﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(09)الإسلام وضرورات الحياة - المبحث الرابع: وجوب الحكم بالإسلام

(09)الإسلام وضرورات الحياة - المبحث الرابع: وجوب الحكم بالإسلام



هل يمكن أن يكون الدين محفوظاً إذا لم يكن هو الحاكم؟!



نعم يكون الوحي محفوظاً كما وعد الله، وتكون معانيه محفوظة من التحريف؛ لأن الله قيَّض علماء الإسلام أن يبينوا للناس الحق من الباطل، ولكن ليس ذلك هو الحفظ المراد لله تعالى فقط، إن المراد بحفظ هذا الدين أن يؤدي الغاية منه في الأرض، أن يعبد الله وحده فيها ومن عبادته تعالى أن يحكم دينه تصرفات البشر، وأن يقضي لصاحب الحق بحقه ويرد على صاحب الباطل باطله.

ولكن أهل هذا الدين الذين تركوا العمل به - كما ترك اليهود والنصارى دينهم بترك العمل به وكتمان ما فيه الحق وتحريفه - لا يستحقون حفظ الله لهم من الذلة وإغراء العداوة بينهم، لأن الله تعالى إنما وعد من حفظ دينه بالحفظ، ويدل على ذلك كثير من آيات كتاب الله، مثل قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (3)} [الطلاق] وقوله جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)} [محمد] وقوله تعالى: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120)} [آل عمران]



وبين ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام، في حديث ابن عباس، رضي الله تعالى عنه، قال:

( كنتُ خَلْفَ رسول الله، عليه الصلاة والسلام، يوما ، فقال لي: يا غلام، إِني أُعَلِّمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تَجِدْهُ تُجاهَكَ، إِذا سألتَ فاسأل الله، وإِذا استعنتَ فاستَعِنْ بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إِلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إِلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفِعَتِ الأقلام، وجَفَّتِ الصُّحف) [أحمد في المسند، صحح إسناده أحمد شاكر، والترمذي، في السنن، وصححه، وحسنه ابن رجب في جامع العلوم والحكم]. ومعنى قوله: احفظ الله: احفظ دينه. وهو معنى نصر المؤمنين لله.



وهل الذين يحاربون حكم الله ويحاربون كتابه وسنة نبيه، ويستهزئون بمبادئ الإسلام وبالدعاة إليه للتنفير من دعوتهم إلى دينهم، يُعَدُّون من حافظي دين الله، أو من أعدائه الذين يسوؤهم إقامته في الأرض؟



إن الناس يعتدي بعضهم على بعض في هذه الضرورات التي لا حياة لهم بدونها، يعتدون على دينهم، ويعتدون على نسلهم وعرضهم ونسبهم، ويعتدون على عقلهم، ويعتدون على مالهم، ويعتدون على نفوسهم، وهذا ما نراه اليوم من العدوان على ضرورات المسلمين أنفسهم، إما من بعضهم على بعض وإما من عدوهم..



وليس هناك مبدأ من المبادئ الموجودة في الأرض قادر على حفظ هذه الضرورات حفظاً يكفل لهم الحياة السعيدة، إلا هذا الدين؛ لأنه من عند الله العالم بما يصلح أحوال الناس العادل الذي لا يخاف أحد من جهل يعتريه، كما لا يخاف من ظلم يتصف به.



فدين الله الذي هو أهم ضرورات حياة البشر، لا يتم حفظه إلا بالحكم به وتطبيق شريعته في الواقع.



لذلك نفي الله تعالى الإيمان عمن لم يُحكِّم مَن جاء بهذا الدين الذي أنزله الله تعالى عليه وهو رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم.



فقال تعالى: {فلا وَربِّكَ لا يؤمنونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَر بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا(65)} [النساء].



وأثبت تعالى صفة الكفر وصفة الظلم وصفة الفسق، لمن حكم بغير ما أنزل الله. فقال تعالى: {إنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيهَا هُدًى وَنُور يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالربَّانِيُّونَ وَالأَحْبَار بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ولا تَشْتَروا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرونَ(44)} [المائدة].



وقال: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنْفَ بِالأَنْفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُروحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ(45)} [المائدة]. {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة].



وجعل الحكم بغير هذا الدين منكراً من منكرات الجاهلية.ً كما قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)50)}[المائدة].



والذي يتتبع حياة البشر، يجد الواقع يشهد بأن الحكم بغير الدين الذي أنزله الله تعالى، يفسد تلك الحياة ويجعلها حياة ضيق وضنك لا تبقى ضرورة من ضروراتها سالمة من الاعتداء عليها ونقضها.



ومن هنا اهتم علماء الإسلام ببيان وظائف ولي الأمر الذي هو المسؤول الأول عن الحكم بالإسلام، وجعلوا على رأس وظائفه حفظ الدين. كما قال الماوردي، رحمه الله: "والذي يلزمه من الأمور عشرة: أحدها: حفظ الدين على أصوله المستقرة، وما أجمع عليه سلف الأمة، فإن نجم مبتدع أو زاغ ذو شبهة عنه أوضح له الحجة وبين له الصواب وأخذه بما يلزمه من الحقوق والحدود ليكون الدين محروساً من خلل والأمة ممنوعة من الزلل" [الأحكام السلطانية.].



وأوجبوا نصب خليفة للمسلمين من أجل أن يحكم بينهم بما أنزل الله، ليحمي تلك الضرورات من الفساد ويرفع راية هذا الدين.



قال الإمام أحمد شاه ولي الله الدهلوي، رحمه الله: "اعلم أنه يجب أن يكون في جماعة المسلمين خليفة، لمصالح لا تتم إلا بوجوده، وهى كثيرة جداً، يجمعها صنفان:



أحدهما: ما يرجع إلى سياسة المدينة، من ذب الجنود التي تغزوهم وتقهرهم وكف الظالم عن المظلوم، وفصل القضايا وغير ذلك.



وثانيهما: ما يرجع إلى الملة، وذلك أن تنويه دين الإسلام على سائر الأديان لا يتصور إلا أن يكون في المسلمين خليفة ينكر على من خرج من الملة وارتكب ما نصت على تحريمه، أو ترك ما نصت على افتراضه أشد الإنكار.



ويذل أهل سائر الأديان، ويأخذ منهم الجزية عن يد وهم صاغرون، وإلا كانوا متساوين في المرتبة، لا يظهر منهم رجحان إحدى الفرقتين على الأخرى، ولم يكن كابح يكبحهم عن عدوانهم.



والنبي عليه الصلاة والسلام جمع تلك الحاجات في أبواب أربعة: باب المظالم، وباب الحدود، وباب القضاء، وباب الجهاد" [حجة الله البالغة (2/735) وراجع أيضاً ص772 منه.].



وقول ولي الله الدهلوي رحمه الله: "ويذل أهل سائر الأديان" مراده أن يعلو دين الله تعالى الذي هو الدين الحق الذي لا يقبل من عباده دينا سواه ـ {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْر الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرةِ مِنْ الْخَاسِرينَ(85)} [آل عمران]. ـ أن يعلو على سائر الأديان، فيخضعون لنظامه العام، وتكون له الهيمنة على غيره، لتظهر لعامة الناس محاسنه، ويروا فيه ما يحببهم إليه ويجعلهم يؤمنون به، أو يحترمونه ويحترمون أهله.





قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرسَلَ رسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرهَ الْمُشْركُونَ(33)} [التوبة].



أما إذا ضعف المسلمون وقوي أهل الأديان الأخرى، الذين لا يزالون يحاربون الإسلام ويذلون أهله، فإن الناس يزهدون فيهم وفي دينهم، ولا يكون دين الإسلام محفوظاً كما أراد الله، وهذا أمر أثبته التاريخ والواقع، وهو ما نشاهده اليوم في الأرض التي طغى فيها اليهود والنصارى المتجبرون ودعمهم المنافقون من هذه الأمة، وأذلوا المسلمين الذين يجب أن يكونوا أعزة كما أراد الله تعالى لهم: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرسُولِهِ وَلِلْمؤمنينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ(8)} [المنافقون].





السابق

الفهرس

التالي


15218164

عداد الصفحات العام

2963

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م