحلات صيد أو رحلات رياضية، أو غيرها.



إن هذه الأهداف وغيرها من الأهداف الحميدة النافعة، ينبغي أن تبين للمسلمين وأن يضعوها نصب أعينهم وهم يرحلون من بلادهم، وإذا تمكن القادرون على السباق بالحق إلى العقول من مرافقة الراحلين من إخوانهم وأبنائهم في أسفارهم، فعليهم أن يغتنموا الفرصة بتطبيق هذه الأهداف فيهم عملا.



تحصن الراحلين من الوقوع في منكرات



ولما كان الراحل معرضا للمغريات والشهوات والتعامل مع غير أهل بلده ممن لا يعرفونه، و قد يدفعه ذلك إلى عدم الاحتراز عن مقارفة بعض الخلال السيئة في غربته، بخلاف بلده الذي يعرفه فيه أهله وجيرانه ومجتمعه، ولهم أخلاق وعادات يلتزمون بها ويعدون الخروج عنها شاذا عن ضوابط حياتهم، ولما كان الشارع يريد منه الالتزام بضوابط الشريعة في سفره كحضره، ويزيد على ذلك الإكثار من فعل الخير بما في ذلك الدعوة إلى الله وهداية الضال بإبلاغ الحق إلى العقول.



فقد شرع الله له دعاء يلجأ به إليه عند سفره، ليحقق له به كل تلك الأهداف وغيرها من أعمال الخير، وهو يبدأ بهذه العبارة العظيمة التي تعتبر-مع كونها دعاء-توجيها للمسافر ليبني تصرفاته عليها: [اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى...] هذه الثلاثة التي يٍسأل الله المسافر في أول سفره، يجب أن يفكر فيها ويتذكرها باستمرار، وبراقب الله تعالى في التحصن بها، ليعود إلى بلده -إذا حققها في سفره- وهو مغتبط مسرور منشرح الصدر، بفوزه بما دعا الله تعالى أن يحققه له. وتأتي في أثنائه هذه العبارة الدالة على حرص المسافر على حفظ الله إياه حفظا يجعله هو وأهله ممن يلازمون البر والتقوى والعمل بما يرضي الله: [اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل...]





السابق

الفهرس

التالي


15251389

عداد الصفحات العام

183

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م