﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(027) سافر معي في المشارق والمغارب

(027) سافر معي في المشارق والمغارب

اجتماع آخر مع الدكتور رشيدي:

الاثنين: 18/6/1410ﻫ ـ 15/1/1990م

هذا وقد ضاق بنا الوقت في الاجتماع السابق مع الدكتور محمد رشيدي، فطلبت منه اجتماعاً آخر، لأسجل عنه معلومات أخرى عن بلاده، لإلمامه الواسع بأحداثها، من عهد الاستعمار الهولندي ثم الياباني إلى عهد الاستقلال وتطورات أحداثه إلى اليوم، فاتفقنا على التاريخ المذكور أعلاه، وكان هذا الاجتماع في الساعة التاسعة صباحاً.

شرح المبادئ الخمسة (البانتشاسيلا):

بدأ الدكتور رشيدي يتحدث عن المبادئ الخمسة التي هي أساس الحكم في إندونيسيا، فقال: عندما وعدت اليابان إندونيسيا بالاستقلال، تكونت لجنة تحضيرية لوضع الدستور. واقترح الأستاذ عبد القهار أن تقوم الدولة على أساس إسلامي، وأيده الزعماء الإسلاميون، وكان الوطنيون (العلمانيون) لا يريدون حكومة إسلامية.

وصرح سوكارنو ـ وكان عضواً في اللجنة ـ بأنه لا يوافق على اقتراح عبدالقهار، لأن الحكومات في العصر الحديث قد تغيرت، ويعني هذا ضمناً، وإن لم يكن صراحةً، أن الإسلام غير صالح للتطبيق في هذا العصر، كما صرَّح بذلك كثير من أمثاله، فلا بد من تأسيس الحكومة على مبدأ الوطنية، وليس على دين سماوي، ولهذا دعا إلى إنشاء دولة وطنية تشمل جميع أجزاء إندونيسيا، وكان ذلك في أول يونيو من عام: 1945م. [هكذا يصف العلمانيون أنفسهم بـ"الوطنية في مواجهة الإسلاميين الذين هم أحرص على مصالح وطنهم من غيرهم. ووطنية من يسمون أنفسهم، بالعلمانيين، أو اللبراليين، وطنية مستعارة ممن استعمروهم فأفسدوا عقولهم، حتى أشربت عقولهم، بتطبيق مناهج المستعمرين، والمستشرقين الذين درسوهم وربوهم، على محاربة تطبيق شرع الله، الذي هو أساس عقيدة الشعوب الإسلامية التي لا عز لها إلا بتطبيق ما أنزل الله على رسولهم ليربيهم عليه ويزكيهم به، يه "]


الأسس التي تبنى عليها الدولة بدلا من أركان الإسلام

وكان الاقتراح العلماني بناء الدولة على الأسس الآتية:
الأساس الأول: الألوهية (الربانية المتفردة).
الأساس الثاني: الإنسانية العادلة المتمدنة.
الأساس الثالث: إندونيسيا المتحدة.
الأساس الرابع: الشعبية الحكيمة (عن طريق مشورة وتوكيل شعبي).
الأساس الخامس: العدالة الاجتماعية (لجميع شعب إندونيسيا).

و"بانتش" تعني خمسة، و"سيلا" تعني مبادئ، وهي لغة سنسكريتية، موجودة في الهند، ولكن معانيها تختلف عن هذه المعاني. وكان سوكارنو ذكر أساس "الألوهية المتفردة" خامساً في الترتيب، وبعد مناقشات صار ترتيبها الأول. والإنسانية المتمدنة تعني إبعاد العقوبات الواردة في الشريعة الإسلامية، لأنها تخالف التمدن في زعمهم. ومعنى "الشعبية": ديمقراطية بالانتخاب.

وقد أُقِرَّت هذه المبادئ عندما هدد المسيحيون في إندونيسيا الشرقية بالانفصال، إذا قامت الدولة على أساس الإسلام، وأصر الدكتور"حتى" الذي أصبح نائباً لرئيس الجمهورية على إقرار هذه المبادئ، وقال: إن الدستور ـ فيما بعد ـ سيشرح هذه المبادئ، وهو يعني أنه يمكن بعد ذلك تطبيق الإسلام، وقال: نحن مختلفون، ولكننا متفقون: مختلفون في العادات واللغات والعقائد، ولكننا متفقون على العيش في دولة واحدة مستقلة. وسكت الإسلاميون مؤقتاً عن ذكر الدين والعقيدة والشريعة.

وكانت المادة (29) من الدستور تنص على أن الدولة تؤسس على الألوهية المتفردة، ولجميع أهل الأديان الحرية التامة. وتجوهل ذكر الإسلام في الدستور، وأحجم الإسلاميون عن المشاركة في الحرب ضد المستعمر، فأنشأ سوكارنو وزارة الشؤون الدينية، وبدأ الإسلاميون يؤيدون الحكومة [هكذا يُلبس العلمانيون على الإسلاميين في كل البلدان الإسلامية، حتى يخدعوهم ويخدروهم!]. وأصبحت كل طائفة من أهل الأديان تفسر مبادئ (البانتشاسيلا) بحسب فهمها لدينها.

ولا زال المثقفون من المسلمين يقولون: إن الدولة أسست على الألوهية المتفردة مغترين بلفظ مبهم، والحقيقة أن الدولة لم تؤسس على ألوهية إسلامية، بل على ألوهية مطاطة قصد بها الخداع، بدليل أن الدولة حاربت كل من دعا إلى إقامتها على أساس الإسلام.

وقد أكره بعد ذلك سوهارتو المسلمين وغيرهم على الاعتراف بأن تكون (البانتشاسيلا) هي الأساس الوحيد للدولة كلها، وأن يرفع شعارها على جميع المؤسسات، بما فيها المؤسسات الإسلامية. وسوهارتو يوافق ـ في الظاهر ـ المسلمين، فيصلي معهم العيدين، ويحييهم بتحية الإسلام، ولكنه في السر يؤيد الباطنية.

وأرادت الحكومة أن تجعل عيد الميلاد عيداً وطنيا لكل الإندونيسيين، بما فيهم المسلمون، ولكن المسلمين لم يرضوا بذلك، وصممت الحكومة على ذلك حيث قالت: لا بد من الاحتفال بعيد الميلاد احتفالاً مشتركاً، وهي في الظاهر تريد أن يشترك فيه الكاثوليك والبروتستانت، ولكن المسيحيين أرادوا أن يشمل ذلك المسلمين، وكادت أن تحدث أزمة بسبب ذلك قبل عشر سنوات، ولم يُلزَم المسيحيون الاحتفال بعيدي الفطر والأضحى.

ويوم الجمعة يوم عمل، بخلاف يوم الأحد وجزء من يوم السبت. وفي جعل يوم الجمعة يوم عمل، مصلحة للمسلمين، وإن لم تقصد ذلك الدولة، لأن المسلمين في المدارس والوزارات الحكومية يصلون الجمعة.

والمسلمون ينكرون بقلوبهم قرار سوهارتو جعل البانتشاسيلا أساساً لحياة الدولة والشعب، ولكنهم لا يقدرون على المجابهة، لأن الجيش له وظيفتان: الأولى: الدفاع عن البلد، والثانية الاشتراك في الحكم، ويرجعون السبب في اشتراك الجيش في الحكم أنه هو الذي كون البلاد وقواها، بخلاف البلدان الأخرى فإن الشعوب هي التي كونت البلاد. ولم يكن سوكارنو شديداً في إكراه الناس على جعلهم أساس حياتهم هذه المبادئ [يكفيه أنه سنَّها وقنَّنَها]. أما سوهارتو فهو بالعكس، فقد كانت بعض الجمعيات الإسلامية تصرح بأنها تريد تنظيم حياتها وحياة أتباعها على مبادئ الإسلام، فألزمهم سوهارتو أن ينصوا في قوانينهم ومناهجهم أن هدفهم بناء الحياة على المبادئ الخمسة.

رموز العَلَم الإندونيسي:

وسألت الدكتور رشيدي عن معاني رموز العَلَمْ الإندونيسي؟ فقال: إنه يكره ذلك، ولهذا لم يهتم به، قال: ولو امتحنوني عنه في المدرسة الابتدائية لسقطت في الامتحانات، وقال: إنهم عندما وضعوا هذه الأشياء في العلم كان هو في الخارج، وعندما رجع أرادوا إعطاءه نيشاناً بعد أن يمتحنوه في هذه المعاني فقال لهم: إما أن تعطوني بدون امتحان، أو تمتحنوني وأحرم منه، فأعطوه بدون امتحان.

التنصير في إندونيسيا:

قال رشيدي: والتنصير لا زال على أشده، وهو الآن أشد من أيام الاستعمار الهولندي، فقد كانت هولندا تخاف من الشعب لأنه يؤمن بالإسلام، وأما الآن فإنه يُعيَّن كبار المسيحيين في الوزارات والوظائف الأخرى وكذلك في الجيش فـ"بني مردانة" جنرال من جاوة الوسطى وهو نصراني ووزير دفاع، وقد قَتَل في ليلة واحدة 442 من المسلمين، وكانوا راجعين من أحد الجوامع بعد استماعهم لدرس ديني، وسمعوا أن بعض المسلمين اعتقلتهم الحكومة، فذهبوا إلى مركز من مراكز البوليس يسألون عن سبب ذلك، وكان مردانة يعرف ذلك فأمر بقتلهم، وكان ذلك مقدمة لإكراه الناس على الخضوع لمبادئ "البانتشاسيلا" لأن هذه المقتلة أرعبت الناس وكان هذا قبل عدة سنوات. ومعنى هذا أن الحكومة مكنت النصارى وهم استغلوا ذلك لإذلال المسلمين، ووزير المالية نصراني وكذلك وزير التنسيق.

ومن الأمثلة على تمكنهم واستغلالهم مناصبهم أن باخرة تفرغ حمولتها في صناديق مقفلة وتبعث إلى جاوة الوسطى، بدون أن تطلع الجمارك على ما فيها، وتحاول فتحها فتمنع بأمر من وزير المالية، وكثير من الأموال والآلات وغيرها تأتي من الخارج للنصارى، ولا يعلم المسلمون عنها شيئاً. وللحكومة جامعات، وللمسيحيين جامعات، وجامعاتهم أحسن من جامعات الحكومة، وعندهم أساتذة من الخارج من الدول الأوروبية وأمريكا.

ويوجد أكثر من مائتي قسيس (جوزيف) أي يسوعيون، وهم من جنسيات مختلفة، وكثير منهم أخذوا الجنسية الإندونيسية. والمدارس المسيحية تكره الطلاب غير النصارى على التعليم المسيحي، ولو كانوا مسلمين، ويكتب ولي أمر الطالب تعهداً بأنه موافق على تعليم ولده الأخلاق، فيطبقون ذلك على تعليمه الدين النصراني. وكانت توجد ممالك في جاوة الوسطى، وعندما ذهب الهولنديون بقيت أشكال الممالك يحرسها ويحرس قصورها المنصرون ويدخلون في أوساط أمرائها. والتنصير في جاوة أسهل منه في الجزر الإندونيسية الأخرى، وهي أقرب إلى الدين المسيحي من حيث الغلو في الأشخاص.

ولهذا جاء البابا قبل ثلاثة أشهر وأقيمت له حفلات كبيرة في سومطرة وجاوة، وجاكرتا وإندونيسيا الشرقية، وكانت الأموال تجمع للاحتفال به عن طريق حرم الرئيس سوهارتو، وكانت في الأصل مسلمة، ولكنها عندما درست في المدارس الكاثوليكية أصبحت منهم، وعندما تزوجها سوهارتو أعلنت إسلامها.
والآن عندما جاء البابا ظهر للناس أنها ما زالت كاثوليكية. والمفروض أن المسلمين كلهم، وبخاصة الزعماء الدينيين يكونون ضد التنصير، ولكن الواقع غير ذلك، فهم قسمان: قسم يأتمر بأمر الحكومة، وقسم لهم آراء سياسية ويحرمون من رعاية الحكومة وتكون ضدهم.

فالجمعية المحمدية، والدكتور محمد ناصر الذي يتزعم المجلس الأعلى الإندونيسي الأعلى للدعوة الإسلامية، هم ضد التنصير ولهم نفوذ كبير. وجمعية نهضة العلماء، ومركزها في جاوة الشرقية، أعضاءها جهال ويأتمرون بأوامر الحكومة، وطاعة أتباع نهضة العلماء عمياء، ولهذا ينفذون أي أمر يصدر من زعمائهم، ويأخذ هؤلاء الزعماء شيئاً قليلاً من حطام الدنيا والجهل يسيطر عليهم. ولهذا فإن نهضة العلماء لا تقف ضد التنصير. [قد لا يكون هذا هو موقف جميع الأعضاء]. بل هم يحضرون حفلات النصارى، ويفتخرون بأنهم مسالمون.
ويوجد النشاط التنصيري كثيراً في أماكن الهجرة، فقد امتلأت جاوة بالسكان، ولهذا تُهَجِّر الحكومة بعض سكانها إلى سومطرة وكلمنتن وغيرهما من الجزر الإندونيسية، وهناك ينشط النصارى لتنصير هؤلاء المهجرين، ومع ذلك فإن كثيراً من أبناء تلك الجزر يهاجرون إلى جاوة لما فيها من التسهيلات والرفاهية (نسبياً). ومن أساليب المنصرين تظاهر بعضهم أنهم مسلمون، وبعد أن يثق فيهم المسلمون يكشفون عن أقنعتهم.

وهل يكثر عدد المسلمين الداخلين في النصرانية؟

ليس المهم العدد، وإنما المهم التعليم فالذي يتعلم ويتنصر هو الخطر، وهذه سياسة الحكومة، فوزير الشؤون الدينية يقول: لا خطر من التنصير في إندونيسيا، وهو مثال لما يسمى بالتسامح الديني، وهذا الوزير هو أجرأ الوزراء على إدخال السياسة الخبيثة على المسلمين، وهو يسخر من المسلمين ويقول: "في القرآن، للذكر مثل حظ الأنثيين، مع أن المرأة في بعض المناطق في إندونيسيا تعمل بجد في الحياة الاقتصادية وزوجها يخدم في البيت ويقود بها السيارة، فهل مثل هذا الرجل الذي تقوم زوجته بهذه الأعمال يستحق أن يحصل على هذا الحكم؟" ويقول الوزير: إن الوقت يختلف والقرآن يجب أن يفسر حسب الوقت.
وصرح الوزير بأن الحجاب غير مطلوب وأن زوجته لا تستعمل الحجاب.

ومجلس النواب موجود صورةً، لا مضموناً؛ لأن أعضاءه يخافون على فقد مراكزهم ولهذا يؤيدون الحكومة في كل شيء. والمسلمون الحمر موجودون في جاوة، وأكثرهم لا يفهمون القرآن وإنما يحفظون سوراً قصاراً، ويلبسون ألبسة تختلف عن ألبسة المسلمين الآخرين، ولا يحافظون على شعائر الإسلام، وهم الآن قليلون جداً وكانوا من قبل أكثر عدداً.

والمسلم الأبيض أغلب ويسمى (سنتري) أي ملتزم. وينشر في الجرائد أن المسلمين الحمر قد ينقلبون إلى باطنيين، وهم يطالبون بسجلات خاصة بزواجهم ومقابرهم، وتدعمهم الدول الغربية. وإندونيسيا تحتاج إلى مساعدات من (ICCI) وهي منظمة خاصة بمساعدة إندونيسيا.






السابق

الفهرس

التالي


15251588

عداد الصفحات العام

382

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م