﴿۞ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ ۝٥١ فَتَرَى ٱلَّذِینَ فِی قُلُوبِهِم مَّرَضࣱ یُسَـٰرِعُونَ فِیهِمۡ یَقُولُونَ نَخۡشَىٰۤ أَن تُصِیبَنَا دَاۤىِٕرَةࣱۚ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن یَأۡتِیَ بِٱلۡفَتۡحِ أَوۡ أَمۡرࣲ مِّنۡ عِندِهِۦ فَیُصۡبِحُوا۟ عَلَىٰ مَاۤ أَسَرُّوا۟ فِیۤ أَنفُسِهِمۡ نَـٰدِمِینَ ۝٥٢ وَیَقُولُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَهَـٰۤؤُلَاۤءِ ٱلَّذِینَ أَقۡسَمُوا۟ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَیۡمَـٰنِهِمۡ إِنَّهُمۡ لَمَعَكُمۡۚ حَبِطَتۡ أَعۡمَـٰلُهُمۡ فَأَصۡبَحُوا۟ خَـٰسِرِینَ ۝٥٣﴾ [المائدة ٥١-٥٣]
(67) سافر معي في المشارق والمغارب :: 66- سافر معي في المشارق والمغارب :: (34) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (033) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف. :: (067) سافر معي في المشارق والمغارب :: (066) سافر معي في المشارق والمغارب :: (031) دور المسجد في تربية الأحداث ووقايتهم من الانحراف :: (065) سافر معي في المشارق والمغارب :: (030) دور المسجد في التربية وعلاج انحراف الأحداث :: :: :: :: :: :: :: :: :: ::
   
جملة البحث



السابق

الفهرس

التالي


(034)سافر معي في المشارق والمغارب

(034)سافر معي في المشارق والمغارب

زيارة دار العلوم العربية الإسلامية:

عند رجوعنا من زيارة المؤسسة الإسلامية مررنا بدار العلوم العربية الإسلامية، وهي تقع بين برمنجهام ولستر. مدير الدار هو: الشيخ يوسف بن سليمان بن قاسم مطارة. ولد في قرية ناني نَرُوليسورت كجرات في جنوب الهند، بتاريخ 1366ﻫ. تلقى الدراسة المتوسطة في كجرات، ثم التحق بجامعة مظاهر العلوم في سهارن فور. ومن مشايخه الشيخ محمد زكريا، الذي قرأ عليه صحيح البخاري.

ثم سافر سنة: 1968م من الهند إلى بريطانيا للزواج من إحدى قريباته، وبقي في بريطانيا من تلك السنة بأمر من شيخه المذكور، ليقوم بتأسيس الجامعة، مع أنه كان لا يرغب في البقاء في الغرب لكثرة المفاسد.
وفي خلال خمس سنوات تمكن من شراء المستشفى الذي أنشئت على أرضه الجامعة سنة 1972م بمائة وثمانية آلاف جنيه إسترليني، دفعت السعودية ثلث هذا المبلغ (40 ألف جنيه) والباقي تبرع به بعض أهل الخير، وعندما بدأنا إنشاء مباني جديدة تبرع الملك فهد بريع مليون جنيه إسترليني.

عدد طلاب الجامعة: 360طالباً 95% منهم من المقيمين في بريطانيا، وهم ثلاثة أقسام: ثلثهم لا يدفعون شيئاً، وثلثهم يدفع كل منهم 600جنيه في السنة، وثلثهم يدفع كل منهم 1200جنيه في السنة، وكلهم يسكنون في داخل الجامعة. عدد الأساتذة الآن: 40 أستاذاً، وكلهم رجال، ويوجد مسلم إنجليزي، أسلم منذ 15سنة.

وتوجد جامعة الإمام محمد ذكريا للبنات في (بريد فورد) وعددهن: 210طالبة، وعدد المعلمات 15 معلمة، و(مدينة العلوم للبنين) في برمنجهام، وعددهم: 140طالباً، وعدد المعلمين 12 معلماً.
والتعليم نوعان: إسلامي وعصري يجمع بين موادهما يومياً.. عدد الطالبات اللاتي تخرجن: 45 طالبة.
والشيخ زكريا ولد في كاندلة يوبي في شمال الهند سنة 1315ﻫ وتلقى تعليمه في الهند في جامعة مظاهر العلوم، ثم قام بالتدريس فيها، إلى أن هاجر إلى المدينة سنة 1970م، ومنح الجنسية السعودية، وتوفي بالمدينة سنة 1403ﻫ ، وهو ولد أخي محمد إلياس مؤسس جماعة التبليغ الذي كان يستشيره ـ أي يستشير ابن أخيه ـ.

وللشيخ زكريا مائة كتاب أغلبها في الحديث، منها: لامع الدراري على جامع البخاري، والكوكب الدري على جامع الترمذي، والفيض السمائي على سنن النسائي، وساعد شيخه في تأليف بذل المجهود في شرح سنن أبي داود، وله أوجز المسالك إلى موطأ الإمام مالك وكلها باللغة العربية وقد تم طبعها.

الاثنين 7/2/1414ﻫ 26/7/1993م

كانت محاضرة اليوم بعنوان: العبادة: معناها، شمولها، أثرها في حياة الفرد والأسرة والدولة.
الخلافة التي كلف الله سبحانه آدم عليه السلام، وذريته القيام بها. نصيب الأمة الإسلامية اليوم منها.

حوار مع الأخ عبد الشكور بن أبي بكر البريطاني المسلم: وكان المترجم الأخ عدنان بن سيف من اليمن، يقيم في مدينة برمنجهام.


المسلم البريطاني عبد الشكور بن أبي بكر

س: يا أخ عبد الشكور نريد أن تعطينا نبذة مختصرة عن حياتك، من حيث العمر، والحالة الاجتماعية، والوظائف التي شغلتها، والمستوى التعليمي...؟ ج: عمري ثلاثون سنة، ولدت سنة 1961م، متزوج امرأة ماليزية، أقوم بالتدريس في مدارس حكومية، ومن ضمن المواد التي أُدَرِّسها: اللغة الإنجليزية لغير الناطقين بها، وقمت بالتدريس في دبي ثلاث سنوات، بالمدارس الابتدائية، درَّست مادة الرياضيات وغيرها.
أما عن دراستي فكانت في جامعة برمنجهام، وكان التخصص في التربية والتعليم مستوى (بكالوريوس) .



س: ما ديانتك السابقة قبل دخولك الإسلام؟

ج: الديانة هي النصرانية، ولكنا لم نكن ملتزمين بالدين، وأذكر أننا ذهبنا إلى الكنيسة مرة واحدة، وكان
عمري في حدود عشر سنوات أو اثنتي عشرة سنة، ولم أذهب بعد ذلك إلى الكنيسة أبداً.س: ما السبب في عدم التزامك بالديانة النصرانية؟ ج: لأن أبي كان يقول لنا: لا نصدق ولا نؤمن بهذا الدين، فإذا كان أبي لا يؤمن ولا يصدق، فأنا كذلك لا أومن ولا أصدق. [فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه].

س: ألا يوجد سبب غير هذا؟ ولماذا كان أبوك لا يؤمن بالدين النصراني؟ ج: في ذلك الوقت لم يكن عندي سبب غير هذا، بالإضافة إلى أن الناس الذين يذهبون إلى الكنيسة، لم يكونوا يذهبون لممارسة الشعائر الدينية، وإنما يذهبون للمباهاة والمماراة، وكانت أعمالهم تناقض أقوالهم، يقولون شيئاً ويفعلون غيره.

س: بعد أن كبرت هل فكرت أن الكنيسة يمكن أن تكون طيبة، ويمكن الاستفادة منها؟ ج: كنا ندرس عن عيسى u، وعن الإنجيل أشياء لا تكاد تصدق، ولا ينبغي أن تنطلي على من يتمتع بشيء من الذكاء، وكنت أشعر بأنني أعرف أحسن من هذا، هذا شيء، والشيء الثاني أن الملتزمين بالنصرانية ليس لهم دور في الحياة، أعني أنهم منعزلون.

س: هل وجدتَ في النصرانية بعض العقائد أو الأشياء التي لا يقبلها عقلك؟ ومثل ماذا؟ ج: لم أفكر في هذا إلا بعد الإسلام، أما قبله فلا، لأنا كنا في مرحلة الشباب مشغولين في الدنيا بما يهتم من أجله الشباب.

س: هل كنت تحس في نفسك أنك تحتاج إلى دين؟ ج: لما دخلت الكلية، بدأت أفكر في الأسئلة الكبيرة، وبأن هناك شيئاً غائباً عني لا أدري ما هو؟ وكان في ذهني أني لا أريد أن أكون مثل من حولي، بل كنت أريد أن أكون شيئا آخر، وما أدري ما هو؟ وكنت أبحث ولكن لا أدري أنني أبحث ولا أدري عما أبحث.. عن معنى الحياة، أو عن الحقيقة، أو عن الحرية؟ عن شيء عميق، لا أدري!! وكنت أحب الجري، أجري من مدينة إلى أخرى، وكنت أحب البادية، فلما رجعت وجدت أهلي يجلسون على ما كانوا أمام التلفاز، ولم يفعلوا شيئاً، وأفكر ولكن لم يكن عندي دليل أو كتاب غيره يهديني.



س: في أي وقت من عمرك عرفت شيئاً يسمى الإسلام؟ ج: عندما كان عمري ست عشرة سنة ـ أثناء الدراسة ـ عرفت أناساً من الهند.. ولكن لم أكن أفرق بين المسلمين والهندوس، بل أعتبر الجميع أجانب عني، لا شيء عندهم أستفيد منه. س: هل سمعت شيئاً عن الإسلام من الإنجليز، سواء في الصحافة أو الإذاعة أو من قبل المستشرقين؟
ج: كان لي زميل يبحث مثلي، وكان شيوعياً، سافر إلى تركيا، وأعجبه الوضع، وكتب إليَّ يصفهم ـ يعني الأتراك ـ بأنهم أناس طيبون، فيهم نبل وراحة نفسية وكرم، بينما الأوربيون يملكون الطائرات، وعندهم النساء، ولكنهم بؤساء.. ثم إنه أسلم، وعندما جاء ذهبت مع بعض الأصدقاء إليه، وصرنا نضحك عليه: هذا الذي كان شيوعياً أصبح مسلماً، وغداً ما ذا سيكون؟! وأثناء ذلك وجدتُ جماعة من المسلمين البريطانيين، وكان صاحبي هذا يراسلني، ويشرح لي عن الله سبحانه، وعن الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن الإسلام، ولكني لم أُوَفَّق للاستجابة لذلك، إلى أن دخلت الكلية، وعندئذ وجدت أحد الطلاب المسلمين ـ وإن لم يكن يصلي ـ كان يتمتع بأخلاق عجيبة، ذلك أنه كان يشاركني في طعامه، وشعرتُ بأني لم أكن أنا كريماً، بل (طماعاً)

وفي يوم من الأيام كنت أقرأ كتاباً عن الهندوسية، قال لي ذلك الطالب المسلم: القرآن أحسن من هذا. فقلت: لماذا؟ قال: بس ـ يعني بدون تعليل ـ وكان يسألني: هل يجوز أن يأخذ صديقة؟ فقلت: نعم، وماذا فيه؟ وكان يفعل، ولكنه يشعر بالذنب، كان يعيش بين الكفر والإسلام (ممكن) [يقصد أن تصرفاته شبيهة بتصرفات الكفار، لأنه لم يلتزم بدينه، وفي نفس الوقت يظهر شيئاً من الولاء للإسلام، بدليل أنه دله على أن القرآن أحسن له من الهندوسية].

ولكن في نفس الوقت استفدتُ منه، وهو بريطاني، ثم ذهبت أنا وصديقي إلى نورك، وكان ذلك أول مرة ألتقي المسلمين وأتحدث معهم ويتحدثون معي، وصدَّقتهم فيما قالوا، ورأيتهم يصلون ويذكرون الله، ويأكلون معي ويأكل بعضهم مع بعض، ويجلسون على الأرض، فأحببتُ ذلك، ولكن نفسي ما أرادت [يعني لم تطعه نفسه في أن يدخل في الإسلام، برغم إعجابه بالمسلمين وحبه لعملهم].

ولكن بدأ الصراع في نفسي، وقبل أن أغادر المدينة شعرت بشيء في نفسي، وأتذكر حالهم ـ المسلمين ـ، وقد كنت أميل بطبعي إلى الأمور البسيطة، وأحببت فيما أحببت الأذان، ثم مشيت مع مسلم بريطاني، وتحدثنا عن الإسلام ما يقرب من ساعتين، ووجدت نفسي تغيرت، فهذه أشياء جديدة، ولما رجعت كنت أفكر في هذا، ومنذ تلك السنة تحدثت مع زملائي في الجامعة، وقررت أن أبحث أكثر عن الإسلام، لكن نفسي حدثتني أن أتريث حتى أكمل الدراسة... بعد هذه السنة حدثت عدة أمور غيرت تفكيري: من هذه الأشياء رؤيا رأيتها في المنام، رأيت أنني أقوم بزيارة صديقي الذي كان يريدني أن أحضر عرسه في نورك وعند قيامي بالزيارة المنامية، لم أر صديقي، ولكن رأيت أمير الجماعة الذي أخبرني بأن صديقي غير موجود، ولكنه في نفس الوقت احتضنني، فرأيت نفسي أبكي في المنام، وكان هذا الأمير هو الذي أسلمت على يده.

وبعدها رأيت رؤًى كثيرة، تفيد مجموعها على أنه لا بد من الاتجاه نحو الإسلام، وخلال تلك السنة كنت أبحث وأسأل كثيراً وأناقش، وممن ناقشتهم شخص اسمه عطا الله وهو مسلم، وكنت أناقشهم وأرغبهم في الإسلام، وقلت في نفسي: كيف ترغب الناس في الإسلام وأنت لم تتخذ الموقف الإيجابي؟ فلا بد أن تسلم ثم تدعو الناس إلى الإسلام، وأنا في تلك الحال كنت أشعر أنني مشرف على مسبح من على خشبة مرتفعة، أريد القفز وأتردد، أي كان الإسلام هو المسبح.

س: ما الشيء الذي جعلك تتردد؟ ج: إنما هي التبعات، ودخول الإسلام يستدعي جهاداً، بما تعني هذه الكلمة، فتبعات الإسلام تقريباً هي التي كانت السبب في ترددي، وكانت وسوسة من الشيطان، وإلا فإن ذلك الشعور كان كالسراب زال بمجرد دخولي الإسلام. وفي هذه الفترة بدأت الأمور تضيق علي، والمشاكل تحيط بي، منها الوحدة التي كانت تلازمني من قبل وأنا أعاني من تلك الظروف. دعاني الأخ حسن، وكان حاله أحسن، فهو يملك سيارة ومتزوج وحاله حسن، مع أن دخله متواضع، كان يبيع عطورات.

س: هل كان مثل هذا قبل أن تسلم ؟ ج: نعم، وكان لقائي بالأخ حسن عبارة عن نسمة هواء، شدت من أزري، وخلال زيارتي ولقائي به عزمني إلى مطعم وقال لي: هنا مطعم صاحبه مسلم، جَرِّبْ، وبالنسبة لي ما كنت أهتم بكونه مطعماً إسلامياً أم لا، فقال لي: كل إنه حلال، ثم أعطاني بعض النقود ومن الطِّيب الذي كان عنده، وبعد ذلك قلت له: لماذا لم تقرأ قرآناً، أو لماذا لم تسمعني شيئاً من القرآن؟ فأنا أريد أن أسمع. وتلا بعض الآيات لا أذكرها بالضبط، لكن كان معناها: من أخذ بهذا القرآن يدخل الجنة، ومن أدار ظهره عنه يدخل النار، هذه الآيات بقيت توقظني بعد ذلك، وأضحى خيار عدم الدخول في الإسلام خياراً صعباً، إنه الخيار الموصل إلى النار، ومن يقوى على النار؟!

وبعد ذلك بعث لي صديقي كتباً، وكنت أعاني من اكتئاب، فتركت المحاضرات في الكلية ورجعت إلى المنزل، وبدأت أتصفح الكتب، وسألت ربي أن يريني آية أو علامة، أو يهديني، وبينما أنا أريد أن أقرأ في الكتب إذا بالهاتف يرن، فرفعت السماعة، فإذا هو الأخ حسن يقول: إنه قد استأذن لي من الأمير (يقصد أميرهم الذي يوجههم في الشؤون الإسلامية) في الزيارة، إن كنتُ موافقاً، فشعرت بالارتياح وقلت: هذا ما كنت أريده ـ هداية الله ـ.

ونسيت أن أذكر أنه قبل يوم أو يومين وأنا في حالة من حالاتي ـ حالات الشباب ـ مع المخدرات، بدأت أذكر الذكر الذي كان المسلمون يتحلقون عليه، وبدأت أميز بين الضار والنافع، وانتابني شعور وألم وندم وعزم، على أن أذهب وأتخلص من المخدرات، وفعلاً رميتها إلى الحمام وأردت أن أذهب في هذا الوقت لكني كنت على الحالة التي ذكرت، فلم أستطع أن أسوق السيارة، وقررت ألاّ أسافر إلا الصبح.

وبدأت أتحدث إلى زملائي في السكن بأن الحقائق أضحت واضحة لدي، وأنني أفهم ما يقوله العلماء، وبدأت أشعر في الصباح بزوال تلك الحال، وذكرت الدعاء، واتصلت بصاحبي وأخبرته بأني قادم إليهم، ثم أخذت ما استطعت من الغرفة وودعت الكلية، ولا أنسى أن أذكر أن صاحبي سافر إلى مدينة أخرى، وحينما استقليت الباص (الحافلة) شعرت أنني في رحلة غير عادية، ولما وصلت ما كنت أعرف البيت بالضبط، فكنت أنظر من ثقب البريد ـ المكان الذي يضع مراسلو البريد من خلاله الرسائل ـ وعلمت البيت بسبب تجمع كان فيه، من خلال تجمع الأحذية بكثرة، فلما رأيت مكوَّم الأحذية عرفت أن هؤلاء هم المسلمون.

ولقد كانت رحلة صعبة تلك التي بدأتها، إنه خروج عن المألوف، انتقلت إلى شيء آخر غير ما كنت أعهده: مرحلة التسيب والفوضى، أنام متى أريد، وأصحو متى ما أشاء، ومكثت ثلاثة أيام لا أتكلم بشيء، فقط كنت أسمع لا غير، كنت أشعر أن المسلمين الإنجليز أفضل مني بمئات المرات.

س: ما أدري إلى أي مدى تريد أن تواصل؟ [ خشيت أن يكون قد سئم من كثرة الأسئلة والإجابات عنها لطول الزمن، لأن الحوار عن طريق الترجمة يطول، فأحببت أن أجس نبضه، فإذا هو على استعداد في الاستمرار] استمر حديثنا حتى دخولك الإسلام.

ج: بقيت معهم أياماً، وكنت أصلى معهم، لكن كنت أتساءل وأقول: ماذا أصنع حتى أكون منهم ـ كلام في الشريط غير واضح ـ وفي بعض زياراتي سمعت أحداً يقرأ القرآن، فنزلت الدموع من عيني، لا أدري لماذا، وبعد ذلك خرجنا من المسجد ودخلنا السيارة وشعرت أنني حينئذ قد ودعت التضاربات إلى غير رجعة، وحينئذ التفتَ إليَّ صديقي وقال لي: إذا أردت أن تُسلِم فأنا عندي استعداد أن أرتب لك، وكان عرضه هذه كمن يعرض عليَّ الطعام.

نسيت أننا في الليلة التي سبقت ذلك قلت في نفسي: لا بد أن أقرر شيئاً، فإما أن أعود وخلاص [يعني يعود إلى حالته الأولى بدون إسلام] وإما أن أدخل الإسلام، وقررت أن أخرج وأدور وأتمشى قليلاً، ثم أقرر شيئاً، وخرجت ودرت قليلاً، ثم عدت ولم أقرر شيئاً، ثم عزمت أن أدخل (أي في الإسلام) والذي يحصل بعد ذلك يحصل، أي وليكن ما يكون.

والمهم أنني قلت لصاحبي: نعم. رتب لي اللقاء، ورتب لنا رسمياً اليوم الثاني أو الثالث، وهذا يذكرني الأخ عبد الصمد الذي يعمل معنا الآن في هيئة الإغاثة الإسلامية في بريطانيا، وكان أميراً للجماعة، فلما ذهبت إليه قال لي: علمت أنك تريد أن تُسلِم؟ قلت: مبادراً: نعم، وأسلمت، وقام المسلمون وسلموا عليَّ، وسألني أحد السريلانكيين قائلاً: لماذا أسلمت؟، فقلت: لا أدري، خاصة بعد أن سمعت الآية وبكيت أصبح خيار عدم الإسلام صعباً. س: ثم دخلتَ الإسلام؟ ج: نعم أسلمت.

س: كم كان عمرك عندما دخلت الإسلام ومتى أسلمت؟ ج: أسلمتُ عام 1979م وعمري عندئذ 18سنة [كلام غير واضح في الشريط].

س: لو طلبت منك أن تفكر قليلاً، ثم تحدثنا عن حالتك قبل الإسلام، وحالتك بعده، بم تشبه نفسك في الحالتين؟ ج: قبل الإسلام كنت كالحيوان المتوحش، وبعد الإسلام كالأليف.. لم يسعفني الوقت حتى أشبه نفسي بشيء أحسن من هذا، لكن أقول بإيجاز: بأنني قبل الإسلام كنت أعيش لغير هدف، وبعده أصبحت أعيش لهدف، أعمل للآخرة، وأصبح كل شيء يصب في هذا الهدف.

س: كيف كان موقف أسرتك منك قبل الإسلام؟ وكيف موقفهم منك بعد أن أسلمت؟ ج: والداي لم يكونا يعرفان الصراع الذي حصل لي قبل أن أدخل في الإسلام، وظنا أن ذلك حصل لي فجأة بدون مقدمات، وقد قالت الوالدة: ما ترى أن فيه لك سعادة فافعله، وقال الوالد: هذا قرارك، وكنتُ أود لو أكملت الدراسة أولاً.

س: هل تعتقد أن الأوربيين لو فهموا الإسلام كما فهمتَه يدخلون فيه؟ ج: قد دخل في الإسلام أمثالي كثير، وهناك من هم بالطريق إلى الإسلام.

س: هل هناك من فهم الإسلام كما فهمتَه ورفضَه؟ ج: [...كلام غير واضح].. يعني كما ذكر القرآن..
س: ما هي الموضوعات الإسلامية التي تظن أنها تؤثر في الأوربيين أكثر من غيرها؟ ج: هناك أسباب كثيرة، أهمها القدوة الحسنة، وأذكر أن الأخ حسناً تأثر بالأتراك بسبب ذلك، وتأثر أبي بالمسلمين حين رآهم يأكلون سواسية، وهذا غير موجود في أوربا، وقد يؤثر في الشخص ما يجده من أن الإسلام قد سبق العلم الحديث فيما توصل إليه من قوانين في تخصصه مثلاً.

س: يعني أن كل واحد قد يتأثر بشيء؟ ج: نعم.

س: هل يهتم المسلمون الوافدون من الشعوب الإسلامية بالذين يدخلون في الإسلام في بريطانيا؟

ج: أولاً: ينبغي أن يعلم أن الإسلام هو اختيار الله لعبده، وأنه لا ينبغي أن ينتظر جزاءً من أحد، وأما المعاملة من المسلمين الأصليين ـ يقصد القدامى ـ فإنه بقدر ما يكون المسلم متمسكاً بإسلامه تمسكاً صحيحاً، فإن معاملته لإخوانه تكون معاملة كريمة، والعكس بالعكس، أعني أن اختلافهم في معاملاتهم يرجع إلى درجة التزامهم بالإسلام، وقد شكا لي بعض المسلمين الجدد من أن معاملة إخوانهم المسلمين، لم تكن بالدرجة التي ينبغي أن تكون، لكن المسلمين في الشعوب الإسلامية لمسنا منهم معاملة حسنة وترحاباً، لمست ذلك خلال زيارتي لباكستان، ولعل المسلمين الذين هاجروا إلى أوربا تأثروا بالأوربيين وحياة الأوربيين.

[لقد ذكر الأخ عبد الشكور قاعدة عظيمة، هي أساس تعامل المسلم مع المسلم ـ بل تعامله مع غيره أيضاً ـ وهي أن حسن معاملة المسلم تكون بقدر تمسكه بالإسلام، ويبدو من كلام الأخ عبد الشكور أنه لا يريد أن يجرح مشاعر إخوانه المسلمين غير الأوربيين، ولذلك عزا تقصير من قصر منهم إلى تأثره بالأوربيين، مع ثنائه على المسلمين في الشعوب الإسلامية.

ولا بد هنا من الإشارة إلى أمرين:
الأمر الأول: جرت العادة أن الغرباء هم الذين يحتاجون إلى أهل البلد، وأهل البلد هم الذين يساعدون الغرباء في الأصل، ولكن الحالة هنا تنعكس عندما يدخل الأوربي في الإسلام، لأنه يصبح غريباً بين أسرته ومجتمعه، وكثيراً ما ينبذه حتى أصدقاء العمل والدراسة والشباب، ولذلك يحتاج إلى رعاية، كاليتيم الذي فقد أبويه ولا قريب ولا وصي له.

الأمر الثاني: أن كثيراً ممن دخلوا في الإسلام يشكون شكاوى مرة من عدم اهتمام إخوانهم المسلمين الوافدين بهم. [ويمكن من أراد معرفة شيء من ذلك أن يراجع كتابنا: حوارات مع مسلمين أوربيين]
وهناك أسئلة أخرى أجاب عنها الأخ عبد الشكور، ولكنها ليست واضحة في شريط التسجيل (كاسيت) ولكنها ليست كثيرة. [لم أكتب كلام الأخ عبد الشكور أثناء الحوار، بل سجلته في شريط (كاسيت) حرصاً مني على الاستماع لما يقول ومحاورتي له].






السابق

الفهرس

التالي


15251349

عداد الصفحات العام

143

عداد الصفحات اليومي

جقوق الطبع محفوظة لموقع الروضة الإسلامي 1444هـ - 2023م